الفصل السابع
جحر الشيطان
ما زال للعشق بقيةمتى تضحك لنا الحياة ؟
أُسدلت الشمس تغمر بدفأها الأرجاء ، تشرق الحياة بنورٍ جديد لبداية جديدة مبددةً معها هموم الجميع ، أنارت بأمل جديد على قلوب الجميع ألا هُم ، لم تشفق لقلب فيكتور الذي كَدَرتُ أيامه ، وخيم الظلام قلبه فلم تعد الشمس تشرق ولا القمر يضيء كانهم سيضحون على خصام معه ، بوجهًا باهت وعينان متقرحتان وصوتٌ تمزقت أحباله وجسدٌ فقد قوته فبات هشًا ، ما زال جسد يوسف قابعًا بين ذراعيه ، إلى صدرة في قلبه ، يُسند برأسه على رأسه كأنهم لوحة بديعة تعبر عما يكنهُ ، منهم من ذهب للمشفى ليقفوا مع سجى بقلبٌ فاقد للحياة ، بينما المداهمة التي شُنت على وكر الأرهاب بتخطيط ممن خسرت توًا اخيها أُنتصرت وتم القبض عليهم.....
بالمشفى تنهد ياسين في قلق وهو يجوب أمام غرفة العمليات في قلق ، وعلى المقعد جلس أدهم مسند رأسه إلى الجدار مطبقًا جفنيه في وهن مداريًا ألمه ، بجواره مكه وسمر.
فُتح الباب ليهرع ياسين إلى الممرضة التي خرجت بطفلًا صغير بين ذراعيها وبسمة مشرقة على ثغرها ، فتلألأ ثغر ياسين ببسمة وتسللت الدمعات متوارية متنحنًا وهو يمد كفيه بقلبٌ خافق، فناولته الممرضة الرضيع هامسة في فرحة :
( ولد ، مُبارك ربنا يجعله ذرية صالحة عليكم )
ضمه ياسين لصدره ولم يتمالك دموعه فبكى موليًا ظهره ، هو متيقنًا يقينٌ تام في عوض الله وفرجه لكن أن يأتي بهذه السرعة ؟
مرطبًا قلبه لهو شيءٌ مُحال، لكن ما المحال ؟ وهو الحنان المنان.
ضحك بخفوت من بين دموعه مهمهمًا :
( يوسف ، هسميك يوسف )
دنت الممرضة لتاخذه وهي تقول :
( لو سمحت هات الطفل انا جبتهولك زي ما طلبت بس لازم يدخل الحضانة عشان نازل في السابع)
اومأ ياسين وهو يناوله لها برفق وتساءل في لهفة :
( سجى .. سجى عاملة ايه ؟)
ردت الممرضة ببسمة :
( بخير ، تقدر تشوفها دلوقتي )
اومأ برأسه وهو يتلفت حوله كـ التائهه فربت ادهم على كتفه قائلًا :
( خد البنات وروح اطمن على سجى وانا هروح مع يوسف الصغير)
امتثل ياسين له دون وعي وتوجه للغرفة ليطمئن على ملكة قلبه.🏵 لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين 🏵
بعد مراسم الدفن وتفرُق الجمع أفترش فيكتور الأرض بحالة لا يرثى له ينعي قلبه الميت، تقابله لمار لا تقل حاله عنه بينما رحل الجميع حين أصرُوا على ذلك ، لقد سقطَ الإثنيين في هوة الفراق ، وهذا حال كل مرء أتخذ من شخصٍ واحد الحياة ، فإذ فقده فقد نفسه وبقَ جسدٌ دون روح فـ إنتظار أن يتوارى أسفل الثرى.
الحزن كلمة خفيفة النطق، مضمونها صعب، و واقعها أليم.
بملامح باهتة وكفٌ يلامس المقبرة بوهن ومضت بذهنها آخر نظرة وداع للحبيب الراحل فتهدج صوتها وشهقت باكية تهمس بنبرة تقطع نياط القلب :
( لا تقل وداعًا أبدًا، بل قُل إلى اللقاء، لأننا حتمًا سنلتقي، أن لم يكن هُنا فهناك في الفردوس الأعلى يا يوسف)
علا نحيبها وهي تغط وجهها في كفيها، تراودها جسمان أخيها قبل أن يهديها نظرة الوداع.
ما ان دوى نحيبها مجددًا حتى أنفجر فيكتور باكيًا لماذا عليه أن يُعذب فيمن أحب؟ كان يوسف عائلته حينما كان وحيدًا ، لذا مات قلبه وفارقته روحه، كان في الدنيا معًا فهل سيكونا في الآخرى؟
وفي ثنايا أنهماكهما صُدح صوت خديجة تقول بوله وهي تضع كفها على كتف لمار :
( كفاية عياط )
ضغط على شفتيها وهي تغلق جفنيه باكية لا تدرِ هل تواسيهم ام تواسي نفسها ، فـ الفراق صعب للغاية مؤلم شديد الألم يُفقدنا الحياة.
امتزج بكاءهم لدقائق قبل ان تربع خديجة ساقيها أسفلها وترفع المصحف قائلة بقوة :
( كفاية عياط دلوقتي يوسف محتاج لدعواتنا هو عند الرحمن دلوقتي )
وعلى كلمات خديجة رن بذهن فيكتور كلمات يوسف ذات يوم :
( لما اموت مش عاوز حد يبكي عليَّ لو بتحبوني هتدعولي وتسئلوا الله ليا الرحمة وطلعوا صدقة )
فزاح دمعهُ بعصبية وهو يطالع ذاته مستغربًا كيف استحواذ الحزن عليه حتى نسى ان يدعوا لتؤم روحه ، فامر لمار ان تكف عن البكاء وهو يؤكد كلمات خديجة التي بدأت في تلو القرآن لتضع لمار رأسها على كتفها ، فـ احتوتها خديجة بذراعها ملثمة جبهتها.
أنت تقرأ
رواية "فتاة العمليات الخاصه" مكتمله
Acciónترعرعت بين يديهِ ، كان هو كُل دُنيتها ، سراجُ حياتِها المنير ، هي العمياء التي لم تدر مِن الحياة إلا هو ، ليأتي القدر وينتشلها منه فـ تغداَ حياته ظلامًا بدونها ، عشق نشب منذ الصغر فرقه القدر ، فهل يجدها ؟ يجد تلك العمياء سالبت روعه ؟