الفصل الثاني

6K 335 148
                                    

|مصاصُ دِماء |
.
.
.

-" لا تنسَ وعدنا "-

قالَ باستعجالٍ مُذكراً أخيه الأكبر بِقضاءِ المساء معه حالما يعودان من الدوامِ الدراسيّ اليوم بينما يرتدي حذائه الرياضيّ بسرعة و ينهض ساحباً حقيبته المدرسية مبتعداً عن داريوس الذي بقيَ يراقبُ ابتعاد شقيقه عنه بابتسامة دافئة مودعاً إياه

-" لن أفعل .. و انتبه لنفسكَ. "-

أجابهُ بلُطف و سرعان ما شعرَ بيدٍ نحيلة تربت على كتفه الأيسر فالتفت تلقائياً لتتقابلَ عيناهُ الزرقاء مع عيناها الرماديّة الحانِية بينما تقول هي بابتسامة بعد أن أبعدت بصرها عنه تحدق بمكان دايلن الذي اختفى منذ لحظاتٍ فَحسب

-" أنا سعيدة "-
-" هاه؟ "-

قالها تلقائياً باستنكار بعد أن ظهرت علامات الغباء على وجهه لتكمل هي بذات نبرتها المرحة بعد أن انطلقت ضحكة صغيرة مِن فاهِها

-" أنا سعيدة لأنكما تصبحان أقرب لبعضكم البعض في كل مرة .. علاقة الاهتمام التي توليها لدايلن تجعلني أشعر بالاطمئنان و الرّاحة .. كما أن مقدرة دايلن على تغيير مزاجك و إسعادك تجعلني أشعر بالفخر و الدفء، لذلك أنا سعيدة بوجودِ كِلاكما في حياتي ! "-

أشاحَ بوجههِ بخجل واضح بعد تلقّيه لتلك الكلمات الحسّاسة و المَليئة بالمشاعر ليُغير الموضوع بسرعة بينما يتخطّاها نحو سيارتِهَا الحمراء

-" عـ.. على كل حال يَجدر بِنا التحرّك وإلّا سأتأخر عن الدوام كما تَعلمين "-
-" بِالفعل. "-

تَمتمتْ بهدوء دون أن تمحي ابتسامتها المُشرقة و تصعد على سيارتها خلف المِقود ليتحرك كلاهما لحيث وجهتهما

طوال الربعِ ساعة الذي قَضَياها في السيارة كانا يتحدثان عن أمور سطحية دارَ أغلبها حول رأي داريُوس بالثانويّة

-" لَقد وَصلنا. "-

هَتفتْ بابتسامة ليلتفتَ هوَ إليها بعد أن استيقظَ من شروده و يشكرها على تنبيهها لهُ مُضيفاً إلى ذلك اعتذاره على سرحانِه المستمرّ أثناء الطريق فَضَحِكتْ هي بمرح لتخففَّ من توتره و سرعان ما فتحَ الباب لجواره ليخرجَ و تتحرك السيارة مُجدداً مُبتعدة عنه بعد أن ألقتْ المرأة بداخلها بعضَ النصائح و التنبيهات إليه.

وقفَ ينظر لِلحشود أثناءَ دخولهم لبوابة المدرسةِ العملاقة مُشتتاً ذهنه بالكثير لولا أنهُ لَمحَ ذو العينان العسليّة بين الطَلبة و يبدو أنه متوّجهٌ لفصلهما و ذلك جعل داريُوس يُسرع خُطاه لاحِقاً به دون سببٍ مَنطقيّ، ربما فقط لأنه الشخصُ الوحيد الذي تحدّثَ إليهِ بشكل طبيعيّ من بين جميع الأشخاص هُنا.

دِماءٌ مُتجمّدة. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن