الفصل الخامس والثلاثون.

976 112 96
                                    

| اِستجواب |
.
.
.

-" سأغادِر لِلمَدينةِ اللّيلة "-
-" هَل أنتَ جادّ؟ "-

تحدّثَ الرجل ذو الشَعرِ الشائِكِ من فوقِ مقعدهِ بشيء من الاِنزعاج، فالتفتَ إليه رفيقه المَعنيّ ببرود و هُوَ يُجيب مُباشرةً

-" نحنُ بِحَاجة لإيصالِ تِلكَ المُستجدات إليه. "-
-" بَلَى، و لكن ليسَ بعدَ ما حدثَ مؤخراً يا رَجل، هَل تَنوي أن تَكشِفَ أمرنا لِلسُلالة، يَكفي أننا بِتنا مصدرَ شكّ بالفعل، فَالنتمهّل "-

نكسَ عينيهِ دون ردّ، ثمّ تنهّد و أكملَ و هو يسحبُ مِعطفه الداكِن من فوقِ الطاوِلَة

-" لا تَقلق، لَن ألفتَ الأنظار .. كَما أنّ جَلالتهُ و أُمراء القصرِ الأولِ مَشغولونَ ببعضِ المَشاكِل فيما بينهم البَين الآن، جُونَاثان. "-
-" أتقصد الاِستجواب؟ "-
-" الأميرُ غافرِييل أخفقَ هذهِ المرة، يَبدو أنه لا يملكُ إدارة جيّدة على خططهِ "-
-" لَقد كانتْ غَلطة سموّ الأميرِ فِيكتُور "-
-" بَل إنّنا سَبقناهم بخطوة فَحسب. "-

دخلَ أحدهم النِقاش فورَ أن حطّت قدماهُ عَلى أرضيّة تِلكَ الحُجرة، ثمّ بعثر بشعرهِ المُبلل يجففّه و هوَ يسترسل

-" أوَلاً، عَلينا حلّ ما خلّفه السيّد إيدولَاس من فَوضى في المَبنى الأول، و أيضاً.. "-

التفتَ حِينها للرجلِ الآخر صاحبِ الخَصلاتِ الذهبيّة المُميزة في شعرهِ الداكِن، و أكملَ كلامهُ بِذاته النَبرة السابِقَة

-" سأُرافقكَ، فِريدريك. "-

حِينها، أطلق ذو الشَعرِ الشائِكِ تنهيدة طويلة يائِسَة و هو يُغمض عينيهِ و يفركُ جبينه بأصابِعهِ يُحاول إبعاد الصُداع اللّذي أوشكَ على الانقضاضِ عليه بسببِ زميليهِ هَذان

-" فَقط لا تَجلِبا أية مَشاكِل، فنحنُ قَد نكونُ عُرضَة لِلمُراقبة الآن. "-

ثمّ حرّكَ جسده و عدّل وضعية جلوسه ليتّخذَ موقِفاً حازِمَاً و جادّاً جِداً و هوَ يُخاطبهم بنبرةِ مُحذّرة مع أعينٍ حادّة ارتسمتْ على مَحايا وجههِ البارِد

-" وَ إياكُما و الاِحتكاكُ بِسيرجي أو أحد رِجاله. "-

____________________

بَعد مرورِ يومٍ واحد على المأدَبة اللّتي تمّ إفسادُهَا بالفِعلِ، اجتمعَ المَلِك رِفقةً حاشيّته و بعضٍ من هُجناءِ السُلالة المقرّبون مع المتسببّونَ بفوضى الأمس

في إحَدى القاعاتِ المَلكيّة، جلسَ المَلِك على المقعدِ المُخصص له المُرتفع بِبضعة دَرجات، و حولهُ اِنتشرَ عددٌ قليلٌ مِن الحَرس، رِفقةَ رَجلينِ من السُلالة و امرأة.
على بعدِ بِضعةِ أمتَار أمامهُ، كانَ كُلاً من إيدولاس و فِيرانسيا اللّتي حضرتْ فَقط لأنّ داريُوس لم يَكُن لِيرغب بتواجدِ والِده مَعه بمفردهِ، فهوَ بالفعل لديهِ ثِقة مهزوزة بعدَ ما حَدث، و رغم أنّه لم يَصرّح بذلك عَلناً و لَم يَطلب منها الحضور، و لم يَكُن هناك أية داعٍ أو ضرورة لحضورها شَخصياً من الأساس، لكنّها أصرّت على مُرافقتهِ لِتجعله مُطمئناً بِما أن المَلِك لَم يُمانع وجودها

دِماءٌ مُتجمّدة. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن