الفصل الواحد والثلاثون.

1.1K 117 105
                                    

| تأقلُم |
.
.
.

-" لَقد اِستنزفَ الكَثير مِن دِمائِه بالفِعل، ألا تَرى أنّه عَطِش؟! "-

صَرختْ فِيرانسيا موبّخة إيدولاس بينما تُمسكَ جسدَ داريُوس المُتهالِك بين ذِراعيها قبل أن يَقع، هَذا صحيح فهوَ كانَ نائِماً لأربعة أيام دون أية دِماء، ناهِيكَ عن أنه بصقَ الكثير مِنها أثناء عَملية النقلِ اللّتي آلمتهُ بِشدّة، و هَاهو يُخرج بعضَها مجدداً من فمهِ قَبل ثوانٍ، جسدهُ أصبحَ جافاً بالإضافة لِكونه مُتعب.

في العادة، الشعورُ بالعَطش الشَديد - كحالةِ داريُوس الحاليّة - سيسببّ فوضى عارِمَة، لكنّ الفَتى كان مُرهقاً لدرجة أنه استسلمَ دون مُقاومَة
رغم ذَلِك كانَ لا يزالُ يُحافظ عَلى وعيهِ، أراد دفعَ تِلك الامرأة عَنه فخصلاتُ شعرِها الحَمراء تُزعج وجههُ لكنّه أضعف مِن أن يرفعَ يده حتّى

-" لكنّي ظننتُ أنّه قَد رَوى عَطشه بالفِعل، الرفّ مَليء بزجاجاتِ الدمّ ! "-
-" ربّما يجدر بِكَ وضعها فِي مكانٍ أبعد في المرّة القادِمة اللّتي تُجبره على تحمّل ما لا طاقة لَه بِه؟ أم أنكَ ظننتَ أنه سَيستيقظ كالحِصان ليرتشفَ إحداها؟! بالكادِ تمكّنَ الفَتى من النُهوض عَن سريره ! "-
-" تريسي كانتْ هُنا طوال اليوم ! ألَم تُناوليه إحداها؟! "-

اِنتفضتْ تِلكَ المَقصودة بِهلع عِندما أتهمها إيدولاس بالإهمال ثمّ استدركتْ موقفِها السَيء حِين هَتفتْ برعب و هِيَ تعتذر بِتلعثم

-" لـ.. لقد نَسيتُ إعلامَكما أنه لَم يَشرب شيـ... "-
-" آوه كَفاكَ عَبثاً إيد، هل تُحاول لومَ الطِفلة الآن؟! "-
-" أنتِ أيضاً كُنتِ هُنا عِند استيقاظه لكنّك لَم تُساعِديه ! "-

الرّحمة...
شعرَ داريُوس بالدوار و الغَثيان إثر شِجارهم عَديم النفع و الجَدوى، فَقط لِيُعطوه بعضَ الدِماء عِوضاً عن لومِ بعضهم البعضِ و خَلق المشاكِل فوقَ رأسه،
تساءلَ بعدها في قَرارةِ نَفسه بينما لا يزالُ يسمع مشادّات الكَلامِ بينهم، ما إذا كانَ هَذا شعور أن يتشاجرَ والِداكَ في المَنزل كَما يقرأه في الروايات؟
لكنّه و بِطريقة ما يشعرُ بالامتنان لأنه ليسَ بين يَديّ إيدولاس على الأقل..

هَرولتْ تريسي حِينها لتلتقط إحدى زُجاجاتِ الدِماء ثمّ ناولتها والِدتها بسرعة و عَلى عجل لِتروي بِها عَطش داريُوس اللّذي و بصعوبة تمكّن من شُربها في رشفةِ واحِدة، و ذَلِكَ جعلَ فِيرانسيا تحدّق إليه بذهول لثوانٍ قَبلَ أن ترفعَ رأسها مُجدداً و تصرخ مُوبخة زوجها لِلمرة الثانية على التوالِي غير آبِهه لطبلتا أذنيّ بُندقيّ الشعر

-" ولكن فَقط مُنذ مَتى هَذا الصبيّ لَم يشرب شَيئاً؟! هَل كُنتَ تسقيه الهَواء "-
-" إنه لَيس رضَيعاً فِيرا ! إن عَطِش يُمكنه الشُرب ! "-
-" هل تُسمي نَفسكَ أباً؟؟ "-
-" لأنّه لا يُريد أن يَشرب لا يَعني أننّي تجرّدتُ من الأبوة ! "-

دِماءٌ مُتجمّدة. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن