الفصل الـ( 27)
جحر الشيطان ج3هل يُكتب لنا الفراق قبل اللقاء.
برأسها طلت خديجة لداخل الغرفة التي تأوى أطفال مرضى السرطان.
هُنا تنسى نفسها...
هُنا كأنها دلفت إلى عالم آخر غير الذي بالخارج....
هُنا تلقى السعادة، هُنا تشعُ بهجة، هُنا كأنها الجنة.
أتراها تبالغ؟ وهل تدركون تلك الفرحة!
الفرحة التي تكون محتواها أحبابُ الرحمن، هُنا السر الذي تخفيه عن الجميع ... سر بسمة وضحكة فؤادها.
ما أن أحسوا بها الأطفال حتى هجموا عليها ضاحكون مسرورون وهيَ أيضًا، عانقت كُلاٍ منهم بمحبة وغبطة خالصة لا يشوبها شائبة والبسمة تشرق وجهها، حتى استقروا جالسون حولها، وطافت عينا خديجة بحزنٍ دافين على الوجوه المشرقة البريئة وقالت بنبرة حزينة كأنها تنبعث من خزنة للأحزان :
- أنا ممكن مجيش هنا تاني عشان مسافرة، يعني دي آخر مرة هنشوف فيها بعض ومين يعلم ممكن نتلاقي قريب بردوا.
بكاء صامت كُل ما صدر عن الأطفال قبيل صمتها لكن خديجة تنهدت بهم وتابعت :
- تعرفوا إني بحبكم كلكم، كلكم بدون أستثناء.
قاطعتها إحدى الصغار تقول في صوت باكي :
- ديجا أنتِ بتهزري معانا ومش هتسبينا صح؟
هزت خديجة رأسها بالسلب فضمتها الطفلة باكية وهي تتشبث فيها قائلة :
- انا مش هعمل العملية لو انتِ مش هتعمليهالي.
كتمت خديجة دموعها بجهد وازاحت دموع الصغيرة وقالت :
- هتعميلها وهتكوني بخير ومش هسافر قبل ما اعملهالك هو انا مش وعدتك.
فسئلتها الصغيرة ببراءة وهي تحل ذراعيها عن عنقها دون ان تبتعد عن حضنها :
- وهكبر وألبس نقاب زيك؟!
اومأت خديجة بالإيجاب فـ استأنفت الصغيرة :
- أنا بحب السيدة عائشة وهلبس الحجاب هو مش عادي؟
فردت خديجة بحنو :
- أنتِ لسه صغيرة لما تكبري.
فهزت الطفلة رأسها وقالت وهي تفرد ذراعيها :
-لا أنا كبيرة، اهوو شوفي؟
ضحكت خديجة بينما صدح صوت طفل صغير يقول :
- وأنا بحب البطل خالد بن الوليد وعايز اكون بطل زيه.
هُنا وصاح طفل آخر :
- وانا بحب الفاروق عُمر ونفسي أبقي زيه واعدل بين الناس.
وهتف صوت آخر :
- وانا بحب البطل الباحث عن الحق سلمان الفارسي وهكون زيه
- وأنا هكون زي سعيد بن عامر الجمحي.
- وأنا هكون زي البطل المهاجر ابن زياد
وقالت طفلة :
- وأنا هبقى زي امهات المؤمنين يا ديجا.
ضحكت خديجة لبرائتهم وقالت وهي تجول بعينيها عليهم :
وأنا واثقة إنكم هتكونوا كدا لما تكبروا_أبطال زي الصحابة.
سئلت طفلة آخرى قائلة :
- انتِ عايزة تسبينا ليه يا ديجا؟
فردت عليها خديجة، قائلة:
- عشان هتجوز.
- خلاص متتجوزيش وخليكِ معانا.
سئل طفل في تلهف :
-هتحكيلنا حكاية انهو بطل خارق انهاردة.
تبسمت خديجة وهزت رأسها وقالت :
- انهاردة مش هحكي انهاردة …
علا صوت أذان العصر مقاطعًا حديثها فعقد الصغار جميعهم أذرعهم وعم الصمت المكان إلا من همس ترديدهم مع المؤذن فما أن انتهى قالت خديجة :
- يلا نصلوا.
صلت برفقة الصغار وجلسوا جلست تسبيح بعد تأدية الصلاة.
تنحنحت خديجة وقالت في ارتياح :
- من اشتياقي لصحابة رسول الله كنت بحكي لكم عنهم وعن أمهات المؤمنين مثال عائشة وخديجة وفاطمة وزينب وأم سليم لكن غاب عن بالي المرأة التي ارضعت الرسول والتي سأحكي لكم عنها الآن.
ارهفت الآذان السمع في لهفة، وتعلقت الأبصار على وجه خديجة التي أردفت بصوت حنون :
- السيدة حليمة السعدية مرضعة الحبيب_صل الله عليه وسلم هذه السيدة الجليلة من بني سعد وقد كانوا سادت قريش يرضعون اولادهم في البوادي ليقوا أجسامهم ويفصحوا لسانًا.
و خلال طفولته مع السيدة حليمة وقعت للنبي أشياء كثيرة تدل على بركته وفضله.
_ راحت خديجة تروي لهم كيف إن النساء أبو أخذ النبي لإنه يتيم الأب متتعللون من يدفع لهن فـ أخذته السيدة حليمة حين لم تجد غيره، وكيف أن ثديها در باللبن ما أن التقمه الرسول الحبيب المبارك وقد كان خاويًا فشرب حتى ارتوى، ثم شرب ابنها حتى روى أيضًا.
وأن ناقتهم المسنة العجفاء امتلاء ضرعاها باللبن فـ حلب منها زوجها وشرب وشربت.
و كيف ان الناقة اصبحت نشيطة بعد ان كانت هزيلة تتقدم دواب القوم جميعهم.
أخبرتهم كيف حلت البركة بيت السيدة حليمة حين دخول سيدنا محمد عليهم حتى ما أتم السنتين كانت حريصة على ان يبقَ معها واقنعت أم حبيبنا ان يظل معها حتى وافقت.
ثُم حادثتهم عن الحادثة الأعجب والأغرب وهو حين اخذ سيدنا جبريل وملك آخر النبي فشقا بطنه.
فخافت عليه السيدة حليمة وذهبت تعيده لـ أمه يومئذٍ قالت لها :
- وهل تخوفتِ عليه من الشيطان يا حليمة؟
فقالت: نعم
فقالت ام الرسول :
- كلا، والله ما للشيطان عليه سبيل وإن لابني لشأنًا … فهل اخبرك خبره؟
قالت حليمة : بلى.
فقالت ام رسولنا :
- رأيت حين حملت به أنه خرج مني نور أضاء لي قصور بصرى من أرض الشام... ثم إني حين ولدته نزل واضعًا يديه على الأرض، رافعًا رأسه إلى السماء.
هكذا كان حبيبنا مُباركًا أين ما حل فصلوا عليه وسلموا …
عقب أنتهاء خديجة من القصة وكـ كل حالها تفرح وهي تحكي القصة فرحة طائر حُر يخفق بجناحيه طائرًا سعيدًا مغردًا، فرقت على الصغار مصاحف مصحوب مع البنات حِجاب و ودعتهم مغادرة وما ان خرجت حتى تلاشت فرحتها وحل الحزن محلها، حزن المغادر من وطنة لوطن آخر لا ينتمى إليه، يا ليتها لم ترى اراس هذا ولم تلتقى به يا ليت....
أنت تقرأ
رواية "فتاة العمليات الخاصه" مكتمله
Acciónترعرعت بين يديهِ ، كان هو كُل دُنيتها ، سراجُ حياتِها المنير ، هي العمياء التي لم تدر مِن الحياة إلا هو ، ليأتي القدر وينتشلها منه فـ تغداَ حياته ظلامًا بدونها ، عشق نشب منذ الصغر فرقه القدر ، فهل يجدها ؟ يجد تلك العمياء سالبت روعه ؟