الفصل الـ (23)
جحر الشيطان ج3فرحته في تلك اللحظة لا تعادلها أية فرحةٌ في الوجود.
وحق له أن يفرح عائلته بجانبه فخورة بنجاحه وأن كان بغير معنى، غير مهمّا، وإن كان تافهًا يظنه البعض، ففي قرارةُ نفسه يعلم إنه أكثر الناس حظًا.
ألقى نظرة سريعة تجاه " ملك"التي لوحت له بوجهُا أبلج فـ أذداد حماسه وخرج من الملعب ليلتقي بفريقه وراح يمسح العرق عن وجهه ورقبته بمشفة صغيرة؛ ومع بداية الشوط الثاني كان يتأهب راكضًا إلى الملعب وهو يحرك رأسه يمنه ويسر وانخرط في اللعب..
الذي دام لـ 45 دقيقة أنبلجت عن فوزه هو وفريقه، فـ انطلقت صيحات الفرح من الأفواه وتقدم مالك راكضّا يهنأه بكل فخر وسعادة، وعانق الفتيات بعضهما، وبعدما أستلم الجائزة برفقة فريقة ومدربه أقبل "مُعاذ" من الفتيات فحضنته "لمياء" وهي تهنئة وهنأه باقي الفتيات، فقال متبسمًا :
- هغير هدومي وهعزمكم انهاردة، إشطا؟
- إشطاط.
قالتها الفتيات جملةّ واحدة فضحك معاذ متمتمّا :
- مصطحلجية.
قضوا وقتًا لطيف سويًا حتى عادوا جميعهم المنزل وتفرقن.
إستمع معاذ طرقٍ على باب غرفته فـ أذن للطارق فظهرت لمياء ممسكة بهدية متبرُزة ودلفت قائله :
- في حد باعت لك هدية معايا!
- مين؟
بمكر همست لمياء متلاعبة :
- احذر كدا!
اعتدل معاذ في جلسته وسئل في ترقب :
- ملك؟!
فغمزة له لمياء وهي تمد له الهدية الملفوفة قائلة :
- ايون هي.
تناولها منها معاذ في لهفة وطردها من غرفته، فخرجت ساخطة وهي تتمتم بكلماتٍ غير مفهومة، حملق في الهدية بمشاعر متضاربة ما بين اللهفة والزهول.
ملك .. أرسلت له هدية!
وبين يديه الآن!
إن مات من شدة فرحته فلا يلومه احد!
هل يمكن للشخص أن يموت من الفرحة!؟
نعم يُمكن حين تبلغ السعادة لذروتها ويخفق القلب دون هوادة.
شرع يفك الربطة بدقات قلبٌ متسارعة يخامرها التوتر، شهق ما أن تراءت له لوحة مرسومًا هو بداخلها بملابس هوايته المفضلة السروال القصير والتشرت ذو النصف كُم، يقف على ارضية الملعب ذو اللون الأخضر وأسفل قدمه اليمنه الكورة ذات الون الأبيض والأسود، يقسم ان الرسمة قد خطفت قلبه من إبداع تصميمها، وكإنه فجاة تجسد في اللوحة أمامه.
أنامله تلقائيًا راحت تتلامس اللوحة التي رُسمت بأناملها، هل احب اللوحة لأنه مرسومًا بها، أم لأن أناملها خُطت عليها.
دقق النظر وهو يرفع اللوحة إلى وجهه لعبارة قد كُتبت في أعلاها لا تتراءى إلا عن قُرب
" هو شخصٌ جعلني أحبُ تلك البلايا إن كان هو عوضها، وجبرها
شخصٌ جعلني أحبُ نفسي لإني آراها في عينيه على هيئة ملاك
شخصٌ يفهمني حين لا افهمُ نفسي
شخصٌ لا يخذلني وإن خذلتُ نفسي وخذلني الجميع "
رفرفت أهدابه في مشاعر شتى وهو يعيد قراءة الكلمات بتواتر جم.
عوضها وجبرها .. هو أما إنه يقرأ خطئ وثمة شيء لا يفهمه.
ملك حبيبة القلب تعتبره عوضها وجبرها؟
تبسم في سعادة وشرود وتسائل في نفسه " لماذا كتبت الكلمات بحروفٌ باهتة ولو إنه لا يهتم بها وكل تفاصيلها لم استرعت انتباهه!
تردد أن يكلمها حتى حسم الأمر وأمسك الهاتف ليدخل على تطبيق ( الواتساب ) وقبل أن يراسالها، ذهب إلى الحالة فدق قلبه طبولًا وهو يرى حاله لها توًا قد شيرتها فضغط عليها ليرآها، وفي نهم كانت عيناه تأكل الكلمات آكلًا إذ كانت.
" حبيبًا هو رغمًا عن قلبي وروحي و وجداني، رغمًا عن العالم ونفسي والجميع يبقى ملاذي الآمان، وملجأي الذي لا يخيب، وسندي الذي لا ينكسر ولا يغيب، يبقى أبي الثاني وحبي الوحيد وأكثر من يعلم بيّ، هو؟ هو الحياة التي لا تحلو إلا به "
لا إراديًا وجد اصابعه ترد على الحالة مرسلًا " مين ده "
وقد كانت متصلة لتتفاجأ بإشعار رسالته الذي جعل وجيب قلبها يذادد والدهشة تحتل ملامحها
هذه اول مرة يرسل لها! ألم تعجبه اللوحة؟
لترد على رسالته مجيبة بمراوغة:
- عادي مجرد خاطرة راودتني!
فـ رد دون اقتناع :
- والله!؟
- عجبتك الهدية؟
سئلت في ترقب واهتمام، فشرد لمدة قصيرة متبسمًا وهو يردد كلماتها التي حفظها وحُفرت في قلبه، حين طال انتظاره توجست خفية فعبثت اناملها الرقيقة مرسلةً له بدمعتين تترقرقيين في عينيها
- معحبتكش؟
استلقى على الفراش في نشوة وهو يُرسل لها ببريق ضوى في عينيه :
- عجبتني! أي حاجة منك بتعجبني أصلًا فما بالك بهدية تصممت من أيدك وسهرت عليها عينك وقدمها قلبك بس سؤال مهم ....
ارسل رسالته وتعمد ان يتركها دون تتمة فحين فاض بها الانتظار كتبت
هاا، سؤال إي؟
- أنا عوضك وجبرك؟
أرسلها في تعجل حتى لا يتردد فإذا بها تتسع عينيها وهي تقرأها في صدمة ..
كيف له ان يقرأ ما كتبت وهي قد تعمدت كتابتها بطريقة غير مقرؤه؟
لكنها التزمت الصمت لردحًا من الزمن تحدق في الرسالة مبهوتة واخيرًا ارسلت منهية الموضوع وهي تدعوا بإن يكون خرج من الشات
- طولت الكلام معاك مينفعش هروح اشوف البنات عشان بنروق الشقة عشان خالوا انس جاي.
امنيتها ذهبت ادراج الريح وهو يقرأ الرسالة فور وصولها وظهر لها ( يكتب) فتحرجت ان تخرج من الشات قبل ان تعلم ما يكتبه فما هي إلا دقائق و وصلت رسالة التي كانت عبارة عن
- مش عاوزة تجاوبي؟ تمام .. روحي دلوقتي بس هعرف!
أغلقت جوالها فورًا والحزن ظلل عينيها ودمعتين سالتين على وجهها بكل الم يعتمل صدرها ... مقهورة هي مقهورة حقًا وذكرى أليمة لا بُد منها ولا فرار مارت في قلبها.
لحظات قلائل وكانت تستعيد رباطة جآشها وتزيح دمعاتها مبتسمة كأنها لا تحمل همًا لكن القلوب فيها ما لا يُرى بالعين.
كان ما ظل ممسك هاتفه لم يخرج من الشات على امل ان تجيبه فزفر زفرة عميقة في بطئءٍ وهدوءٍ، أخرجت ما يعتمل صدره من توتر وضيق، خرج أخيرًا ليجد حالة منها جديدًا للتو شُيرت ففتحها دون تأنى فإذا بها كلماتٌ حزينة أوجعت قلبه وأذاقتهُ مرارة ألمها .
" لقد دُفن فؤادي وما به من كل جميلٌ ورائع، من كل الأفراح والأتراح، لم بتبقى ليّ إلا الوجع فلما الحلم؟ فـ الأحلام لا تتحقق لا ضير لقد تعودت أهلًا بالأحزان أهلًا للجحيم الآتي سأستقبله بكل رحب عسى الله يرحمني من العذاب الآتي "
عذاب آتي؟ جحيم قادم؟ ماذا تقصد تلك البلهاء؟ تبًا للحواجز التي بُنت بينهما فلم يعد قريبًا منها كما كانوا وهم صغار.
حبيبته تتألم من امر لا يعلمه!
ملاكه تتوجع وهو لن يسمح بهذا!
ملاك قلبه تلك الساكنة في فؤاده يحيطها بعينيه لا يمكن أن تتوجع وهو يشاهد.
سيمتص كل الأوجاع أن حاولت التقرب منها سيحملها هو لكن محال أن يستطع رؤياها تتوجع.
أنت تقرأ
رواية "فتاة العمليات الخاصه" مكتمله
Aksiترعرعت بين يديهِ ، كان هو كُل دُنيتها ، سراجُ حياتِها المنير ، هي العمياء التي لم تدر مِن الحياة إلا هو ، ليأتي القدر وينتشلها منه فـ تغداَ حياته ظلامًا بدونها ، عشق نشب منذ الصغر فرقه القدر ، فهل يجدها ؟ يجد تلك العمياء سالبت روعه ؟