جحر الشيطان ج3 ح24

1K 69 48
                                    

الفصل الـ (24)
جحر الشيطان
إهداء:
إلى التي رزقني الله حُبها و وجودها (روح دودو) ذاك الرزق الذي اخشى أن يُحرمني الله منه، أدامك الله لقلبي كُلُ الحياة، واسئله أن يجمعني بكِ في جنته فنكونا في الفردوس معًا، وأن يجمعني بكِ في دنيته وأراكِ يا من أصبحتِ بدرًا ينير عتمتي، وسكنًا لقلبي، وطمأنينة لأيامي، أقسم لكِ بأني أحببت هذه الرواية حبًا جمًا لأنها رزقتني بكِ قارئةً فصديقةً واختًا وحبيبةً وسندًا وأمانًا، لا أجد كلمات توصف ما بداخلي حقًا، فـ الحروف قد انحسرت لكني اعلم بأنك تعلمين مقدار حبي لكِ، ربما عيد مولدي لكنه أظنه عيد عوضي بكِ من الرحمن كل عام وأنا بكِ بخير  ، شكرًا لأنك هدية ربنا ليا، شكرًا إنك فرحتيني فرحة متتوصفش بجد شكرًا لأنك نورتي وأبهجتِ قلبي.
قُلت بما أن أنهاردة عيد ميلاد اعيد عليكم بفصل سريع كدا، عشان تقولولي كل سنة وانتِ طيبة.
أسيبكم مع الفصل بقا..........

لم يستطع الإنتظار، فقد كان الوقت ثقيلًا على قلبه الذي أجج الحنين صدره، صدره الذي طفق يمور بالاضطراب والقلق، ليلة كاملة لم تهنأ عيناه بنوم يهاب أن يغمض عينيه منجليًا أن كل شيء حلمًا، الأرق والسهد بلغ منه منتهاه، ولم يكتحل فؤاده براحة ولا لُبه من التفكير كل حواسه وجوارحهُ مُستيقظةً.
سيرى والدته! والدته التي تخلت عنه!
جدته التي شاركتها في كل شيء!
هل حُرم من أخته و والده بسببهما؟
ألم يهن عليهما جُزءً من نفسهما؟
أم إن قلوبهم قاسية صلبه كـ الحِجارة أو أشد صلابة مِنها!
سينتقم منهما حقًا! نعم سينتقم عن كل ألم مر به!
عن كل كلمة كانت سمًا سرت بأوردتهُ ففطرت روحه!
عن كل حلمٍ تمناه ولم يُبلغه!
عن كُل لقمة دخلت جوفه متلوثه!
عن كل ليلة مرت عليهِ وهو يرتجف بردًا لا يجد مكانًا يأويه!
عن هيامه في دمس الليل وحيدًا وسط وحوش الليل التي لا تعرف الرحمة، لا تعرف كبيرًا او صغير.
عن أيام مرت عليه كان أدنى ما يتمناه النوم لدقائق لكن الخوف كان حائلًا، عن بطنه التي كانت تكركر من شدة الجوع ولا تجد ما يسدُ الرمق، عن كل ساعة مرت وهو ظمآن لشربة ماء فلا يجد!
سينتقم ممن حرمُه كل هذا، ومن احرقوا والده!
لكن  .. لماذا هذا الشوق يغمره؟
لماذا لا يستطع الأنتظار؟
ترآها تفرح إذ علمت إنه على قيد الحياة لم يمت؟
هل ينفجر ويحاسبها فور رؤيتها؟
لم ينتظر ما أن وصل إلى أرض القاهرة وذهب إلى أقرب فندق قريبًا من منزل آل الشرقاوي وحجز غرفة فيها له ولـ ناردين التي أبى تركها بمفردها.
" أين ستذهب، ألا ترى الجو بالخارج؟ "
قالتها ناردين إلى جان الذي يتهيئ للخروج، عيناه الزائغة باللهفة ألقت نظرة عبر الزُجاج إلى المطر المنهمر وأجاب بهزة من رأسه  :
- عمل مهم يا حبيبتي، لن أتأخر.
في جزع هتفت ناردين:
- جان، بالله عليك وهل هذا جو يخرج المرء فيه؟ ثُم ألا تستريح أولًا للتو وصلنا.
ثُم بضيق غمغمت  :
- على ما يبدوا إن أرض القاهرة لا ترحب بنا ما أن وطأت قدمينا أرَاضيها وقد اضطرب جوها!
- ولماذا لا تكون تستقبلنا؟ تستقبل الغائب بعد طول انتظار! تشارك الميت رجوعه للحياة.
كلماتهُ المُبهمة لم تفقه دارين مِنها بشيء، بينما قبل جان جبهتها قائلًا بعجل  :
- ساتركك ولن أغيب هذا وعد وسأنتبه لنفسي لا يمكنني الانتظار، لا يمكنني!
قال جملته بلوعة حنين طفى في عينيه وغادر مسرعًا غير عابئ بنداءها؛ لم يعر جان المطر ولا الجو الساقع أدنى اهتمام كل همه كان في اللقاء كيف سيكون!
ورغم وقوفه لوقتٍ طويل حتى وجد سيارة أجرة تقله إلى المكان المبتغي لم يمل ولم يكل كل ما يُشغل خُلده جم ما علمه منذُ عدت أيام قلائل بالتحديد يوم إنقاذ ناردين ولقاءه هو وآجار وبينما هو في منزل ذاك الرجل " ماهر" إذ حضر آجار فخرج إليه لا يبتغي خيرًا والشرر يتطاير من عينيه، ركضت خطواته بقلبٍ خافق بالقلق نحوه ولكمة فجأة لكمة إرتد علىٰ أثرها آجار للخلف خطوتين وقبل ان يتمالك نفسه كان جان يهجم عليه صارخًا فيهِ وهو يمسك بياقتيّ ملابسه  :
- بسببك يا هذا بسببك كدت أفقد رفيقتي الوحيدة بل دنيتي اتعلم من تكون هي ليّ؟ هي الوحيدة التي املك في هذه الحياة! بسببك كرهت هذا الوجه الذي امتلكه ليتتني لم التقيك ولم أعرفك، ليتك تموت لنعيش في إطمئنان.
فصاح آجار بدوره، دافعًا إياه بعنف:
- ابتعد يا وغد عني وهل تظنني أن ليّ يد بهذا الشبه بيننا، أبله.
- معك حق ليس لك يد ولا ليّ، لذلك يجب على احدنا أن يموت.
تبسم آجار لهُ بسمةٍ خبيثة وهو يُردد في تهكم  :
- هل على قدر كلامك يا هذا، اتعلم من الذي أمامك؟
دار الشابين حول بعضهما بينما جان يقول  :
- من تكون؟! شاب مجرم يعيش على القتل والمتاجرة في السلاح والقتل...
هُنالك لم يتمالك آجار نفسه وهجم عليه وتراشقا بالأيدي اللكمات، وتبادلا الركلات، وسقطا فوق بعضهما على الأرض يجثم آجار بركبته على صدر جان والإثنيين يخنقا بعضهما بكلا الأصابع التي ألتفت حول العنق ودوى صوت كهزيم الرعد موقفًا المهزلة الدائرة بينهما  :
- كفى، توقفا، هل يقتل الأخ أخيه؟
تجمدت الأصابع على كلا العنقيّن، وتسمرت نظرات الشابين صوب ماهر الذي يتميز غيظًا، أبتعد آجار مزهولًا واعتدل واقفًا ليقفز جان بدوره واقفًا بجانبه، فدنا ماهر منهما قائلًا  :
- ما بكما يا ولديّ زين القاضي؟ إذ كان ابيكما ما زال على قيد الحياة لأُصيب بجلطة اودت بحياته إذ رآكما هكذا!
ثُم أشار بكفيه مردفًا بنبرة أجشة  :
- اقتلا بعضكما هيا وسأشاهد، هيا، هيا ما الذي اوقفكما اقتلا بعضكما.
وعلا صوته قائلًا بأعيُن متسعة وهو ينفث سمه كالأفعى  :
- واتركَ قاتل والدكما يتنعم دون أن يأخذ حقه، بل حارق والدكما، ألم يحرقوه يا هذا؟ أحرقوه بل الاحرى فجروه وكنتم ستلحقون به لولا إنه قبل الأنفجار ابطئ من سرعة القيادة وأخرجكما من داخلها.
خيم السكون بعد ما قال، وخفقت القلوب كأنها في سباق، وتلاحقت الأنفاس على أثرها، العيون تعلقت على ماهر كأنها تكذب ما يقول بينما تنفس ماهر في عمق ومسح كفه في وجهه كأنه أسف وحزين عما قال، وأردف بصوتٍ خافت كفيل ليصل إلى آذان الشابين الذاهلين  :
- لم أريد لكما أن تعرفا بمثل هذه الطريقة، لكن الحقيقة هيا إنكما أخوة ولحسن الحظ إن جمعكما القدر بعد طول غياب.
صوب بصره إلى جان مع استرساله  :
- بحثت عنك كثيرًا يا جان لم أجد لك أثر، لماذا هربت من دار الأيتام؟
ثُم شهق بحزنٌ وانهمر دمعه وقال وهو يحيط بوجهه  :
- أنا من وضعتك في دار الأيتام خوفًا عليك أن يقتلوك، وضعتك ودعست على قلبي الحزين أن أضعك في مثل هذا مكان لكنك هربت فجأة ولم أعرف كيف أصل لك.
- فيمَ تهذي يا هذا؟ هل أصابك مسٌ من الجن؟
قالها جان منفعلًا وهو يزيل بعنف كفايّ ماهر عن وجهه، فبادر ماهر قائلًا  :
- معك حق الا تصدق، والدتكما على قيد الحياة ومتزوجة الآن بمن تحبه، وبمن كان سببًا في موت والدكما!.
- ما هذه المسرحية التي تؤلفوها أنتما الأثنيّن؟!  أنا راحل.
قالها جان في عصبية وهو ينقل بصره على ماهر وآجار.
وما كاد يخطو حتى أوقفه ماهر قائلًا  :
- ألا تسمعُ ما عندي ثُم تُقرر.
فـ وقف جان ساكنًا لوهلة، ثُم أستدار له قائلًا ببسمة سخيفة  :
- دعنا من هذا وهات ما في نفسك، ماذا تريدا مني بالتحديد؟
هُنا والتفت له آجار صائحًا في غضب  :
- لماذا تدضعني في كلُ الأمور يا هذا؟  لماذا تظن أن ليّ يد في كل ما يحدث؟!
أجابه جان في تهكم وهو يعقد ساعديه  :
- يا لِبرائتك يا رجل! أذهلتني حقًا!.
- ألا تعملا ليّ أي احترام؟ أما إنكما لا ترياني بالأساس؟!
قالها ماهر في غيظ، فـرد عليه جان ساخرًا  :
- اوه وهل يحق هذا عيبٌ علينا، هات ما عندك اسمعك ولكن لا تطيلُ رجاءًا؛ أريدُ أن اغادر هذا المكان وادعوا الله ألا أركما مجددًا حتى لو في محض الصدفة.
وهتف هاتف يقبل من لدن الباب  :
- أظن يا حفيدا لمار الشرقاوي إنه قد حان الآوان لتعرفا من تكونا، قد لا تصدقا ماهر لكن ستصدقاني أنا لا ريب فـ أنا من أعيش أغلب الوقت معهم واعرف حقيقة الجميع في تلك العائلة.
إستدار الجميع إلى مصدرِ الصوت وتابعا الرجل المتقدم حتى دنا منهم وقال  :
- ألا نجلس لتسمعان ما عندي ثُم تقررا ما بدا لكما.
تبادلا جان وآجار النظر، وباغت جان آجار بسؤاله  :
- هل تصدق ما يقولان؟
أومأ آجار تلقائيًا ورد عليه على الفور  :
- بالطبع، ولِما لا؟ ماهر من انقذني وعالجني من الحريق. 
فُرسمت بسمة ساخرة على شفتي جان، وقال متهكمًا  :
- إنها مهزلة أقسم بذلك ولعبة منكم جميعًا، كيف ليتيم أن يصبح له عائلة هكذا فجأة هذا أمر مُريعٌ لا يُصدق.
شعر بكف ماهر يوضع على كتفه أعقبه صوته قائلًا  :
- لا تثريب عليك يا جان، أعلمُ ما تشعرُ به جيدًا الأمر يفوقُ التخيل، ولكن ألا تسمعني؟ ماذا ستخسر ان سمعتني؟!ولك حرية الأختيار فيمَ بعد.
أذعن له جان وأنصت وهو لا يكادُ يُصدق.
" بدأ الأمر حين انتقل أبيكما إلى هُنا لأجل توسيع عمله، وفي المقابل تعرفت والدتكما على طبيب يُسمى هيثم وأحبا بعضهما ولم يجد حلًا ليكونا معًا إلا قتل أبيكما وقتلكما معه، وفي ذاتَ يوم إذ علم زين بكل شيء من صديقه وقرر أن يحاسبها ويأخذكما ويعود إلى مصر إذ اتفقت عائشة امكما مع عشيقها هيثم لوضع قنبلة في السيارة ويتخصلوا منكم للأبد لكن لحسن الحظ أن والدكما قبل الأنفجار بدقائق اخركما من السيارة ليسقط وليد على رأسه بجروح بالغة ولصدفة القدر إني علمت بكل شيء وأتيت للمساعدة لكن كان قد فات الآوان ونقلتك يا آجار إلى المستشفى فقدنا إسلام لعدة ايام حتى وجدتك هائمًا على وجهك في الطرقات حينها أخذتك يا جان و وضعتك في دار الأيتام"
لوى جان شفتيه  متذمرًا وهو يقول ساخرًا  :
- يا للمأساة يا رجل إنها قصة مشوقة حقًا، لكنها لم تثير فضولي عذرًا سأغادر.
وَأَتَل من مكانه لكنه ما كان يبتعد إذ تسمر مكانه مع قول الرجل الآخر  :
- ربما تظنها قصة لكن أظن أنك تريد معرفة الأمر كاملًا ابحث عنه يمكنني أن أفيدك، أوَ تعلم لديك أختٌ جميلة يا هذا ألا تريد أن ترآها.
أُخت! هذه الكلمة تسللت إلى قلبُ جان كأنها أكمامُ الورد تفتحت في فؤاده فـ ازهرته.
هل يملك أخت حقًا؟ وعائلة بل والأحرى وأخيه بجانبه الآن..
لا ضير سيكتشف كل شيء.
لم يستمع لأي منهم مجددًا فقد أخذ ناردين وغادر، ومن توه راح يبحث عن ويستعلم عن حادثة الأنفجار وما ترتب عليها، عن زين القاضي وشركته، في دار الأيتام الذي عاش فيه فإذا به يتفاجأ بالمديرة تخبره إنه حين جاء لم يكن على لسانه إلا " بابا زين، ماما عائشة، تيتا لمار، خالتوا سجى، اروى"
ورغم إن الصدق خالط قلبه لم يتوان في البحث عن اي دليل قد يوصله إلى الحقيقة  وما أن قرأ ملف موت زين و والديه الذي جاء به ماهر يسلمه له، وإن الجاني غير معروف، هُنالك تأكد من كل شيء، واتصل بـ آجار ليلتقوا، كان اللقاء غريبًا إذ صافحا بعضهما بفتور رغم نطق العيون بالشوق، وجلسا في إحدى المطاعم، هُنالك سئل جان بأعيُن لامعة  :
- هل كنت تعلم كل شيء؟
أجابه آجار بإيماءه تبعها قوله  :
- أجل، ورأيت دارين وكنا معًا لفترة وجيزة، لكني لم اكن اعلم بك.
تهدج صوته مع استرسله  :
- لو كنت اعلم ما كنت لأتركك بعيدًا عني، كنا سنعيش سويًا لم اكن لـ أتخلى عنك.
-أختنا كيف كانت!
-جميلة، رائعة، وغبية.
قالها آجار ضاحكًا وأتمم  :
- في الأول لم أكن اعلم لكن حين أخبرني أراس علمت إنها أختي.
غشاهما الصمت لهنيهة، أسبل جان جفنيه مطرقًا رأسه، وقال  :
- هل تعلم كيف مرت حياتي السابقة؟ لقد عانيت كثيرًا، وتشردت أكثر.. لكني الآن أشعر  .. أشعر ان ليّ سند، ضلعًا أتكأ عليه وأنا مغمض العينين؛ هل، هل يتغير كل ذلك وافيق يومًا فلا أجدك.
رفع عينين دامعتين إلى آجار وفي اللحظة الأخرى كانا يقفان يتعانقان بقوة.
فاق جان من قوقعة أفكاره مع وصول السيارة لمبتغاة، فحاسب السائق وترجل واقفًا أسفل المطر المنهمر ودمعتين حبيستين تحررتا وهو يتطلع إلى المنزل غسلهما المطر فما يدرِ هل بكى حقًا، أم إن المطر قد هُيئ له ذلك، مؤلم ضعف الرجل، ذاك الضعف الذي يزعزع ثباتهم ويجعل أجسادهم وهنة عاجزة، بقى لوقت لا يعلم مداه وهو يقف مكانة عيناه لا تبرحان المنزل، حتى أغرقت ملابسه والماء راح ينهمر من كل مكان في جسده، وصوت ماهر كـالسيط يضرب أذنه "
ستنتقم، ستنتقم مع الجميع يا جان، ومن جدتك أولهم فهي من كانت سبب في كل ذلك "
لكنه لن ينتقم! لا يملك القدر على فعل ذلك!
لا ينبغي له بعد مل هذا الغياب ان ينتقم ويحرم منهم.
هو ليس بمجرم ولن يكون.
لم يؤذي أحدٍ قط، ولن يؤذي أبدًا.
اندفع إلى الباب وهو على شفا حفرة من الأنهيار يطرقة بعنف كمن يود نزعه والدخول، وأصبعه لا يترك الجرس، حتى فُتح الباب ورأى مالك أمامه جاحظ العينين يطالعه في صدمة كأن عاصفة هوجاء هلت فجأة كان هو؛ تجمع نفر خلف مالك يُطالعه بصدمه، فغمغم بنبرة صادقة والوجد يآكلُ قلبه  :
- أين أُمي، عائشة!
هُنالك تجلت الصدمة على وجوه الجميع، بينما عيناه باحثتان عن والدته وسط الوجوه، لم يستعب أحد ما يتفوه به، كإنه مجنونٌ يهزى، عيناه استقرت على دارين التي هتفت في لهفة  :
- آجار!
فرد عليها سريعًا  :
- بل جان وليس آجار.
وتبسم بحنين، وقال بلطف  :
- جان أخيكِ!
فإذا به تختفي خلف معاذ خائفةً، مصدُمة، وتكذبُه، ورنت إليه سجى تلمس وجهه فنظر لها بحب متمتًا  :
- خالتوا سجى.
فتقهقرت سجى للخلف وأسندها ياسين، لقد ظن الجميع بأن طامة كبرى قد حدثت وخالد قد أصابه أذى لكن ما الذي يحدث أمامهم الآن غريبًا لا يُصدق ولا يستوعبه عقل.
راح هو يُردد بأنه يريد والدته والجميع ينظر له دون ان يتزحزح.
فصرخ فيهم جميعًا قائلًا بتفاذ صبر  :
- أنا إسلام ابن زين القاضي وعائشة أدهم  .
وريح صَّرّ هبت بعد قوله رجفتهم جميعًا، وجعلت جان يسعل.
فأسر نارًا وهو يحدج لمار بكره مع نطقها الجاف  :
- أدخل.
وقبل أن يتحرك أحد كان مالك ينطق مستنكرًا  :
- يُدخُل! يُدخُل فين دا باين له شارب حاجة وجاي يهزي هنا.
- معاك حق!
أيدهُ مُعاذ وراح يدفع جان للخارج مع قوله  :
- أخرج يا هذا ولا تريني وجهك لولا إنك في بيتي لعلمتك الأدب.
فـ أمسك جان بذراعيه، وقال  :
- على رِسلك يا مُعاذ هل هكذا تخرجون أهل البيت؟
وكزه مالك من صدره صائحًا  :
- بيت من يا هذا؟ أغرب عن وجهي.
مسح جان بوهن ماء المطر العالق بوجهه وهو يسعل بشدة، وداهمه دوار حاد جعله يترنح فـ أمسكت به سجى مع صراخها فيهم  :
- بس بقا استنوا اسمعوه الأول، وبعدين مش شايفين شكله عامل إزاي الواد سخن مولع نار.
ما كادت أن تنهى جملتها حتى سقط جان منها فهرول مالك ومعاذ نحوه وأسنده إلى الداخل

رواية "فتاة العمليات الخاصه" مكتملهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن