جحر الشيطان
الفصل الـ (28ج2)أنَّى ليّ بحياة دونك يا أبي؟
فلا تقُل وداعًا رجاءً لا تتركني وراءك ريشة تتقاذفها الرياح كما يحلو لها!
لا تنزع عني قلبي وتذرني اواجه قسوة الحياة بمفردي.ــــــــــــــــــــــــــــ
رفرفت أهداب حمزة رويدًا رويدًا والغشاوة تنقشع عن عيناه التي ما أن أعتادت الضوء حتى جالت في الغرفة ليدرك إنه في المستشفى، وسمع صوت أمه كأنه يأتي من مكانٍ سحيق وكفها تضم راحته :
_ حمزة، حبيبي حمد الله على السلامة حاسس بإيه يا نور عيني طمني أنت كويس؟
دار رأسه نحو الصوت ناظرًا إليها ولم يعلق بلى طافت عيناه عن وجهٌ محدد وسط الوجوه الحاضرة، وجهٌ لازمه في غشيته حتى فتح عيناه متلهفًا لرؤيته، أغمض عينية لوهلة ظنًا إنه لم يرى جيدًا وفتحهما مجددًا ناظرًا حوله بتمعن فلم يجدها، فخرج صوته واهنٌ، ضعيف :
_ أروى، أروى فين؟
أذدردت سمر لعابها في بُهت وقد باغتها السؤال، فسئلته بتريث :
_ أروى، أروى هي مش كانت...
قاطعتها لمار قائلة بحدة وهي تقف جوار رأسه :
_ أنت إللي المفروض تجاوب على السؤال ده، أروى فين يا حمزة؟ المكان أتفجر بكل إللي فيه ومفيش أثر لـ أروى!
صدمه كلامها فصاح وهو يعتدل :
_ يعني إيه الكلام ده ، آه!
تأوه بألم مع صراخ جسده أثر الحروق التي نالت منه، علاوة على جروح جسده من العراك الذي نشب بينه وبين رجال إسماعيل.
أوقفت لمار حركت جسده وأعادته مكانه وهي تقول برفق :
_ بالراحة يا حمزة متندفعش كدا عشان جسمك.
أبعد كفيه وهو يأن بخفوت كابحًا ألمه، وسئلها بلهفة :
_أروى كان لازم تكون وصلت البيت أنا اقنعت إسماعيل يسبها، إزاي مرجعتش؟
حام بصره على وجوه العائلة الواجمة التي بدا على سِماهم القلق، وجاءه صوت والدته تقول :
_ هنده الدكتور يطمنا عليك الأول، وبعدين نفكر إيه اللي حصل؟
وقبل أن تهم بالذهاب أوقفها قول حمزة الصارم :
_ اطلعوا بره عايز أتكلم مع جدتي، اطلعوا ومش عايز دكاترة.
احتج الجميع على قراره لكن مع اصراره غادروا الغرفة، لتسحب لمار مقعدًا جلست فوقه وقالت باهتمام :
_ احكي بالتفصيل كل اللي حصل.
صبت جام تركيزها على ما يسرده حمزة بوهن، وما إن فرغ استوت واقفة وهي تصك على أسنانها غيظًا مردفة :
_ ده يعني إنهم بس لعبوا عليك وخدوا أروى.
تجلى الغضب على وجهها حتى إن الرائي يحسب أنها ستتحول إلى وحشٍ ذا أنياب سينهش الجميع دون شفقة.
ضربة الحائط بقبضتها وهي تندفع للخارج أمره الشباب بالنبش تحت الأرض ولا يعودوا إلا بـ أروى فـ انطلقوا جميعهم متقسمون، فذهب جان مع خالد، وذهب عاصم مع عثمان، وحذيفة برفقة هيثم، بينما بقى ياسين ساهمًا لفترة قبل أن يندفع من المكان شبه راكضًا ولا أحد يمكن أن يتخيل ماذا سوف يفعل ليصل لأبنته.
ولج مالك لغرفة حمزة فصدم حين رآه يرتدي ملابسه متهيئًا للخروج غير مبال بالحروق التي تستعمر جم ظهره كاظمًا ألمه، فصاح مذهولًا :
_ أنت رايح فين كدا بحالتك دي؟ مستحيل أسمح لك تطلع؟
_ ما هو انا مش هقعد وأنا مش عارف مراتي حصل فيها إيه ولا استنى لما تجيلي جثة.
قالها حمزة وهو يندفع للخارج منحيًا مالك بكفه عن طريقه الذي صاح وراءه :
_ يا ابني الحروق في ضهرك، طب استنى جاي معاك.
لكن حمزة لم يعره اهتمامًا وتلاشى من أمامه مستقلًا سيارة وانطلق في سرعة جنونية أدهشت مالك الذي شيع السيارة ببصره، مغمغمًا :
_ دا أنت ناوي تموت نفسك انهارده.
ضربة سمر على صدرها بخوف على حين أمرتهن لمار بالعودة إلى المنزل جميعًا.
أنت تقرأ
رواية "فتاة العمليات الخاصه" مكتمله
حركة (أكشن)ترعرعت بين يديهِ ، كان هو كُل دُنيتها ، سراجُ حياتِها المنير ، هي العمياء التي لم تدر مِن الحياة إلا هو ، ليأتي القدر وينتشلها منه فـ تغداَ حياته ظلامًا بدونها ، عشق نشب منذ الصغر فرقه القدر ، فهل يجدها ؟ يجد تلك العمياء سالبت روعه ؟