| الزَهرة الّتي لا تَذبُل .. تُقطَف. ٢ |
.
.
.- الخامِس والعِشرون مِن أيلُول | الرابِعة عَصراً -
بعيونهِ القُرمزيّة حملقَ في السقفِ المُشققّ فوقه مع ملامِحَ مَيتة، وضعيتهُ تِلكَ و تعابير وَجههِ جعلتهُ يَبدو كَجثّة هامِدَة عِندما كانَ يستلقُي على ذلك السَرِير الخَشِن، فحتّى تنفّسه كانَ مُنتظِماً و هادِئاً لدرجةِ أن صَدره لا يُظهر أية حَركة تدلّ على حصولِ رئتيهِ عَلى بعضِ الأُكسجين
حَياتهُ لَا ألوان فِيهَا .. كَئيبة و مُمِلة للحدّ الّذي يجعلهُ يَبدو خاوِياً من الداخِل والخَارِج .. لديهِ هدفٌ لا عِلمَ لهُ كيفَ يُحققّه ولا عِلمَ له كيفَ يصلُ إليه إلّا أنهُ الشيءُ الوَحيد الّذي يعيشُ مِن أجله
لكنّه لا يَشكو من ذَلِك
بَل ما كانَ يَشكو منهُ حَقّاً ..هوَ أن وَتيرة حَياتهِ الهادِئة و الخالِيَة من أيّ صَخب يؤرّقه، قَد تمّ إفسادُهَا مؤخراً بسببِ صعلوكٍ باتَ كالعِلكة العالِقَة في شعره.
نهضَ عن سَريرهِ ببرود يُضاهِي برودةً القُطبِ المُتجمّد عِندما راحَ يقصدُ باب شِقّته بعدَ أن سَئم تجاهُله و هُو يُطرَقْ مُنذ ربع سَاعة
فتحَه مع نيّة بقتلُ أي ضَيف مُزعِج يُقابله وراءه-" رَجاءاً فَلادمِير ! "-
فورَ أن شاهدَ هويّة الطارِق ذو الشَعرِ الأسودِ الحالِك و العيونِ التركوازيّة اللّافِتَة أمامه سارعَ بِصفقِ الباب في وجههِ بكلّ بَجاحة ضارِبَاً كلّ الآداب و حُسنُ الاِستقبَال و التحلّي بالأخلاقِ الحَمِيدة عرضَ الحائِط و جاعِلاً جِيمس يجزعُ في الجانبِ الآخر إثرَ ردّة الفِعل تِلك
لَم يَيئس، بَل واصلَ طرق البابِ الخشبيّ بقبضةِ يَده و هو يتوسّل إليه
فجاءهُ صوتُ فلادمِير الخَشِن من خلفِ البَاب-" اُطرق البابَ مرّة واحِدة إضافيّة و سأقتلعُ مفاصِلَ يدكِ هذهِ. "-
ضييّقَ جِيمس عيناهُ بِقَلق و ترددّ، ثمّ نظر لِلأسفل ناحيةَ قدمهِ و قامَ بركلِ الباب بخفّة، هَذا لا يعدّ طَرقاً باليَد .. يُفترض بهِ أن يكونَ اِستثناء
ذلك ما ظنّه، لكنّه سرعان ما هرولَ مُسرِعاً عبرَ السلالِم لينفدَ بجلدهِ بعدَ أن فتحَ فلادمِير ذلك الباب بخشونَة مُهدّداً حَياتهمُنذ ذلكَ اليوم أمامَ بوّابةِ المَدرسة الثانويّة، باتَ جِيمس يلحقُ فلادمِير في كلّ مكان و يتوسّل إليهِ ليتحدّثا حولَ أمرٍ هَام كَما يزعم، لَقد أرادَ من فلادمِير تحويله لِمَصاصِي دِمَاء كَي يَدعمَ شقيقته و يُصبح جسده فولاذِياً في مستوى آخر عَنِ البَشر بعد أن عَرِفَ حَقيقته
لم يُصرّح بطلبه ذاك بَعد، لأن فلادمِير لَم يُعطهِ فُرصة ليتحدّث مَعه عَلى اِنفراد دونَ أن يقتله في المقامُ الأول .. كانَ جِيمس يظنّ نَفسهُ مَحظوظاً عِندما وجدَ أنّ ذلك الفَتى كانَ يسكنُ فِي البِناية المُجاوِرَة لهُم، و يَبدو أنه اِنتقلَ مؤخراً فَحسب لأنه لَم يسبق لهُ و قابله طوالَ السنواتِ الخَمس الّتي عاشَ فِيها في هَذا الحيّ القَذِر .. فأصبحَ يترددّ بالذهابِ لشقّته و الإلحاحِ عليه كَي يسمح لهُ بالتحدّث مَعه
و يَنتهي المطافُ بِه دوماً هارِباً منه
أنت تقرأ
دِماءٌ مُتجمّدة.
Vampire(مُكتَمِلة) نَحنُ نَسقطُ بِبُطئ نَحوَ الأعلى .. نتمسّكُ بآخر ما تبقّى من الأمل المُهشّمِ مُتظاهرينَ بالقوّةِ و القُدرة على الصُمود. دَعنِي أُخبركَ، الحَياةُ الهادِئة و المُسالمة لا تستمرُ للأبد دَعنِي أُنقذكَ، الأوهامُ لن تُبقيكَ قويّاً كما تظنّ دَع...