الفصل الستون: الخصام.

4.4K 338 945
                                    

أضاء البرق بسناه صفحة الغيوم المتكدّسة في الأعالي، فتلته قعقعة للرّعد هزّت أبراج السماوات و رواسي الأرض.


ثنائي أحدهما يعمي البصر و الآخر يزلزل طبلة الأذن. معا نزلا كالآفة تلك الليلة على العاصمة و أقلقا هدوءها المعتاد بعد ساعة الانتصاف الليلية.

أحيانا ما كانت تشغل العواصف الرعدية سماء كالتريس، لكن في تلك المملكة، لينا اعتادت دائما رفيقا إلى جانبها... سواء والداها، أو مربيّتها العزيزة، أو فتاة من خدم القصر.

أما في نيوسايبورغ فالأمر مختلف، إنها وحيدة...

الغرفة واسعة، بأفخم الأثاث مجهّزة، سريرها و غطاءها مريحان، لكن في لحظة كتلك فبماذا ستنفعها هذه الرفاهية؟

لم تستطع الخلود للنوم،  ليس لأن العاصفة الرعدية بالخارج أقلقتها، بل لأن ما كان على هاتفها أثار كل انتباهها و طرد النعاس بعيدا عن عينيها. 


في غرفة محادثات لتلاميذ المدرسة كانت تقرأ السائل الماضية. هي لا تدخل أبدا محادثاتهم إلا بعدما تتأكد من خلود الجميع للنوم،  و ذلك خجلا من أن ينتبهوا لوجودها. فلو حدّثها أحد، هي لن تعرف بماذا ستجيب و لا كيف ستقود حوارا ثابتاً مع الآخرين، إنها متأكدة أنها ستفسد كل شيء و تُحرج نفسها فقط..

حديث السّاعة كان كارثة المخيّم، الطلاب حول هذا الموضوع كانوا يتحدّثون. منهم من يتأسف على الموتى و منهم من لا ينفك يسأل النّاجين عما حصل...

الجميع كانوا يتحدّثون عن قوة ويليام و سَحَر و أليكس الجبّارة، الناجون ذكروا كيف أن هاؤلاء الثلاثة شنوا هجومًا عنيفا على الوحوش الغريبة حتى نجحوا بطردها بعيدا في النهاية..

طلاب المدرسة أخذوا يحاولون صنع نظريات حول ماهية هذه المخلوقات، منهم من أكّد أنها نوع من الكوليبس و منهم من قال أنها مخلوقات من الفضاء قادمة.  و لينا لم تركّز على حديثهم هذا إنما كانت تقرأ فقط الرسائل التي تتحدث عن أصدقائها، ويليام،  سَحَر،  أليكس،  راكان... و حتى يوداليت أيضا!

لكن لا أحد ذكر أمرها....


إن صدرها ضاق عند رؤيتها لكل أصدقائها يُذكَرون، بينما هي عوملة معاملة شبحية.. كأنه لا أحد انتبه لحضورها، كأنها لم تكن هناك أصلا.

و هي بالطبع تتفهم الأمر!  هي تدري أنها لم تقدّم مساعدة مهمة أبدا، لا قاتلت مثل ويليام و أليكس ، و لا تعاقدت مثل سَحَر، و لا استعملت سِحرها و أنقذت أحدا مثل يوداليت!

زمّت شفتيها بعدما انتكست عيناها، في النهاية أقفلت هاتفها و احتضنت ساقيها لصدرها.  هدير الرعد كان أقل ارتفاعا من صخب أفكارها، حول أنها لا تناسب بتاتا هذه المجموعة من الأصدقاء...

أيها السحرة! احذروا الفرسانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن