الفصل الرابع والأربعون.

911 107 23
                                    

| اِستفسارٌ و إِجابَة |
.
.
.

تلاحَقتْ الساعاتُ و الأيام عَلى عجل لِتَطوي صفحة أسبوعٍ مُنصرِم في وقتٍ قِياسيّ لتستمرّ الحكاية مَحكيّة و بها من الخَفايا ما ظهر و مِنهَا ما يزالَ مَخفيّا

لم يُغادِر هوَ غرفته مُنذ قدومهِ من المَدينة، فَلم تَكُن لديه طاقةُ نَفسيّة لمقابلةِ أيّ شخص، قتلَ وقتَ فراغهِ بإنهاءهِ قِراءة الكُتب اللّتي أعطاها لهُ أنتولِي في وقت سابِق، لعلّه يجد فيها ما يُفيده و يصقل مَهاراتهِ أكثر و يبعثر عنهُ غَمامة الجهلِ .. و لَن يكذبَ إن قالَ بأنه حصلَ على بعضِ الفائِدَة الحقيقيّة من خلال قِراءته لتلك المُجلّدات .. و ما ينقصه الآن هوَ تطبيقُ ما تعلّمه.

الجانبُ الإيجابيّ أن جسده تَعافى تَماماً خصوصاً بعد شربهِ لِلدماء، و لن يُنكرَ فضلَ فِيرانسيا في تفقّده و مُتابعة حالته، ظنّ أنها ستكون صاخِبَة و مُثيرة للشغب و مُسببةً لصداعِ الرأس كَعادتها
و كانتْ ظنونه في محلّها لِلأسف.

لكن على الأقل، هيَ لم تصرّ على معرفة ما حدثَ معهُ آنذاك و كيفَ آلَ بهِ الحال لما كانَ عليهِ، و هو شاكِرٌ لعدم تطفّلها فآخر ما يريدهُ هوَ التحدّث بشأنِ قِتاله مع ذلك الوَحشِ الساديّ، يجبُ عليه أن يكونَ مُمتناً كلّ يوم لنوبة عَطشهِ المُفاجئة تِلكَ لأنها أنقذتْ حَياته من مَصيرٍ بشعٍ محتوم

طوالَ السبعة الأيامِ لم يقم بمقابلةِ أيّ فردٍ من سُلالته باستثناءِ أسرته الصَغيرة، تريسي كانتْ تَقضي معه بعضاً من وقتهِ و لاحظتْ أنه أصبحَ شاحِباً و بارِداً لا يتجاوب مَعها كالسابِق، رغم أنه حاولَ جاهِداً التفاعل معها كلّما أتتْ بنيّة إبهاجهِ قَليلاً، لكنّه يفشل في كلّ مَرة و يجد نفسه شارِداً أو مُتمتماً بنبراتٍ غير مُبالية من دونِ قَصد
سِوى أنه استغلّ وجودها بطرحِ بعضِ الأسئلة اللّتي رغبَ بمعرفة أجوبتِهَا ليكونَ أخيراً على قدرٍ لا بأس به من المَعرفة سواء عن سُلالتهِ أو قدراتِهم، بعيداً عن داريُوس الجاهِل قليل الخِبرَة
تريسي كانتْ تُجيبه قدر استطاعتها و بحسبِ المعلومات اللّتي تعرفها دونَ كللّ أو مَلل، و هو يقدّر لها جهدها هَذا بشدّة

بالنسبةِ لإيدولاس، فهوَ لم يَقُم برؤيته مُنذ اليوم اللّذي عادَ به، و يبدو أنه يحصل على المعلومات من فِيرا أو ابنتهِ لأنه لا يزال يشعر بأنه غَير مرغوبٍ به .. و الشيء اللّذي لا يدركه، هوَ أن ابنه لَم يَعُد يُبالي بمشاعره تجاهه، و لم يعد يملكُ رغبة أو طاقة بدفعهِ بَعيداً بعد الآن

أرخى رأسه لِلخلف فوقعَ على وسادتهِ الناعِمة سامِحاً لخصلات شعره البُندقيّة بالتبعثر حولها، قرمزيتاهُ عَانقتا السقف فوقه و هو يفكّر بالخروجِ أخيراً و إلقاء نَظرة على لُوسيوس فقد اشتاقَ إليهِ بعض الشَيء
و هوَ حقّاً بحاجة لتجديد الهواء في رئتيهِ، بدأ بجديّة يشعرُ بأنه في قَوقعة

دِماءٌ مُتجمّدة. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن