جحر الشيطان ج3 ح21

1.1K 72 66
                                    

الفصل الـ 21
جحر الشيطان 
                         "الوداع الأخير"

فُتح باب الزنزانة ودخل عليها شاب مُلثم يرتدي ثياب سوداء اللون وفي تمهل سار نحوها والخنجر يقطر دمًا في يده، فصرخت دارين في فزع وارتعاب وقد ألجمتها الصدمة وشلت قدميها عن الحركة فبقت تحملق فيه بدموع تسري على وجنتيها، قبض على حفنةً من خصلاتها وهو يسحبها نحوهُ غير مُباليًا بصراخها ورُعبها وفي لحظة كان الخنجر يمشي على عنقها مُحدثًا جرحًا عميق انسابت منهُ الدماء وتركها لتسقط ارضًا على وجهها.....

_صرخة عالية ندت عنها وهي تستوي جالسة من رقدتها فوق الأرض الصلدة والعرق يتصبب من جبينها كأنها كانت في سباق قضى على كل راحتها، وأخذت تلهث بأنفاس متلاحقة للغاية، محملقة في اللاشي، صدرها يعلو ويهبط في جنون من ضربات قلبها المتسارعة، الواجفة … عيناها ذائغة في أرجاء الزنزانة
_ كفاكِ صُراخًا أصبتِني بالصم.
قالها الحارس الخاص بحراستها في تجهم وهو يرمقها في غضب، فلم تلتفت إليه ولم تستمع إليه اصلًا.
تبًا لذاك الكابوس الذي قضى على ثباتها!
كابوس!  هل كان كابوس حقًا؟
شرعت تتحسس عنقها بيد مرتشعة قبل أن تنفجر في البكاء وهي تهمس:
-أنا كويسة انا كويسة كان حلم، حلم وحش وحش اوي يا رب، يا رب خليك معايا، الحمد لله كان حلم احمدك يا رب احمدك يا رب.
جرت الدموع تغرق وجهها وهي تخر ساجدة ولم تلبث أن دنت إلى الباب تستأنس بالحارس الجالس على مقعد غريب مرتكن الرأس على الجدار ناعسًا في ثبات عميق، من الرعب تقسم أنها ستموت والوقت يمضي كأنه دهرًا؛ أسندت رأسها على أعمدة الباب الحديدية وبذراعيها أحاطط قدميها المضمُمتين على بعضهما، تناهى لها هسيس شيء فنظرت من فتحات الأعمدة باحثة فإذا بها تبصر صُهيب الذي غمز لها، فضحكت باكية لا تدري لماذا البكاء ولماذا الضحك وتراقص قلبها فرحًا مسرورًا و وثبت واقفة بأعيُن تتلألأ و وجهًا ضاحك مشرق.
هل جربت شعور الحُرية؟
أن تفقد التمسك بزمام أمورلك وتظلم الحياة فجاة في وجهك ثم على حين بغتة منك تضيء وتشرق وتتوهج وتعود لتحيا.
لا غرو شعور بأنك على قيد الحياة وفي أفضل حال لا يُعادله ألف شعور.
إذن هل صادف وأن وقعت في مأذق وتُركت وحيدًا دون رفيق؟
ثُم يأتي من لم يكن في الحسبان كأنه ذورق نجاة فينتشلك من قاع بؤسك ويهديك الحياة.

سار صهيب ببطئ نحو الحارس حتى جاء من خلفة وبيده قماشة صغيرة جدًا كمم بها فمه حتى تراخى جسده فـ ترك جسده أرضً وفش جيب بنطاله حتى أخرج عدت مفاتيح وراح يحاول يفتح باب الزنزانة في عجل حتى فلح فبادر قائلًا وهو يشمل دارين بنظرة متفحصة  :
- أنتِ بخير؟ أم بكِ شيء؟
اومأت دارين برأسها  :
- بخير بخير يا إلهي لا اصدق إنك هُنا.
تبسم صهيب وهو يمسك كفها قائلًا  :
- هلُمِ معي لنخرج من هذا المكان.
سحبها خلفه وكان في انتظارهما شابٌ مصحوبًا بشعلة مشتعلة تضيء لهم الطريق الحالك السواد وهم يسيروا في ممر موازيًا للأعلى، فوقفت فجأة دارين مفلتة كف صُهيب الذي نظر لها في دهش فقالت  :
- جعفر، أين جعفر لماذا لم تجلبه قبلًا؟!
فضيق صُهيب عينيه متسائلًا  :
- جعفر هُنا أيضّا؟
اومأت دارين فصاح في إنفعال  :
- يا الله لا أصدق.
بعد ردحًا من الزمن نظر للشاب الذي برفقته وقال محدثًا إياه  :
- خُذ دارين وأخرجها من هُنا، إذ تأخرت فعليكَ بمملكة ميليا ولا تنتظر.
أومأ الشاب دون أن ينبس بينما ربت صهيب على منكبها ناظرًا إلى عينيها الناظرة إليه في قلق وقال يطمئنها  :
-لا تقلقِ سأحضر جعفر وأعود هو بالتأكيد مع الملكة بوفارديا سأجده وسنرحل من هنا معّا، هيا هلُمِ مع هذا الشاب  .
أومأت برأسها وهي تتبع خُطى الشاب الذي همس لها  :
- لحسن الحظ إننا لسنا وحدنا هُنا.
نظرت له دون فهم ولم تعقب!
ماذا يقصد بكلامه المبهم ذاك لا تدري لكن آثرت الصمت فـ هي لم تعد تأمن للغرباء.

رواية "فتاة العمليات الخاصه" مكتملهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن