الفصل الحادِي عَشر

2.2K 174 149
                                    

| مَشاعِرُ أُوستِن |
.
.
.

-" ما هيَ تِلك المُهمة؟ "-

صدحَ صوتهُ المبحوح بنبرةٍ مُنزعجة أكثر مما هيَ مُتسائلة يحتلّ عرشَ تِلك الغرفة الضيقة و التي اجتمعَ فيها سبعة أفراد اضطرّ للتعايش معهم منذ فترة طويلة .. اِبتسامة فلادمير الذي كان يجلسُ على الأريكة المُريحة الوحَيدة بين كومة المعادِنِ تلك لم تزلْ عن وجههِ حينَ ردّ بهدوء

-" أغيّرتَ رأيكَ؟ "-
-" ليسَ الأمر كما لو أننّي أرغبُ بِفعل ذلك، طَالما أنّي سأُغادر كومةَ الجحيمِ هذهِ و أعود لِشقتي مُجدداً فلا بأس بِمُهمة أخيرة "-
-" كَومةُ جَحيم ؟! أنتَ حقاً تغترّ بنفسكَ جِيم. "-

اندلعَ صَوته الساخر يُخاطبُ رفيقه الذي ضيّق عينيه التركوازيّة باستياء لَدى سماعهِ لاختصارِ اسمه بتلكَ الطَريقة فاستأنفَ ذو البشرة الحِنطيّة حديثهُ بكل بَساطة بينما يضعُ ساقاً فوقَ الأخرى

-" لمعلوماتكَ، سأكونُ شَريككَ في تلكَ المُهمة لِذا لا تُزعجني حِفاظاً عَلى حَياتكَ. "-

لم يُجبه جيمس بل حوّل بصره ناحيةَ فلادمير المُبتسم و قذفهُ بنظرة مليئة بالتساؤل تتخلّلها صَدمتهُ بِما سَمِعَ توّاً ففهمَ أحمر العينينِ مقصده ليفتح فمهُ يخاطب المُتسائل بهدوء موضحاً

-" كَلاوديل سيذهبُ معكَ هذه المرّة .. كما أن المُهمة أسهل مما تظنّ و في الواقع يُمكن لشخص واحد القِيام بِها لكنّكما تشكلان ثُنائياً جيّداً لِذا اِذهب برفقتهِ تحسباً لما قد يَحدُث، كُل مافي الأمر أنكما سَتطّلعانِ على مقرّ جَديد فكما تعلم هذهِ البِناية على وشكِ الانهيار، نحتاجُ لمكان آخر لاستقرارِ فيه. "-

فورَ أن أَنهي فلادمير حديثهُ انطلقَ صوتُ كلاوديل يُخاطب جيمس مُستفزاً إياه بِسُرعة

-" إذن .. هل أعجبكَ الأمر جِيم؟ "-
-" كَالجحيمِ تَماماً "-

همسَ بغيض و هو يعود لغرفتهِ الصغيرة ذاتَ السرير المعدنيّ و يرمي جسده المُنهك عليه، ألم يفكر في الهروب قبل لحظات؟ لقد كان بمقدورهِ فعلها، الهروب من هذا المكان و الهروب من فلادمير الذي كانَ ملتصقاً به طوالَ سبعِ سنوات، تلك النافذة تتسع لجسده، لن يراه أحد و لن يشكّ فيه أحد و لن يبحث عنه أحد، سيصبحُ حُراً.
لكنّهُ غيّر رأيه في اللحظة الأخيرة، قامَ باختيارِ البقاء معهم.

هُم ليسوا أصدقَاءه، ليسوا العائِلة الّتي أحبّها قطّ و هوَ لا يكنّ لهم أي مشاعر مُشابهة لكنّه وَ فقط يشعرُ بالمسؤولية تِجاههم بطريقةٍ أو بأخرى و ذلكَ الشعور يُصيبه بالغثيان و يجعله يرغب بالتقيّء، إنه يكرههم حدِّ الموت لكنّ في الوقتِ ذاتهِ لا يُمكنه قَتلهم أو الابتعاد عنهم لِفترة طويلة لسببٍ يجهله و يرفضُ الاعتراف بأنه قد يميلُ إلى جَماعةِ الحُقراء تِلك بأي طريقة كانتْ .. رغمُ أنه فِي قرارةِ نفسهُ
يَفعل.

دِماءٌ مُتجمّدة. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن