الفصل (32)
جحر الشيطان
ما زال للعشق بقيهإهداء
إلى أقرب من أحب قلبي، إلى البعيدة القريبة، إلى حبيبة أيامي وبسمة فؤادي ( أسماء)حزنٌ هائلٌ ذاك الذي ملأ آل الشرقاوي، حزنٌ لن يزول أبد الدهر!
فـ الراحلة ليست اي أحد إنها وتد العائلة الذي انقلع من مكمنة فتهاوى البيت بما فيه.
من قال إن الحزن قد يزول!
من قال إن الفراق هين؟
لو كان هينٌ لمَا صرنا كأننا في متاهة نبحث عمن فقدنا دون أثر، لأننا في قرارة أنفسنا نعلم إنه فارقنا بلا عودة.
المنزل كان يسوده الهدوء، السكون؛ لكن ضجيج الأفئدة فإنه عالي يصيبُ بالصم.
لم يبكي أحد على فراق لمار منذُ أن ذاع الخبر، كأنهم لا يصدقوا غياب من كانت السند لا أحد يدري!
ربما هي الصدمة!
وربما هو الأمل في عودتها!
سَرَت ارتجافة قوية في جسد ( هنا )، حين همس ( خالد ) و سبابته على فمه لها أن تصمت :
_ أشش، لا تتكلمي.
أشرائب ( خالد ) برأسه من النافذة ليتراءي له خمسةٌ رجال بمدافع رشاشة يتسللوا إلى المنزل.
هتفت ( هنا) بقلق :
_ ما بك، لماذا تبدو متوترًا؟
ألتفت إليها ( خالد) وغمغم في تهكم :
_ توتر ماذا يا عزيزتي؟، إني في انتظار زائرون غير مرحب بهم لأنهم أتوا دون دعوة.
أنهى عبارته وهو يسحبها من مرفقها ودفعها في إحدى الغرف وأغلقه قبل أن تستدرك ما الذي يفعله، وقال :
_ لا أريد لعيناكِ الجميلتين أن تريان شيئًا قبيح لن يروق لكِ.
وأستتر خلف أحد الحوائط وشاهد الرجال يتسللون في أنحاء المنزل، ثُم تجمعوا فاقدي الأمل في نقطة قريبةٌ منه، وقال أحدهما غاضبًا :
_ لماذا لا أحد في المنزل؟ إنه لم يخرج من ليلة أمس؟
فـ أجابه أحد الرجال، قائلًا :
_ لعله خرج دون أن نرآه؟
رمقه الرجل الأول في غضب وهو يلكزه، قائلًا بغلظة :
_ كيف خرج ولم نرآه أيها الغبي؟ والآن تُرى أين ذهب هذا الـ...
بتر عبارته عندما شعر بيد تخبط على منكبه، وسمع صوتًا ساخرًا يقول في تسلية :
_ هل تبحث عني أيها الأبله؟ ها أنا ذا لم أذهب لأيةً مكان!
أستدار الرجال سريعًا إلى خالد، وأُشهرت خمس مدافع آلية في وجهه، فتبسم قائلًا في استهتار :
_ يا له من عرض يا رجال، ويا لي من رجال عظيم حتى يأتيني خمس رجال لقتلي.
صرخ أحد الرجال في وجهه :
_ آراك تملك روحًا مرحة يا رجل وتسخر أيضًا؟ رصاصة واحدة ستنطلق من فوهة مسدسي سترديك قتيلًا وأسخر في الجحيم كما بدا لك.
رد خالد غامزًا :
_ ربما تذهب للجحيم أنت قبلي يا فتى.
ودار على عقبيه في رشاقة فـأطاح بإحدى المدافع بعيدًا، وأمسك أثنيين بقبضتيه، وركل إحداهما ليطيح به بعيدًا، ثُم جذب أدنى الرجال إليه وأحاط بعنقه بساعده في قوة، وغمغم :
_ هيا أيها الأوغاد القوا أسلحتكم وإلا حطمت عنق زميلك الجميل هذا!
_ وماذا لو فجرت أنا رأسك؟
جاءه صوت رجل من الخلف مع فوهة سلاح تلتصق برأسه، فلم يتخلى خالد عن بسمته وهو يستدير رافعًا كفيه في أستسلام، وما هم أن يرى الرجل إذ سدد له لكمة قوية في فكه جعلته يترنح، ويرخي قبضته على السلاح فسحبه خالد منه، وأشار لهم جميعًا قائلًا بصرامة :
_ هيا أيها الحمقى توقفوا بجانب بعضكم.
فعلوا الرجال ما طلب صاغرين و وقفوا جميعًا بجانب بعضهم في صفٍ واحد، فسار خالد أمامهما وهو يوجه فوهة السلاح عليهم، قائلًا :
_ والآن يا حلوين من أرسلكم؟
تعال طرق الباب في الحجرة التي أحتجز بداخلها هنا مع صراخها، فتراجع بظهره في يأس نحو الحجرة وهو ينظر للرجال ويقول محركًا المدفع :
_ إن لاحظت أي حركة سأطلق فورًا، فقفوا ثابتين خاضعين يا شطار.
تمتم أحد الرجال في حنق:
_ هل يحادث أطفال هذا؟ اقسم بأني لن أدعه ينجو من رصاصتي.
تناهى لخالد ما قال رغم خفوته، فرد عليه في تهكم :
_ يا لك من وغد يا صغير.
وقال وهو يفتح الباب لـ هنا التي أندفعت للخارج ذاهلة :
_ صرعتيني أيتها الحسناء، ألا يوجد صبرٌ لديكِ؟
نقلت هنا بصرها بينه وبين الرجال، قبل أن تهمس قي دهشة :
_ ما الذي يحدث هُنا؟
وكان هذا التشتت الذي صنعته هنا وهي تحادث خالد، كفيل لأن يبادروا الرجال إلى أسلحتهم ويطلقوا رصاصتهم في سخاء ...
فجأة! دفع خالد هنا عن مرمى النيران لتخترق أحد الرصاصات كتفه، وتمرق أخرى جوار رأسه مباشرةً لو لم يميل برأسه لكانت اصابته حتمًا. ثُم قفز من مكانة لتتطيش رصاصات الرجال، ويتدحرج هو على الأرض وأطلق رصاصته لتطيح بمدافعهم جملةٌ واحدة، ثُم وثب في طرفة عين وسط الرجال وانهال عليهم بلكمات والركلات وشاركته هنا في ذلك، إذ ركلت أحدهم قبل أن يُغافل خالد ويهوى على عنقه بقبضته ثُم لكمه أخر لكمه تفاداها في ماهرة وكاد يصفعها لكن قبضة خالد خشبت ذراعه في الهواء وهو يهتف :
_ أكثر ما اكرهه في حياتي أن يضرب رجل إمراة، لذلك فـ أنت تستحق هذا!
لم يعرف الشاب ما حدث فقد هوت قبضة فولاذية على فكة أطاحت بأسنانه، أعقبها بأخرى كالصاروخ في معدته شعر على إثرها بكل اعضاءه تصرخ ألمًا وما كاد يصرخ المًا إذ هوت قبضة أخرى على عنقه فتكوم على إثرها فاقد الوعي.
نظر خالد إلى الرجال الخمس الذي لم يكن منهم إلا ثلاثة أحدهم ماسك معدته منحنيًا في ألم، والآخر يضرح ألمًا وهو يمسك بوجهه، والآخر تكوم على نفسه زائغ العينين والأثنيين الآخرين فاقدي الوعي، نفض خالد كفيه وتبسم، قائلًا في بساطة :
_ في رسالة أريدُ منكم أن توصلوها لمن أرسلكم؟
ثلث رؤوس أرتفعت إليه وهو يضيف :
_ أخبروه أن الجحيم آتٍ فلينتظرني فقط.
هُنالك قال احد الرجال في ضعف :
_ لن تنجو سرعان ما يشعروا رفقاءنا بتاخرنا ويأتون.
ولم يكذب الرجل خبر، فقد انهمر الرصاص على المنزل، وتبسم الرجل قائلًا في ظفر :
_ألم اقل لك؟ لن تنجو!
جز خالد على اسنانه وسمع صوت هنا وهي تجذبه بعيدًا محذرة :
_ ابتعد يا خالد.
فـ أمسك كفها وهو يعدو بها إلى باب خلفي للمنزل كان يعلم بوجوده حين فحص المنزل و كانت سيارة موجودة أمام الباب، فأمر هنا قائلّا :
_ اسرعي وأجلسي في المقعد الآخر.
فما كانا يستقرا بالداخل حتى صاحت هنا في جزع وهي تنظر إلى ذراعه النازف :
_ ذراعك ينزف لن يمكنك القيادة!
فجأة! ظهرت سيارتين أطلت رؤوس ومدافع من نوافذها فهتف وهو يدير محرك السيارة :
_ ليس مهم ذراعي الآن يا عزيزتي المهم هو الأفلات من هؤلاء، على ما يبدو إن أولآء يصرون على قتلي ولن اسمح لهم.
وأنطلق بسيارته وخلفه سيارتين وكلما اقتربت احدهم من سيارته حتى ينهال عليهما الرصاص فيسير خالد بأعوجاج يمينًا ويسارًا كالأفعى وبينما هو منغمسٌ في الأفلات من السيارتين، أخرجت هنا سلاحٌ من سترتها وعادت إلى المقعد الخلفي، فصاح فيها خالد وهو يشاهدها من المرآة :
_ ماذا تنوين يا عزيزتي، هل تجيدين استخدام السلاح؟
_سترى!
نطقت بها هنا وهي تضرب الزجاج الخلفي بكعب سلاحها فتشرخ وهوت عليه عدت مرات فتهشم الزجاج وتناثرت شظاياه وأخرجت سلاحها وصوبته على عجلة القيادة وأطلقت فأصابت رصاصتها هدفها في عجلة القيادة التي دارت سيارتها حول نفسها فأرتطمت فيها السيارة الآخرى، فصاح خالد من داخل السيارة مبهورًا:
_ أوه يا فتاة لقد فعلتيها يا لكِ من بارعة ما رأيك أن نجدنك لحسابنا؟
عادت هنا إلى المقعد بجواره، وغمغمت في ضيق :
_ كيف لك نفسٌ في الابتسام والمزاح في هذا الوقت العصيب؟
ثم أقتربت من ذراعه، وأردفت في لوعة :
_ يا إلهي لقد فقدت دمًا كثيرًا.
أجابها خالد وهو مرتكز البصر على الطريق امامه :
_ لا تقلقي ما زال لدي القدرة على القيادة لن تنقلب بنا السيارة، ولن تفقدي حياتك!
أنهى جملته غامزًا لها بعبث في مرآة السيارة فمطتت شفتيها، في ضيق وهي تقول :
_ لا اخاف على حياتي.
قالتها وهي تخلع الجاكت لتشق منه جزاءًا لكن ... قبل أن تفعل كان خالد يجذب منها الجاكت، قائلًا في حزم ونبرة أرهبتها :
_ أرتدي الجاكت يا فتاة لن اربط ذراعي وتسيري معي هكذا؟
واوقف السيارة جانبًا ملتفًا لها بنظرة غاضبة، وقال وهو يتميز غيظًا:
_ والآن أريد معرفة من أنتِ، ومن أين تعرفيني؟
همت بأن تجيب ألا انها اطبقت شفتيها عندما صرخ فيها محذرًا بسبابته :
_ إياكِ والكذب يا فتاة فقد ناديتني بإسمي ... إياكِ هل تسمعين؟
أذدردت هنا لعابها في خوف من لهجته، وخرج صوتها متهدجًا، متوترًا وهي تبوء له قائلة :
_ أنا ... أنا اخت أراس زوج خديجة أختك!
تنفست الصعداء، بينما يجوس الشك في قلب خالد من معرفة اراس بأمره!
وادهشه أن يرسل أخته له؟ لماذا فعل؟ وكيف عرف؟ وما الذي سيجنيه من فعلته؟
الأسئلة تموج في نفسه بلى إجابات، وقد بلغ منه الجهد مبلغه، فقال في وهن:
_ إذن فـ أراس يعرف بأمري؟
اومأت هنا في تلكؤ متعجب من هدوءهُ، ففتح باب السيارة وقال قبل ان يغادرها :
_ إذا كنتِ تجيدين القيادة فتعالي مكاني.
تبادلا الأماكن وقال خالد بعدما استرخى في مقعده :
_ قودي إلى منزل أخيكِ أركان لا بد أنك تعرفيه!
رمشت هنا بأهدابها تستوعب ما تفوه بها و وودت لو تسأله عن كل ما يجوس في نفسها عن علاقته بأخيها لكنه أسبل جفنيه وأسند رأسه لظهر المقعد وقد بدا كأنه ذهب في سُبات عميق، فـ أدارت محرك القيادة دون أن تنبس.
أنت تقرأ
رواية "فتاة العمليات الخاصه" مكتمله
Açãoترعرعت بين يديهِ ، كان هو كُل دُنيتها ، سراجُ حياتِها المنير ، هي العمياء التي لم تدر مِن الحياة إلا هو ، ليأتي القدر وينتشلها منه فـ تغداَ حياته ظلامًا بدونها ، عشق نشب منذ الصغر فرقه القدر ، فهل يجدها ؟ يجد تلك العمياء سالبت روعه ؟