| أُسرَة |
.
.
.مَشتْ بقدميها الحافِية عَلى العُشب الرطب أسفلها، كانَ شعوراً مُدغدِغاً لكنّها لم تتمكّن من الإحساسِ به نظراً لمشاعِرها المُتضارِبة بالداخِل، خُطواتها لَم تَكُن مُتزنة أبداً لكنّها لا تقع، لم تَكُن تَركض البتّة لكنّها قطعت مسافة ضَخمة في مَسيرها، يَدها اليُمنى النَحيلة أحكمتْ القبضَ على يدٍ أصغر، بجوارِها كان يَمشي طفلٌ حملَ شعراً باهِتَ كالبدر، نقيضُ خاصتها الداكِن الطَويل و المُبعثر بطريقة دلّت عَلى عدمِ ترتيبها لهُ مِنذ أيام على الأقل، لكنّ لا أحد كان قادراً على رؤيته و هيَ تُخفيه بقلنسوة معطفها الطَويل
كان الطفلُ الصغير يبدو مُنهَكاً بِشدة و هو يجرّ أقدامه القَصيرة و النَحيلة بسرعة ليُواكِب مسير الشابّة المُمسِكة بيدهِ دون اِعتراض
أنفاسهُ المُتعَبة كانتْ واضحة لِلغاية على عَكسِها-" بَشريّ.. بَشريّ.. "-
هيَ فقط بَقيت تُرددّ تِلكَ الكلمة مِراراً، ثمّ توقّفت فجأة في مُنتصف ذَلِكَ الحقلِ الشاسِع، تحتَ أشعة الشمسِ المُنيرة، لم تلتفت للأعلى بل ضلّت تُطأطأ رأسها، عيناها القُرمزية حَملت بعضاً مِن الدموع اللّذي تمردوا لِلتساقطِ على العُشب الطَويل كاللئالئ، ببطئ حولتْ بصرها لِلطفل الصغيرِ مَعها، ثمّ جَثتْ على ركبتيها أمامه مُباشرة و قامتْ بِاحتضانه و التربيتِ عَلى رأسه بِحَنان
-" أنتَ لَن تَكُونَ مَلِكاً أبداً، أنتَ مُجرد بَشريّ .. أنا آسِفة لأننّا أنجبناكَ لِهَذا العالم. "-
تمتمتْ بِخفوت و صوتٍ شِبه مَيّت، كانَ الطفل في أَحضانِها أصغرَ مِن أن يستوعبَ مغزى كلامِها هذا خصوصاً مع إرهاقه الشَديد نتيجة المَشي المُتواصِل لِساعات بِرفقتها، لكنّه فقط بَادلها الحُضن تِلقائياً ظَناً منه أن والدته تُحاول مواساته و التخفيفَ عَن ألمِه
-" أتمنّى لو أنّك لَم تُولد، فلادمِير .. أنا آسِفة لإنجابِكَ، أنا آسفة.. آسفة "-
-" نـاتـالِـــي !! "-تمكّن كِلاهما مِن سماعِ صُراخ ذَلِكَ الرجل الحادّ باسمها، لَقد كان على بعدِ مسافة بَعيدة نِسبياً ليراهم بوضوح، لكنّه تمكّنَ مِن أن يلمحَ جزئ منهما بعيداً جِداً في مُنتصف الحَقل فأخذ يركضُ بأقصى سُرعته كمصاصِ دِماء هَجين يُسابقُ الزَمن و القلقُ يُسيطر عَلى جميع أحشائه في تِلك الدقائِق
ناتالي اِبتعدتْ بِرفق عَن طِفلها، ثمّ وقفت على رجليها مُجدداً و اِبتعدتْ ببطئ بِضعة خطواتٍ عَن فلادمِير اللّذي بقيَ مكانه دون حَراك يُراقبها بصمت عاجِز عَن استيعابِ أيّ شَيء ...
استفاقَ بِسُرعة عِندما فتحَ قُرمزيتاهُ فجأة ليُقابل ذَلِك الوجهَ البَغيض اللّذي يحفظه جيداً..
جِيمس كانَ يقفُ أمامه مع كأسِ ماء ضَخم أفرغه لِلتو في وجهِ فلادمِير كَي يُوقِظه، رافِعاً حواجِبه ببرود و هُو يهتف
أنت تقرأ
دِماءٌ مُتجمّدة.
Vampire(مُكتَمِلة) نَحنُ نَسقطُ بِبُطئ نَحوَ الأعلى .. نتمسّكُ بآخر ما تبقّى من الأمل المُهشّمِ مُتظاهرينَ بالقوّةِ و القُدرة على الصُمود. دَعنِي أُخبركَ، الحَياةُ الهادِئة و المُسالمة لا تستمرُ للأبد دَعنِي أُنقذكَ، الأوهامُ لن تُبقيكَ قويّاً كما تظنّ دَع...