| بَـطـلُ أدِيلـمَار |
.
.
.بأطرافِ أناملهِ شِبه المُرتَجِفة تحسسَّ داريُوس نِصفَ وجههِ الأيسَر ليشعرَ بِلُزوجَة جِلده المُنصَهِر هُناك، أرخَى يدهُ حِينها و أدركَ من خِلال بصره المشوّه أنّه باتَ يُبصر بعينٍ واحِدة فَحسب، فجهتهُ اليُسرى لا تَرى سِوا فَراغاً حالِك
رمشَ بيُمناه ليستوعبَ الأمر أخِيراً
فَبدا مظهرهُ مُثيراً لِلشَفقة و هوَ يَتراجع لِلوَراء بِضعة سانتِيمترات لاشعوريّاً-" هَل أنتَ خَائفٌ الآن؟ "-
سألَ فلادمِير بلهجةٍ غَلِيظة لم تُخفِ سُخريته المُبطَنة عَبرها، عبّرَ داريُوس عن إجابتهِ بالصَمت المُطبق دونَ ردّ
هوَ يشعر بالألم بِالفَعل، و لَن يُنكِر أنه باتَ خائِفَاً من فِقدانه لعينهِ الأُخرَى أو لِحياتهِ بأكمَلِها .. التَفكير بالموت ليسَ مُخِيفاً بقدرِ مُواجهتهِ مُباشرة.
لكن كلّ ذَلِك لَم يكفِي ليُثنيه عن غايتهِ
ألم وجههِ و عينهِ المَفقودة، لَم يَكُن أسوء شَيء يشعر بهِ حاليّاًفلادمِير لَم يترك الفَتى يَسبح فِي تخيّلاته و أفكارهِ طَوِيلاً إذ أنّه اِنطلقَ مُسرِعاً لِيلتحمَ بهِ في هجومٍ جَدِيد قاطِعَاً خلوته تِلك
و ذَلِك الأخير و بِطَريقة مُفاجئة تمكّنَ من تفادِي هجوم خَصمهِ رغمَ سوءِ وَضعه، لكنّ إنجازهُ ذاك سرعانَ ما تبخّر حينَ وجده جَسده يُقذف و يَتدحرج ككرةِ بُولينج بَعيداً عن خَصمهِ-" يَجبُ أن تكونَ مُمتنًّا لِوجودِ هذه الثُلوج، كانَ جسدكَ لِيَتهشّمَ لولاها "-
علّقَ فلادمِير بفُتور و لَم يَنتظر ثانِيَة إضافِية لِيعاودَ الهُجوم من جَدِيد مُستغلاً عَرقلة داريُوس، لكنّه توقّف مُباشرةً قَبل أن يَصطدم بِه عِندما شاهدَ خصمه يبثقُ سيفه الملكيّ و يستدعيه سَرِيعاً لِيَضعه دِرعاً أمامَ وجههِ
و كَعادةِ فلادمِير، ليسَ من مُحبي ترك خصومِه يتلذّذونَ بإنجازِهم الصَغير و الّذي يتمثّل في مُجرد 'تفادِي هجومهِ'و بصورة سَرِيعة تعاملَ أبيضُ الشعر بِبَراعة مع ذَلِك فتمكّن من تجاوزِ طريقِ نصلِ داريُوس و الإطاحة بِالفَتى الّذي كانَ بالكادِ قَد استعادَ قَلِيلاً من قوّته و توازنه لِلتَو، شعرَ بألمٍ صارِخ و أوشكَ على الاِستسلام و تركِ عَزيمتهِ جانِبَاً
لكنّه لَم يَفعل
لأن ذَلِك الألم لَم يَكُن هوَ الجُزئ الأسوَء.عِندمَا عاودَ فلادمِير الهجومَ عليهِ مُجدداً، هوَ سارَع بالضغطِ عَلى نفسهِ و رفَع جسده المَرميّ على الأرض لِيَجلسَ مُستنِدًا لِركبتهِ، و فِي ومضةِ عَين و بسرعةٍ خاطِفَة لِلأبصار حرّكَ نصلَ سَيفهِ سَرِيعًا في اللّحظة الّتي كانَ فِيها فلادمِير قَرِيباً منه بِمَا فيه الكِفاية لِيقطعَ عُنقه !
لكنّ ذلكَ الأخير - رغمَ سرعةِ تلويح داريُوس بسيفهِ - لَم يلتهم الطُعم و أمالَ برأسهِ لِليَسار لِيَتجاوز ذَلِك الهجوم في الوقتِ المُناسِب، إلا أنّ عَيناه توسّعتا لَدى إحساسهِ بِوجعٍ لاذِع بعدَ ذَلِك، وضعَ كفّ يده عَلى جانبِ رأسهِ الأيمَن و هوَ يتراجع لِلوَراء باِضطراب فَلَمِحَ قِطعة اللّحم الغضروفيّة تِلكَ بينَ الثلوج مع بُقعة دِمَاء تَحتها و قطراتٍ قُرمزيّة داكِنَة تسيلُ تحتَ كفّ يدهِ
لَقد قُطِعت أُذنه ..
أنت تقرأ
دِماءٌ مُتجمّدة.
Vampire(مُكتَمِلة) نَحنُ نَسقطُ بِبُطئ نَحوَ الأعلى .. نتمسّكُ بآخر ما تبقّى من الأمل المُهشّمِ مُتظاهرينَ بالقوّةِ و القُدرة على الصُمود. دَعنِي أُخبركَ، الحَياةُ الهادِئة و المُسالمة لا تستمرُ للأبد دَعنِي أُنقذكَ، الأوهامُ لن تُبقيكَ قويّاً كما تظنّ دَع...