الفصل الثامن والثلاثون.

1K 113 120
                                    

| السيوفُ المَلكيّة |
.
.
.

عِندمَا أخذتْ قُرمزيتاهُ تَجولانِ بينَ تِلكَ المَمرات أمامهُ لانتقاءِ مَنطقة مُريحة ليسترخِي فِيها و يطردُ مَزاجه السَيء، كانَ عقلهُ مشغولٌ في التفكير بما حَدثَ قبل دقائِق، يتساءلَ ما إذا كانَ يُمكنه النوم في المَكتبة عِوضاً عن غرفتهِ؟

تنهّد بعبوس و هوَ يهزّ رأسهُ نافِضاً تلك الأفكار السَاذجة، ليسَ و كأنّه يُمنع دخولُ إيدولاس إلى هُنا، لكن عَلى الأقل إنها واسِعَة بما فيهِ الكفاية ليجدَ مكاناً يختبئُ فيه مِنه .. بل أفضل، إنها مليئة بالأثاثِ اللّذي يُمكنه العراك بِها و تحطيمُ رأسِ ناعِسِ العينينِ ذاك ثمّ الهُروب

وجدَ ضالّته عِندمَا شاهدَ مقعداً وحيداً لكن واسِع لِلغاية و طويل إلى حَدٍ مَا في الزاوِية، استقرّت أمامه طاوِلة زُجاجية بلونِ داكِن قَليلاً و عليها بِضعة نقوشٍ هندسيّة خَفيفة لا تكادُ تُرَى، يُمكنه بالفعل تخيّل الوضعية المُريحة اللّتي سيتحنّط جسده عَليها طوالَ الثلاثِ الساعاتِ القادِمة و هو يَقرأ الكُتب اللّذي أعطاه أنتولِي إياهَا

جلسَ عليهِ مُباشرةً و تبسّم حينَ وَجد أنه مُريح أكثرَ مِما تخيّل، و أن الموقِع مثاليّ لألا يعثرَ عليه أحد بسهولة نَظراً لوقوعهِ خَلف عددٍ لا بأس بهِ من رفوفِ الكُتب العِملاقة
بدأ يتصفّح الكِتاب الأول، و اللّذي حملَ عِنوان 'ياكُوف، بَطلُ أديلمَار' مِما دفعه تِلقائياً لرفع حاجِب بحيرة و اِستنكَار
يتذكّر أن أنتولِي أخبره أن هذهِ الكُتب ستجعله يفهم ميزته بشكلٍ أفضل، لِذا هوَ فقط توقّع عناوِين مثلَ 'محوِ القدرات' 'ميزةُ المَحو' 'أهم قُدرات أديلمَار' أو ما شابهَ ذَلِك، لكن عنوان هذا الكِتاب بدا مُثيراً للاهتمام عَلى نحوٍ غريب

شرع في القِراءة، و فقط حِينَ انتهى من المُقدّمة قاطعهُ صوتُ أحدِهم

-" مَرحباً.. "-

داريُوس تعرّفَ على الصوتِ اللّذي بدا مألوفاً لهُ، ثمّ رفعَ عينيهِ مُباشرةً ليُقابِل أثلِرد اللّذي كانَ يقفُ أمامهُ محاوِلاً رسمَ ابتسامةٍ على وجههِ رغم الخجلِ اللّذي يشعر به من ذاتِه، هوَ لن توقّع ترحيباً حاراً من الطرفِ الآخر خصوصاً بعدما حَدثَ في وقتٍ سابِق بينهُما
لكن داريُوس حطّمَ توقعاته لِلمرة الثانية عِندما تبسّم هو الآخر بِلُطف و ردّ تحيته ثمّ أشارَ له بالانضمامِ إليه دون تكلّف

اِلتمعتْ حمراوتَا آثلِرد لبضعة ثوانٍ ثمّ تغيرتْ ملامحه لأخرى دافِئَة، و جلس على مقربةِ من بُندقيّ الشعر مُحافِظاً على مساحتهِ الشخصيّة
كان يُطأطأ رأسه بترددّ، فهوَ لم يَكُن يوماً الشخص اللّذي يبدأ حِواراً مع الطرف الآخر، بَل هو لم يعتد بعدُ عَلى الجلوسِ بقربِ أحدهم مع ذهنٍ صافٍ !
كيف يبدأ الآخرون المُحادَثة؟
هَل هوَ ضيفٌ ثَقيل؟ كيفَ يمكن لأحدهم اقتحامُ جَلسةِ شخصٍ آخر ثمّ الجلوس دونَ قولِ شَيء؟ أدركَ أنه ارتكبَ خطأً بالقدومِ فورَ رؤيتهِ لِداريُوس لاشعورياً بينما هوَ في الواقع لا يملكُ مَا يقوله له !
و إدراكه لهذهِ الحَقيقة فَقط جعله يشعرُ بالمزيدِ من الحَرج

دِماءٌ مُتجمّدة. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن