الفصل السابع والثلاثون.

1.1K 120 85
                                    

| رِفاقٌ جُدد |
.
.
.

الشُعاعُ الخافِت لِضوءِ الشَمسِ أكملَ اِنتشارهُ عَلى حُدودِ تِلكَ القُصورِ الهَندسيّة الضَخمة، مُعلِناً بداية يومٍ جَديد و عن صَفحةِ قُلِبتْ لِلتو مجهولٌ ما سَيكتبُ فِيها.

كانَ يجلسُ بِهدوء و سَكِينة على طرفِ سَريرهِ، عَيناهُ تلتهمُ الأسطر فِي ذَلِك الكتابِ بِنَهم، إنهُ معتادٌ عَلى الاِنغماسِ بالقراءة لدرجة فقدانِه الإحساس بمُحيطه، لا يملكُ أية فِكَرة كم ساعة مَضتْ و هُوَ يقرأ، لكنّه لَم يَشعُر بالتعبِ مُطلَقاً

لَقد مرّت ثلاثةُ أيامٍ مُنذ حادِثة آثلِرد تِلك، لكنّه و مُنذ مقابلته روسلانِ في الحَدِيقة الملكيّة مساءَ ذاكَ اليوم لم يَخرُج مِن غرفتهِ
سَمِع من خلال تريسي اللّتي كانتْ تَقضي أغلبَ وقتِها برفقتهِ أنّ الحكم النِهائيّ و الرسميّ قد أُصدِر بحقّ كُلاً مِن إيزولِدا و غافرِييل برفقة فِيكتُور، و تمّ نَفيهم جميعاً إلى القصرِ الخامِس و عَلى ما يَبدو أنها عقوبة قاسِية جِداً نَظراً لِردّة فِعلهم مِما جعله يُدرك تِلقائياً أن قصور أديلمَار الخَمسُ في الواقِع لديها تَرتيب هرميّ تسلسُليّ من الأفضِل لِلأسوء.

لُوسيوس لَم يَقِم بزيارتِه على غَيرِ العادة، سَيكون كاذِباً إن قالَ أنه لا يشتاقُ لظهورهِ المُفاجِئ من العَدم
لكن تريسي كانتَ خيرَ رفيقٍ لهُ في وِحدتهِ

كَذلِك هوَ لم يُقابِل إيدولاس، لِحُسن الحظّ.
لكن فِيرانسيا كانتْ تدخلُ و تعبث معهُ قَليلاً لِتطمئن عَليه، و هوَ فَقط بدأ يشعرُ أنها أقرب إليه كُل مرّة، لِدرجة أنه يجدُ نَفسه يبتسمُ لاشعورياً عِندَ مجيئِهَا

رمشَ عِدّة مرات ثمّ تركَ الكِتاب جانِباً و أخذ يُمددّ جَسده بإرهاق، بِئساً لَقد بَقيَ مُتشنجاً على وضعيتهِ تِلكَ لفترةٍ كافية جَعلته يشعرُ بأن عِظامه تخدّرت،
و فَقط كمّ من الوقتِ مرّ و هوَ هُنا كَالدودة ؟!

زفرَ بعبوس و نهضَ عن سَريرهِ يُحملق بنفسهِ في المِرآة الطَوِيلة، بَعيداً عن ملابِسه اللّتي لم يقم بتغييرها مُنذ الأمس، شعرهُ البُندقيّ يبدو في حالة فَوضى عارِمة أكثر مِن أي وقت مَضى !
كيفَ لم تَجزع تِريسي من النظرِ إلى مَظهرهِ هَذا ؟!
إنه ليسَ شخصاً مَهووس بِشكلهِ الخَارِجيّ، لكن هَذا كَثير

ضييّقَ عينيهِ بِاشمئزاز ثمّ توجه مُباشرةً لِغرفة أزياءهِ لينتقيَ له ملابِسَ جَديدة و يُقررّ تجديدَ طاقتهِ بأخذِ حمامٍ دافِئ و طَوِيل، استغرقَ حوالِي أربعونَ دَقيقة ليظهرَ بحلّة أخرى و مَظهرٍ أنيق، أكثرَ ما أرهقهُ كانَ تسريحَ شعرهِ الَفوضويّ دون أن يقومَ بنتفهِ من جذورِهِ

دِماءٌ مُتجمّدة. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن