فلينت سُلِب كل أنفاسه بعد المشهد الذي حصل أمامه، لم يحرّك جسده قيد أنملة، ولم يشارك في الانقاذ عكس كلاي الذي ضحّى بنصله فألقاه بكلّ ما أوتي من قوة، ودار النصل بسرعة مهوّلة في الهواء حتى اصطدم بالماحق وأبعده عن أصغرهم..
والآن، بعد أن نجا إيرليس مؤقتا من الموت، بدأت أطراف فلينت بالارتعاش، جفّ حلقه وأصاب لسانه الشلل، لكن كلمة واحدة خرجت رغما عن كلّ جوارحه،"ه..هوب..يرت".
شحوب وجهه كأنه صار على أعتاب سكتة قلبية، وشعر أن تبادله النظارت مع هوبيرت تحدٍ مباشرٌ مع الموت، وأنه ارتكب جرائم كثيرة حتى صارت حقيقة وجوده على قيد الحياة جريمة..
وآخر ما كان ينقصه هو كلام هوبيرت فجأة، "تقف مكانك، وتشاهدُه يُذبَح؟".
شيء في صوت هوبيرت يكسر حتى أكثر الأعصاب هدوءا، وفلينت الذي كان في أقصى أطوار الرعب أطبق فمه بسرعة قبل أن يبدو اصطكاك أسنانه واضحا، وسارع بإنزال رأسه.
"قمامة، ثلاثتكم اغربوا عن وجهي".
نثر طرف ملابس إيرليس من يده وتقدّم صوب الماحق الضخم... لا أحد تجرأ على معارضته، لا إيرليس ولا فلينت. وكلاي كان العكس، "ما تزال متعجرفا كما دائما، لا سبب لي لأطيع أمرك وأرحل!".
الماحق الجديد لم يهاجم رغم أنه استعاد توازنه، بل انسحب نحو الماحقَيْن السَّاحِرَيْن، وهناك تبيّنت ضخامة حجمه الحقيقية، إذ أن طولهما كان لا يتعدى خصره.. ولم يردع ذلك هوبيرت الذي وقف مستعدا ورفع السيف أفقيا أمام وجهه، "افعل ما شئت".
لم يعطي كلاي ولا الآخرين اهتماما، ركّز عينيه على دراسة الماحق أمامه، وانتبه أن ميول جذعه راجع لضخامة ذراعيه المديدتين، فعلم أنها سلاحه المعتمد في القتال.
ولأجل أن الماحق لم يبادر بالهجوم، أقدم على خطوة لم يفعلها الأربعة قبله، وتحدّث إلى الماحق، "ماذا تريد؟ نحن لا نملك ساحرا معنا".
والشيء الجنوني حقا أن الماحق الضخم ردّ عليه، "لا...ساحر... أضحية.. أنتم".
سماع صوتٍ يخرج من فمه دون أن يحرّكه كان أكثر إرعابا من منظره الخارجي، كأن المسخ يبتلع انسانا يختنق داخله!
"إذن لا مجال غير القتال"، لحظة ضغط هوبيرت بقدمه على الأرض، ومال للأمام للانطلاق بسيفه، سمع اصواتا صادرة من الثقب الأرضي خلفه..
لم يلتفت، لم ينظر لانظمام ماحقين جدد ينبعثون من الهوّة، ترك أمرهم لأيا كان من سيبقى خلفه، وهو انطلق صوب أضخمهم، من يبدو كقائد لهم!
إيرليس بسرعة نهض، مسح الدم عن وجهه ولم يأبه لنزيف جرح عنقه، عاد خطوتين للخلف وأخذ يُحصي أعداد الماحقين وأحجامها بسرعة.
"خمسة... يا رباه"، تمتم كلاي لنفسه، دون سلاحه فرصه للقتال تنخفض أكثر، لكنه لن يجلس مكتوف الأيدي! هو فارس، وقوة لكماته وركلاته لابدّ أن تملك تأثيرا.
أنت تقرأ
أيها السحرة! احذروا الفرسان
Fantasiaحتى بعدما أغرق الطوفان أرضهم، لم يستسلم البشر و عزموا على إقامة حضارة جديدة ، و حتى بعدما مُسخت الحيوانات، و زَحَفَت جُثَتُ ضحايا الطوفان من أعماق البحر، مبعوثين للحياة من جديد على شكل هياكل عظمية، متلهفين لسفك الدماء و إسقاط الأرواح، إلا أن البشر ل...