فصل إضافيّ 3.

380 30 16
                                    

| حَياةٌ جَديدَة |
.
.
.

تحتَ ذلكَ السقف شَبه المُهترئ، و فوقَ الأرضيّة الخشبيّة ذاتَ الصرير المُزعج احتوتْ تلك الشقّة القديمة و الضيّقة على ثلاثِ آرائك و طاوِلة واحدة استقرّت عليها بقايَا طعام مِن ليلة أمس .. لم يكُن مظهره مُشجعًا على الأكل، لكنّ أحدهم لم يُبالِي و استمرّ في مدّ يده بكسلٍ شديد ليلتقطَ ما تبقّى منه و يَحشو فمهُ مع ملامح وجهٍ عابِسة
بينما يمدّ كلا ساقيهُ لِلأمام بوضعية شبه مُستلقيّة فوق إحدى الآرائك الثَلاث ..

على الزاوِية، كانَ يُوجد مكتبٌ معدنيّ صغير و تالِف، به جهازُ حاسوبٍ قَديم و بعض الإلكترونيّات المُبعثرة فوق سطحِ الطاولةِ .. أصابعُ الفتاة السَمراء كانتْ تعبثُ بلوحة المفاتِيح بسرعة مُذهلة، دلّت على امتلاكها لخبرة واسِعة في المجال التقنيّ رغم مظهرها الّذي يُوحي بأنها مُجرد صبيّة في السادسة عشر على عكسِ عُمرها الحقيقيّ القابع خلفَ هذا الجسد الثابِت مُنذ سنين.

-" إن نجحتِ باختراقِ النظام، حاولِي فقط اختلاسَ القَليل من المال دون إثارة الشُبهات .. "-

سمعتْ صوتهُ المُميز قادم من ورائهَا .. كانَ قد أنهى لِلتو إعداد قهوتهِ المُرّة ثمّ راح يجلسُ بهدوء على أريكة أُخرى بعيدًا عن صاحب العيونِ التركوازيّة الّذي أطلق زفيرًا طويلًا و هو يتململُ بانزعاج

-" أتمنّى أن تختنقَ بهذا المشروبِ المُرّ و تَموت "-

لم يُعلّق فلادمِير، بل تبسّم ببرود و استخفاف و هو يرتشفُ قهوتهُ أمامه مع حاجبٍ مرفوع ..
في الوقتِ ذاته خرجَ الرجلُ صاحب الشعر القصير - الّذي بالكاد يُحاوط جُمجمته - من دورة المِياة الضيّقة الّتي كانت الغرفة المُنفصلة الوحيدة في هذه الشقّة الرخيصة بعد أن أخذ حمامًا دافِئًا يُعيد له حرارة جسدهُ في مُنتصف الشتاء القارِص، و بصوتهِ الصاخب تساءلَ بعد أن مسح المُحيط ببصره

-" ألَم يعُد أيًا من كايُوس أو آبِيلنو بعد؟؟ "-
-" آمُل أن أحدهُما وقعَ في حفرة و فَشِل في الصعود مِنها و الآخر دهسهُ قِطار ما "-

ردّ بسرعة و هوَ يمدّ ذراعه مُجددًا ليلتقطَ شيئًا من بقايا الطعام فوق الطاوِلة، لكنّه عبسَ و شتم في نفسهِ حينَ وجد أن الطاولة أمستْ فارِغة بعدَ أن قضى على ما كانَ عليها ..

-" هل يُمكنكَ الكفّ عن تمنّي موت الجَميع طَوال الوقت؟ "-

جُوردن تذمّر و هو يجلسُ على الأريكة الفارِغة المُتبقّية .. بينما أرجع جِيمس رأسه للوراء فانسدلَ شعرهُ الفاحِم شديد السواد لِلخلف، ثمّ قالَ بعد دقيقة صمت مُتجاهلًا حديث الرجل الآخر

دِماءٌ مُتجمّدة. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن