الفصل السادِس والأربعون.

943 117 88
                                    

| ضَيف |
.
.
.

توقّفَ و قدّ شلّت الصدمة أطرافَهُ عِندما شاهدَ ابنهُ بِالجوارِ و هوَ يُراقبه بِذهُول، أطالَ الوقوفَ بجمودٍ كَالتماثيل عُندما استوعبَ الموقفَ اللّذي وضعَ نفسه فيه لِلتو بينما يرمشُ رمشتين مُتتاليتينِ قبلَ أن يقررّ الهروبَ مُبتعداً آمِلاً أن يتجاهل داريُوس ما رآه

-" مـ.. مَهلاً ! "-

أتاهُ صوتهُ المُضطرِب عندما صرخَ خَلفه فتوقّف هوَ عن المَشي تِلقائياً دون أن يَلتفت، رفعَ يده ليُزيل الدمعَ الخائِن العالِق في عينيهِ الناعِسَة ثمّ سحبَ نفساً عميقاً يُعيد به تعابير وجهه المُعتادة عِندما أدارَ بجسدهِ ببُطئ لِلوراء ليُقابلَ صاحبِ الشعرِ البُندقيّ اللّذي تعلو وجهه ملامح يصعبُ فَهمها
أهيَ قَلق أم صدمة .. أو ربّما شَفقة؟

في الجهةِ الأخرى كانَ داريُوس يقفُ بجمود و توتّر و هوَ يُحاول العثور على حلّ لِلورطة اللّتي أوقع نفسهُ فيها عندما صرخَ بِذَلك دونَ شعورٍ منه و بشكلٍ تلقائي، كيفَ يُخبره بأنه لا يُريد شَيئاً منه و لم يَقصد مُناداته في المقامِ الأول؟
إن مَظهره سيبدو غَبياً جِداً إن استدارَ الآن و غادرَ دون قول أيّ شَيء لِوالده

إيدولاس لم يُعلّق على الصمت اللّذي طالَ بينهُما، و ينتظر بِصَبر أن يستفتحَ ابنه الحَديث مُخفياً استنكاره من هَذا الموقف غير المُخطط له

-" كَيف .. كَيف يُمكنني أن أسرع عَمليّة استدعاءِ السَيف؟ "-

كانَ ذلَك أول ما طرأ بِبَاله ليُبعد الشكوكَ عنه و يُوهِم والده أنه قصدَ مُناداته لأجلِ الحصول على بعضِ المُساعدة .. إيدولاس رفعَ حاجِبيه مع بعضِ الدَهشة و لَن يكذب إن قالَ أنه اشتاقَ لِهذا الحديث العاديّ اللّذي حُرِمَ منه مُنذ حادثة النَقل، لَقد مرّت فترة طويلة جِداً لم يتحدّث بها ابنه مَعه

-" بعضُ التَركيز عَلى الأرجح .. "-

هوَ الآخر لم يجد ما يقولهُ، ربّما لأنه لم يستعدّ لهذا اللِقاء مُنذ البِداية ..
داريُوس كانَ محظوظاً لأنه شخصٌ ثَمين لدى إيدولاس، لأنه لو كانَ شخصاً غيره لقذفهُ بَعيداً فمزاجهُ دوماً يُصبح سَيئاً عندما يعود من زِيارة قبرِ زوجتهِ الراحِلَة، يُصبح شخصاً كئيباً كارِهاً للحديث مع أي كائِن كان
فحتّى فِيرانسيا نَفسها لا تجرؤ عَلى الحَديث معه و هو في حالهِ هَذه لأنه تعلمُ جَيداً أنه يحتاج لبعضِ الوقت ليستعيدَ شخصيّته السابِقَة
آبِيغال حتّى و إن رَحلت، ما زالتْ قادِرة على العبث بمشاعرهِ.

داريُوس ضييّقَ عينيهِ بحيرة

-" هَذا فَقط؟ التركيز وَحدهُ؟ "-
-" تكرارُ استدعاءِ السَيف و التعوّد على ذلك قَد يُساعِد .. ربّما "-

دِماءٌ مُتجمّدة. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن