الفصل الثاني والسبعون: لحن البساطة السعيدة.

2.3K 345 426
                                    

وسط قعر الظلمة يوداليت كان جالسا، النافذة الصغيرة فوق رأسه تبعث بعض الضوء المقترض من القمر، وذلك لم يكفي لطرد الظلام عن الأركان المحيطة به.

على الأقل يدري أنه في غرفة، ومن سوء المنقلب كانت الغرفة كوخا في المخيم.

تم جره رغما عنه عودة للمكان الذي هرب منه، وكما تنبّأ تماما، وجد هناك عشرات من الماحقين ينتظرون رئيسهم الجديد... والذي اتضح بشكل متوقع أنه نفسه الماحق الأحمر.

ولم يجرؤ أي مسخ منهم على الاقتراب منه أو لمسه بسوء، زعيمهم نهاهم عن ذلك وهم كانوا الأتباع الطائعين، فلبثوا أماكنهم يراقبون فتى من بني البشر يُجَرُّ خلف رأس جماعتهم في صمت مطبق.

ولا شيء مميز حصل بعدها، يوداليت احتُجٍز في الكوخ دون قيود ولا أبواب أو نوافذ موصدة، كأن الماحق كان متأكدا أن أقدام الفتى لن تجرؤ على حمله للهرب.

ورغم يقينه إلا أن الفضول كان ما يزال يساوره، فهو يعرف عن بني البشر الفزع والجزع كلما صادفهم موقف يهدد حياتهم. وهذا الفتى الذي اختاره ضحية لم يُظهر ردات فعل كالباقين من بني جنسه، بل وحتى بعدما صادف مسوخا ضخاما وشهد ميتة فظيعة لرفيقه، لا زال يُبدي من الهدوء ما أثار دهشة واستنكار الماحق الأحمر.

فلا عجب أنه اتخذ له مجلسا أسفل نفس النافذة، لكن خارج الكوخ. حيث صار ظهرا لظهر مع يوداليت، ولا يفصلهما سوى الجدار الخشبي القديم.

من ضخامة الماحق رأسه غطى النافذة وأزعج تدفق ضوء القمر، ورغم أن الغرفة ازدادت وجوما بظلامها، إلا أن يوداليت لازال لم يذرف الدمع على ما حل ببراين، ولم يكن ليفعل ذلك قريبا... أو حتى بعيدا.

وهو يرى الظل الواضح لرأس الماحق على الأرضية أمامه، فكّر كم أن براين كان ضحية غير محظوظة فقط. ثم فكر تاليا في كيف سيكون هو الشخص الذي يوصل أخبار الموت من جديد...

ذلك لأنه موقن، هو سينجو... حتى لو كان ضد أعتى المخلوقات شراسة، طالما يكون وحيدا، فهو سينجو.

"كيف علمتَ عن هدفنا بلقاء الأمير الحالي لهذه المملكة؟"

صوت غليظ يوجع الطبلة من قبحه قاطع سريان أفكاره. لقد عطّل قدرته على سماع ألحان الحياة خشية على رأسه من الصداع، لكن لا يبدو أن ذلك سيفلح وهذا الماحق قبيح شكلا ولحنا وصوتا!!

"ما الذي يفعله بشري مثلك في هذه الغابة حتى؟"، مجددا سأل الماحق وقد بدأ فضوله يلتهم صبره.

وقبل أن يفقد أعصابه، جاءه الرد من يوداليت. لكن ليس أجوبة، بل عرضا، "بما أنني ميت على كل حال، لم لا تخبرني عم حصل في أولدروين؟ أو عن سبب لقائك بالأمير؟"

كانت أسئلة جريئة، لكن الماحق استخلص بعض الأجوبة منها، فضحك فجأة، "أمرك غريب يا ابن البشر.. ما دمتَ قد سألت عن هذين الأمرين بالذات، فيبدو أنك كنت تتلصص على حوارنا!"

أيها السحرة! احذروا الفرسانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن