مرت سنتان...
نسي خلالها براين طعم الحرية، وفقد فيها كل شعور حلو قد يجعله راغبا بالتمسك بالحياة. غادره كل ما اعتقد أنه دائم له ذات مرة، الشعور المنعش لرياح الشرق الباردة، المذاق الطيب للأكل الطازج، والدفئ الحنون لحضن والدته.
احتُجِز داخل سجن عسكري في زنزانة نسخة طبق الأصل عن الغرفة التي عاش فيها مع والدته، لكن دون أنيس ودون أغطية نظيفة ودافئة وأغراض ملونة هذه المرة... إضافة لحصص استجواب مستمرة ومفاجئة تنتهي بتعذيب شديد.
وكله بسبب تلك المخطوطة التي لم تنفعه في حياته يوما. لولاها، لتم بيعه في سوق السحرة فقط أو قتله وتخليصه من هذه الحياة كاملة، وهو لا يمانع ذلك إطلاقا... ليس متمسكا بالحياة وليس يريد حقا العيش، لكن الحياة هي المتمسكة به.
فيوم رفض الاعتراف بشيء للجنرال، ضربه حتى كسّر كل عظمة في جسده! فرأى براين من الموت مصيرا له لا محالة! لكن ومن غرابة الصدف... استيقظ داخله سحر ثانٍ.
السّحر الذي لطالما تمنّته والدته، وتمناه هو لإنقاذ والدته، لبّى النداء أخيرا وظهر لا ليحقق شيئا سوى انقاذ براين بعدما تمنى وتقبل ورغب في الموت!
بالتفكير في ذلك، ارتفع طرف شفتيه استهزاءً من وضعه. هنالك طوق حول عنقه، وهو طوق يُتعِبه جسديا ويُعطِّل قدراته السّحرية... أو هذا ما يجب أن يكون قد حصل، فحتى الطوق الذي طمس تماما على سحره الرئيسي، عجز أمام هذا السّحر الثاني الذي ظهر فجأة، والذي من المفترض أن يكون أضعف.
لكن هل كان ذلك يساعد براين؟... قليلا، قليلا فقط مقابل الكارثة التي وقع فيها بسببه. إذ كلما عاد الجنرال ووجد براين سليما معافى من إصاباته وجروحه، يزيد يقينا أن الفتى يخفي سرا متعلقا بعائلته... وبراين ليس يعلم عنهم شيئا سوى أن لقبهم هوستيال، وهم سحرة شفاء.
وبسبب ذلك الشك والإيمان أنه يصمت عن سر عجيب، لازال براين يتعرض للتعذيب المتمثل في الضرب أو الجلد، ثم يُشفى وحده، ثم يتكرر الأمر. ومهما قال يرفضون إطلاق صراحه، كذلك هو يعلم أنهم لن يُخلوا سبيله طالما لازالوا لا يفهمون كيف يفتحون تلك المخطوطة.
لقد أخذوها من منزله، لكن تبيّن أنّ فتحها مستحيل بسبب السّحر الذي يُحيطها، والذي كان يلسع وأحيانا يحرق كل يد تتطفّل لفتحها بالقوة. فعلم الجنرال أنها لن تُفتح إلا بطريقة خاصة.. وكل أقوياء وعباقرة بيانكوسيغلا فشلوا في التعرف على هذه الطريقة.
فما بقي أمامهم سوى حل وحيد ... براين.
براين يقول أنه لا يعرف، وهم يصرون أنه يعرف... وحتى السّحرة القادرون على التقاط الكذب في الحديث قالوا أن براين يعرف، لكن يكذب! ومع ذلك براين لا زال يقول أنه لا يعرف ولا فكرة لديه...
أنت تقرأ
أيها السحرة! احذروا الفرسان
Fantasyحتى بعدما أغرق الطوفان أرضهم، لم يستسلم البشر و عزموا على إقامة حضارة جديدة ، و حتى بعدما مُسخت الحيوانات، و زَحَفَت جُثَتُ ضحايا الطوفان من أعماق البحر، مبعوثين للحياة من جديد على شكل هياكل عظمية، متلهفين لسفك الدماء و إسقاط الأرواح، إلا أن البشر ل...