الفصل السادِس

2.6K 225 269
                                    

| عُقدةُ دايلِن |
.
.
.

غُروبُ الشمسِ أسقطَ على السماء لوناً برتقالياً باهتاً يبعث الراحة في نفس كل من يتأمل ذلك المنظر الساحر، سِوى أنهُ ليسَ من النوعِ الذي قد يتأملُ شيئاً فاتِناً كهذا، ليسَ كونه من كارهيّ المناظرِ الطبيعيّة لكنه و فقط لم يعد يرى أن شيئاً كَالغروب قد يجلبُ له الراحة بعد الآن ..
سارَ متجهاً لسيارته الداكنة بعد أن قام بتضييع وقته كالمُعتاد في التجوّل في أماكنَ مهجورة لا تنبض الحياة فيها تماماً كقلبه الباهِت والميّت ..

أدارَ مُحرك سيارته و انطلقَ بسرعة جنونيّة عائداً لِمنزله سالكاً طريقاً مُختصرة فباتتْ القيادة يسيرة بالنسبة إليه مع عدم وجود غيرهِ في الطريق

تعابير وجهه الباردة لم تتغير منذ حديثه مع ماريون في النهار .. ذاتَ العينان المُظلمة و اللّتي حملتْ لون السماء الداكن و الملامح شديدة البرود
ما إن وصلَ منزله قام بركن سيارتهِ الفارِهة في مكانها المُخصصّ و سارَ مُتجهاً لغرفته ليرمي جسدهُ فوق سريره الوفير بهدوء مُحاولاً التخلّص من ذكريات الماضي التي أرهقته و مزّقت روحهُ بالفعل في كُل مرة تقفزُ إليه كما لو أنها تلمّح له، و في كُل مرة يتذكر فيها ذلك يزداد كُرهه لشقيقه بطريقة سيئة

تبّخر مُحيط أفكاره السوداء لحظةَ رؤيته لتلك الآلة الموسيقيّة الموضوعة لجوار مكتبته الخشبيّة قُربَ النافذة التي تسللّ منها بعض الضوء البرتقالي للغروب فانعكسَ بصورة مِثالية عليها حتّى بدتْ كتُحفة فنيّة ..
غيتَار؟

التمعتْ عيناهُ الباردة حِينها بشيء من الحَنين لدى تذكّره لِكم كانَ يُجيد العزفَ عَليها في السابق بل يعشقُ صوتَ ألحانها العَميق عندما يحرّك أنامله على تلك الأوتارِ الرقيقة .. لكن الشيّء الذي أثار استنكارهُ هو ما الذي جاء بشيء كَهذا لغرفتهِ الآن؟؟

هوَ لم يشترِ تلك الآلة بل لم يعد يعزفُ مُنذ أربع سنوات بالفعل !
نهضَ بِبُطئ عن سريره و اقتربَ منها ثم رفعها مُتخذاً وضعية العزف لكنه لم يعزف بل أغلقَ عينيهِ الداكنة بهدوء ..

سرعان ما تنهّد بغضب لدى سيطرة مشاعرهِ السَلبيّة عليهِ و أعاد الغيتار لمكانهِ السابق بعُنف ثم خرجَ من غرفته مُتجهاً للردهة الرئيسيّة حيثُ تجتمع عائلتهُ فيها غالباً ليتحدث بصوتٍ عالٍ و نبرة مُنزعجة مُخاطباً الجميع أمامه فورَ دخولهِ إليها دون أن يُبدي أي احترام لوالده و عمّه الذي كانا يجلسان في تلك الردهة أيضاً

-" هناك غيتارٌ بائِس في غُرفتي و أحدكم وَضعه، فَلِيعترف الوقَح اللّذي فَعلها حَالاً ! "-
-" ولكن ما خطبكَ لوي؟ فَلتهدئ. "-
-" أجبْ على سؤالي إن كُنتَ الفاعِل فحسب ! "-

دِماءٌ مُتجمّدة. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن