الفصل الثامِن عَشر

1.6K 167 126
                                    

|اِضطّراب |
.
.
.

-" لِما لا يَبدآن بالعيشِ هُناك مُنذ اليومِ فَصاعِداً؟ "-

تحدّث جيمس بصوتٍ مُتململ بينما يضعُ ساقاهُ على الطاوِلة الخشبيّة أمامه مُخاطباً فلادمير الذي كانَ يحتسي كوبَ قهوتهِ مُبتسماً كالمُعتاد، و خلفه مُباشرةً وقفتْ تانسيلا و بِضعة رجال مِن هُجناء السلالة الملكيّة الذي كانَ قد أحكمَ سيطرتهُ عليهم بالفِعل، و بصوتهِ الفَريد أجابَ تساؤلات ذو العينينِ التُركوازيّة

-" أُراهنَ أنكَ تقولُ ذلك مِن بابِ الاشتياق، لا يُمكنني لومكَ، فأنتَ و كلاودِيل صَديقانِ مُقربان. "-
-" أغلق فمكَ، عن أيّ صَداقة بائسة تتحدّث؟ الشخصُ الوحيد الذي قد أعتبرهُ صَديقاً لِي هو أنا "-

زفرَ بعدها بضيق ثُمّ عدّل وضعية جُلوسهِ و نظر ناحيةَ عينيّ فلادمير الحمراء و هُو يُكمل بحذر مُستشعراً الهالة التي يصدُرها

-" لِما لا ترغب بِاختطافِ ذلكَ الأَمير فَحسب، أنتَ تُضيّع الوقت رغم مقدرتكَ على فِعلها بسهولة "-
-" من أخبركَ بأنّي لن أفعلها؟ فكّر قليلاً بالأمر .."-

استأنفَ حديثهُ مع ابتسامة ماكِرة زيّنت ملامح وجههِ البارِدة

-" لقدَ هربَ ذلك الفتى و هو في الخامِسة فحسب، دون أن يكونَ لديهِ دافعٌ للمجيء لهذهِ المَدينة المُكتضة بالبشر، لكن الآن هُوَ في السابعة عشر من العُمر و يملكُ بالفعل أشخاصاً مُهمين هُنا، إن قُمنا باختطافهِ عنوةً سيُعاود الهُروب ببساطة و ذلك ليسَ من مصلحةِ المملكة "-
-" لا تزالُ خُطتكَ عديمة المعنى، هل تظنّ بأن السلالة الملكيّة ستسمح لأحد أفرادِها بالهروب مرتين بهذهِ البَساطة؟ ثمَّ إن ما تقولهُ غير منطقيّ، ما الرابطُ بين كونه يملكُ غاية من القدوم و كونه لا يملِكُها؟ "-

ردّ جيمس باستياء مع نبرةٍ و ملامحَ ساخِرة اعتلتْ تقاسيمَ وجههِ
و رُغمَ ذلك حافظَ فلادمير على ذاتِ هدوءهِ و ابتسامتهِ الغريبة و هو يُكمل ببساطة بعد أن أفرغَ كوبَ قهوتهِ في فمهِ

-" إنّ الدافعَ هوَ الذي يجعلُ الشخصَ يتحرّك، فإن ماتَ الدافِع، لنْ يجدَ ذلك الأمير سبباً ليعود من أجلهِ، و على الأرجح سَيُفضّلُ البقاء معَ عائلتهِ في القصر "-
-" لا تزالُ خُطتك سَيئة، و لا أزالُ أرى بأنَّ فكرة اختطافهِ بسهولة أكثرَ مَنطقيّة من هذا الهُراء عديمِ الجَدوى "-
-" لطالما كُنتَ تميلُ للتهوّر جيمس، و ذلك ما جعلكَ تفشلُ طَوال الوقت، كَما حدثَ قبلَ سبعِ سَنواتٍ تماماً .. "-

بقولهِ ذاك تمكّن فلادمير بسهولة من تغييرِ مزاجِ أسودِ الشعر الذي نهضَ بِسُرعة ينوي الإطاحة بمن أمامهِ دونَ تفكير، فقد سيطرتْ مشاعرهُ على كامل أطرافِه حين وجّه لكمة عَنيفة لفلادمير الذي تفَاداهَا بِمُنتهى البساطَة بينما أمسكَ مِعصَم جيمس و أسقطهُ أرضاً بِخشونة جاعلاً منه يشعرُ بِعظامِ عمودهِ الفقري تتحطّم و ذلكَ بلا شكّ سببَ لهُ ألماً مُبرحاً اتّضحَ من خلالِ توسّعِ عينيهِ التُركوازيّة و سكونِ حَركتهِ نِسبياً

دِماءٌ مُتجمّدة. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن