|الأَميرُ الهَارِب|
.
.
.عَيناها الفِضيّة كانتا تُحدّقانِ بشرودٍ تامٍ لذلكَ الجسدِ الهَزيل المُمد عَلى سريرِ المَشفى و على وجههِ قِناعُ الأُكسجين و الصوتُ الوحيدُ الصادرُ مِن تلك الغُرفة البَيضاء هوَ صوتُ تَنهّدها القَلِق مع جِهاز قياس النبض
يغلقُ عينيهُ بهدوءٍ شديد و استرخاء و حَول مِعصمهِ كانتْ إبرة المُغذي الموصولةِ لتلك المواد الغذائية فوقَ رأسِه
هيَ حتّى لم تُدرك بعد كيفَ تمكّنت من قطعِ ثلاثة إشاراتِ مرورٍ حَمراء فورَ أن قرأت رِسالةَ داريُوس، كانَ قلبها يخفقُ بِشدّة كما لم يخفقُ مِن قبل كما لو أنّ قطعة مِنها ستغادر رُوحها بِبطئ، عِند وصولها للمشفى كانَ داريوس مُنهاراً تَماماً و بسببِ حالتهِ النفسيّة السيئة اضطرّت هي لِلتظاهرِ بِالقوة كي تمنحهُ القَليل مِن الطمئنينة.أرجعتْ رأسها لِلخلف برفق تتذكّر كلامَ الطبيب المُشرف على حالةِ دايلِن، لقد قالَ بأن حالتهُ ليستْ سيئة و أن خُروجَ الرصاصّة منهُ سهّل عَليهم عَناء اِستئصالها لِذا انتهتْ عمليتهُ بِوقتٍ قِياسيّ
كما أنه أفاد بأنه سَيستيقظ اليوم على الأرجح و ذلكَ جعلها تركّز عَينيها عليهِ طوالَ السبع الساعات المَاضيّة لعلّه يفتحُ عينيه و يُريح قلبها المُضطرب بعدَ أن طلبتْ من داريوس إحضار كوبِ قهوة لها لِتبقى مُستيقظة قدرَ المُستطاعتنهّدت للمرة الثالثة على التوالي و قبلَ أن تُغمضَ عَينيها لمحتْ حَركة بَسيطة مِن دايلن حيثُ بدأ بِبُطئ يُفرج عن عُشبيّتيه الفاتِحة و ذلكَ جَعلها تنهضُ مِن مقعدِ الألمنيوم الأبيض و تنطلقُ جاثيةً لِجواره و بنبرةٍ باكية مُمتنّة تمتمتْ بهمس كَي لا تُزعجه
-" دايلِن ! هـ.. هل يُمكنكَ التعرّف عَليّ؟ "-
حوّل هوَ بصرهُ بِخمول و بُطئ لينظرُ بعينيهِ شبه المَفتُوحَتان إلى تِلكَ العَينانِ الدامعتانِ و استغرقَ منهُ الوقتُ نِصفَ دقيقة قبلَ أن يهمسَ بشحوب حيثُ خرجَ صوته مكتوماً بِسبب قناع الأُكسجين مُتسائلاً عَن صِحّة شكوكهِ و ما ترجمهُ عَقلهُ المُتعب حِينها
-" أُمي؟ "-
-" هَذا صَحيح ! يا إلهي أنتَ بِخير ! هل أنزعُ قِناعَ الأُكسجين؟ "-أومئ لها بالإيجاب بِبُطئ فقامتْ هيَ عَلى الفور بتحريرهِ من تلك القطعة البلاستيكية حولَ أنفه و فمه و أول ما فعله هو أخذُ نفس هادِئ مِن هواء الغُرفة يستعيدُ القليلَ من طاقته الخائِرة ثم رمشَ عِدة مرات يجول ببصرهِ أرجاء تلك الغرفة البيضاء ليدرك على الفور بأنه في المَشفى و ذلكَ جعله يسترجع آخر ما التقطته له ذاكرته قبل فِقدانِه لوعيهِ
-" أ.. أينَ دَاري؟ "-
-" سيعود قَريباً .. أخبرنِي كيفَ تَشعر؟ هل أطلبُ المُمرضة؟ "-
-" بالدوارِ و الغَثيان، لكن لا .. لـ.. لستِ مُضطرة لِطلبها. "-
أنت تقرأ
دِماءٌ مُتجمّدة.
Vampire(مُكتَمِلة) نَحنُ نَسقطُ بِبُطئ نَحوَ الأعلى .. نتمسّكُ بآخر ما تبقّى من الأمل المُهشّمِ مُتظاهرينَ بالقوّةِ و القُدرة على الصُمود. دَعنِي أُخبركَ، الحَياةُ الهادِئة و المُسالمة لا تستمرُ للأبد دَعنِي أُنقذكَ، الأوهامُ لن تُبقيكَ قويّاً كما تظنّ دَع...