الفصل الثالث
جحر الشيطان
# ما زال للعشق بقيةقال رجل لذي النون وهو يعظ الناس: يا شيخ، ما الذي أصنع ؟ كلما وقفت على باب من أبواب المولى صرفني عنه قاطع المحن والبلوى. قال له: يا أخي، كن على باب مولاك كالصبي الصغير مع أمه، كلما ضربته أمه ترامى عليها، وكلما طردته، تقرّب إليها، فلا يزال كذلك حتى تضمه إليها.
تجمع كل آل الشرقاوي في المشفى في إنتظار أن يطمئنهم الطبيب على ملك، كان "حذيفة" يزرع الممر ذهابًا وآيابًا، القلق ينهش قلبه، يودُ أن يمر هذا الوقت سريعًا، ولكن كما العادة الوقت لا يمر على قلوب أنهكها الخوف من الفقد، قلوبٌ فارغة من كل شيء في أنتظار كلمة قد تُحييها وقد تميتها أيضًا وتدفنها تحت الثرى وهي حيةٌ تُرزق، وعلى المقعد أسندت "أسماء" رأسها على كتف سمر التي لُفت ذراعها حولها تبثُ لها السند علها تطمئن، الدموع لا ترقأ من عيناها، الزمن توقفت عقاربه على لحظة رؤية أبنتها هكذا، هل ستخرج حية؟ هل ستراها مرة آخرى؟ هل ستضمها لصدرها؟ هل ستعود لها ضحكتها وفرحة أيامها؟!
بجوارها كانت تجلس سجى وهي تحمل أبنتها أروى التي مشخصة العينين، منظر ملك لا يبرح مخيلتها كـ الوشم ظل في بالها لا يغادر.
ضم يوسف أحفادة لصدره كأن هكذا يطمئن قلبه أنهم بخير، بأمان، لقد عادوا، بجواره كان فيكتور يربط على كتفة يطمئنة، يُطيب خاطرة بأن ملك ستكون بخير.
أسندت خديجة رأسها إلى الجدار الموازي لغرفة العمليات التي بداخلها ملك، عمرو يحاوط كتفها، يحاول أن يروح عن نفسها، ولكن كيف؟
أما لمار فكانت تهز قدميها في توتر، تملك الهلع من فؤادها وسحقه، لا سيما كل أحفادها أغلى من ابناءها، لن تستطع هي على فُقد أحد آخر.
أسندت رأسها إلى الجدار خلفها، مغلقة العينين، مُحادثة نفسها في ألمٍ شديد بما ألَم بها :
- أشتاق إلى نفسي، أن أجدها، أجل نفسي القديمة التي تحيا في هدوء وراحة وليست حياة كلها قلق من الفقد والخذلان، ليست حياة يحوم حولها الموت وأنا أنتظر وأشاهد من يأخذ من احبتي قبلاً.
فتحت أجفانها على سماع صوت الطبيب الخارج من الغرفة، ليهرعوا جميعهم نحوه في ترقب فبادر الطبيب قائلًا بعينين تدور في وجوههم :
- الحمد لله الحالة بخير ولكن الجرح سبب مشكلة....
اذدردت أسماء لعابها وهي تسائلة :
- مـ .. مشكلة أيه؟
صوب الطبيب بصره عليها وهو يجيب :
- لقد فقدت النطق.. ولكن مع الوقت ممكن يعود لها ... أهم حاجة تحاولوا تنسوها اللي حصل، السلام عليكم.
انهى جملته مستأذنًا وهو يربت على كتف يوسف الذى تبسم له مفسحًا الطريق ليمر.
خر حذيفة ساجدًا يحمد ربه على نجاة طفلتة، بينما أنفجرت خديجة باكية في سعادة، أما أسماء فلم تستقبل كلام الطبيب برضا، شُلت أطرافها و وميضُ من الزكريات شع في مخيلتها وصدى صوت قرة عينها ضج في ذهنها في قوة، ألن تسمع صوت صغيرتها مجددًا؟
هل ستحرم من ضحكتها التي كانت تُزهر فؤادها.
أستدارت جالسة على المقعد بقلبٍ كظيمٌ يتلظى، لاحظ حذيفة ما حل بها كان قد أنتهى من سجودة لله، فأقبل نحوها، باسم الثغر، مشرق المحيا، وقال :
- حبيبتي ملك بخير قولي الحمد لله أن متصبتش بأزى وأنها جت في فُقد النطق بس.
ردت أسماء من خلف دموع عينيها وهي مطرقة في عدم إستيعاب:
- مش هسمع صوتها تاني!
مش هتناديلي بـ ماما!
مش هسمع ضحكتها، مش هتناديلي نلعب ونذاكر سوا.
ربط حذيفة على كفها الذي بين يديه، وقال وهو يضم رأسها إليه ملثمًا جبهتها :
- قولي الحمد لله هتخف مع الوقت بإذن الله وهترجع ضحكتها تنور دنيتنا اهم حاجة أنها بخير دلوقتي يا بنتي.
أقترب ياسين ضاممًا أياه يبثها بالرضا قدر المستطاع وألتف الجميع حولها ولم يذروها إلا حينما تبسمت ضاحكة في رضا.
أنت تقرأ
رواية "فتاة العمليات الخاصه" مكتمله
Actionترعرعت بين يديهِ ، كان هو كُل دُنيتها ، سراجُ حياتِها المنير ، هي العمياء التي لم تدر مِن الحياة إلا هو ، ليأتي القدر وينتشلها منه فـ تغداَ حياته ظلامًا بدونها ، عشق نشب منذ الصغر فرقه القدر ، فهل يجدها ؟ يجد تلك العمياء سالبت روعه ؟