الفصل الثانِي والعشرون.

1.5K 133 88
                                    

| مَكانٌ جَديد. |
.
.
.

القمرُ الساطِعُ في كَبِد السماءَ الداكِنة اللّتي حَمَلتْ عدداً لا بأس بِه من النجومِ حَولها كانَ قَد نَشرَ ستارهُ الأبيض الباهِت ليبددَّ الظلام الدامِس قَليلاً، حيثُ كانَ ماريُون يقفُ مُسنداً ذراعاه على حاجزِ الشرفة أَمامهُ، ينكس رأسه للأسفل بهدوءِ شَديد يُناقض مشاعرهُ المُتشابكة بالداخِل، تنهّد و أغمضَ عسليّتاه لدقيقة قَبلَ أن يُقاطعه صوتَ خطوِ أقدام قادم من خَلفِه، لم يغيّر وضعيته لكنّه فتحَ عينيهِ بسكون دون إبداء ردّ فِعل آخر

-" أأنتَ عَلى ما يُرام؟ "-

تسائلَ إيريك بهدوء قاطِباً حاجبيه يُخاطبُ قَريبه اللّذي لم يَبدُ لهم بحالةِ جَيّدة منذ أن عادَ لِلمنزل في صَباح الأَمس حيثُ أخبرهم بِما حدثَ معه بِرفقة داريُوس في اللّيلة السابِقة، بَدَا عليهم الحزن لِمَعرفة ذَلِك لكنّ أحدهم لم يتدخل

-" أجل. "-

أجابهُ ماريُون بتلقائية فكَتَف إيريك ذراعاه حولَ صدره و أردفَ بانزعاج واضِح

-" كَم هذا واضِح ! أنصتْ، لِما لا نَقوم بإنقاذِه؟ سَيكون هَذَا خطيراً، لكنّ لا ضَير في المُحاولة؟ "-
-" هَل فقدتَ عَقلك؟ "-

هَتَف ماريون بعدَ أن أدارَ جسده ناحية إيريك يُخاطبه باستنكار رغم ملامحِ وجههِ الهادئِة كالمُعتاد، فردَ إيريك ذراعيه و أكمل كلامهُ بشيءٍ من الانفعال

-" أعني.. لِما لا؟ لَقد تمَّ أخذه عِنوةً دون إرادة مِنه ألا يعدّ هذا اختطاف؟ أراهنُ أن داريُوس يَحتاجُ للمساعـ... "-
-" كَفاكَ إيريك. "-

استوقفهُ ماريُون بهدوء مُطأطأً رأسه للأسفل، خصلات شَعرِه الباهِتة أخذتْ تلمعُ تَحت ضوءِ القَمر حينَ أكمل بصوتٍ مُنخفض

-" لا تَتفوّه بالسخافات. "-
-" ولكن ما الّلذي تَقصده؟ أنا جادٌ تَماماً!! "-
-" فالتَنسى الأمر إيريك! "-
-" أنتَ ترغبُ بذلك أيضاً! يُمكننا فِعلها إنَّ داريُوس بِحاجة إلى المُساعدة! "-
-" إنه مَعَ عائِلته ! "-

صَرَخ ماريون مِما دَفع إيريك لِلتراجعِ خطوتَين لِلخلف بترددّ، يُراقب ملامحِ عسليّ العينينِ بينما يتبددُّ الهدوء عَنها ليحلّ محلّه بعضاً من الغَضب و الانفِعال حينَ أكمل يَنهر إيريك بِعصبيّة دون وَعي

-" ما اللّذي تعنيه بأنهُ يحتاجُ لِلمُساعدة؟! مَن نكون حتّى نقومَ بأخذه مِن بينِ عائلته؟! إن هَذا لا يبدو منطقيّاً لِذا فالتَتوقّف، لَقد انتهى الأمر إيريك! "-

انخَفَضَ صوتهُ تدريجياً، أناملهُ لاسمتْ حاجزَ الشرفة لِجواره و لا يزالُ رأسهُ للِأسفل، و بهدوءٍ شَديد تَمتم

دِماءٌ مُتجمّدة. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن