٦٤)【كَشْكُولُ المُحَاضَرَاتُ】

152 17 3
                                    

"كشكول المحاضرات"

خلق الله الذكر والأنثى و خلق فيهما ميل كل منهما للآخر لحكمة قضاها في أن يكون ذلك الميل دافعًا ذاتيًّا لتكوين الأسر التي هي نواة المجتمع و من أسرار الله التي لا يدركها العقل أن هذا الميل -الذي هو نوع من التوتر- لا يحصل له استقرار إلا متى أُشبع من خلال الزواج

و لذلك لم يرد ذكر الرجال والنساء خارج علاقة الزواج إلا على سبيل الفتنة كما قال ﷺ :

" اتَّقُوا النِّسَاءَ فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاءِ ".

و من هنا جاء الشرع بسد الذرائع المؤدية إلى هذه الفتنة و التي تتمثل في إبعاد الرجال عن النساء حتى في الصلاة فقال ﷺ :

" خَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا وَ شَرُّهَا أَوَّلُهَا "

و متى اقتضت الضرورة شيئًا من التعامل فليكن مع غض السمع و البصر و كف اليد عن اللمس و قد بالغ ﷺ في التحذير عن ذلك كله واصفًا إياه "بالزنا" تنفيرًا عنه فقالﷺ :

" كُتِبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ نَصِيبُهُ مِنَ الزِّنَى مُدْرِكٌ ذَلِكَ لاَ مَحَالَةَ فَالْعَيْنَانِ زِنَاهُمَا: النَّظَرُ، وَالأُذُنَانِ زِنَاهُمَا: الاِسْتِمَاعُ، وَاللِّسَانُ: زِنَاهُ الْكَلاَمُ، وَالْيَدُ زِنَاهَا: الْبَطْشُ، وَالرِّجْلُ زِنَاهَا: الْخُطَا، وَالْقَلْبُ يَهْوَى وَيَتَمَنَّى، وَيُصَدِّقُ ذَلِكَ الْفَرْجُ وَيُكَذِّبُهُ "

وقد عملت الأمة بهذه التوجيهات فكان في ذلك سبب لقوة عزيمة أبنائها و صفاء روح بناتها مما دعا الغرب لتحطيم جوانب القوة في الأمة و منها: جانب الفضيلة ، يقول أحدهم : كأس و غانية تفعلان في أمة محمد ما لا يفعله ألف مدفع

و بالفعل جاءت الحملة الفرنسية إلى "مصر" و معها الكأس والغانية مع المدفع ثم رحلت تاركة أذنابًا يدعون إلى التبرج و النظرة الجريئة و المصافحة و السهر و المراقصة

و في سن الشباب جاء الشيطان بحيلة هي من أعظم حيله ألا و هي: "كشكول المحاضرات" (فلاشة - قروب واتس)
فتيات قبلن بتبادل "كشكول المحاضرات" مع زملائهم ،
و قديمًا قال الشاعر :
  نظرة فابتسامة فسلام - فكلام فموعد فلقاء

فصار في عرف "الجامعة" تبادل "الكشكول" في قاعة الدرس ثم في فناء الكلية ثم في مطعمها ثم في المتنزهات إلى أن يصرح كل طرف للآخر بحبه على طريقة الأفلام أو يهدي له وردة في "عيد الحب" على طريقة الفضائيات و لا بأس أن تُدَس داخل "الكشكول" لمن بقي عنده أو عندها بقية من حياء

إليك هذه القصة من السيرة لترى كيف يصنع الشيطان لإيقاع ضحاياه في فتنة النساء

خوات بن جبير -رضي الله عنه- كان جالسًا إلى نسوة من بني كعب بطريق "مكة" فطلع عليه ﷺ و ذلك قبل إسلام خوات و قبل الهجرة فقالﷺ :
" يا أبا عبد الله مالك مع النسوة "
فقال :
" يفتلن ضفيرًا لجمل لي شرود"

(و لم يكن صادقًا) كحال صاحب "كشكول المحاضرات" في زماننا ، و على كل ففتل الحبل لا يقتضي أن يجلس معهن إلى أن يفرغن منه و ربما لا يفرغن إذا طاب المجلس كما لا يفرغ الطلاب من نقل المحاضرة الأولى حتى ينتهي العام و أحيانًا إلى أن يصبح زميله أستاذًا عليه و"الكشكول" ما زال يروح و يجيء على أمل الانتهاء من نقل "المحاضرة الأولى"

يقول خوات :
" ثم مضى ﷺ لحاجته ثم عاد فقال: " يا أبا عبد الله أما ترك ذلك الجمل الشراد بعد " قال : " فاستحييت " "

سبحان الله هذا على كفره آنذاك يستحي من أن يجادل عن جلسته تلك و شباب المسلمين يظل يجادل إلى آخر فرصة من مرات الرسوب

يقول -رضي الله عنه-:
" و كنت بعد ذلك أتفرر منه (أهرب) كلما رأيته حياءً منه حتى قدمت المدينة" أي : مسلمًا
و بعد ما قدمت رآني في المسجد يومًا أصلي فجلس إلي فطولت الصلاة فقالﷺ :
" لا تطول فإني أنتظرك "
فلما سلمت قال :
" يا أبا عبد الله أما ترك ذلك الجمل الشراد بعد "
فسكت واستحييت فقام و كنت بعد ذلك أتفرر منه حتى لحقني يومًا
فقال : " يا أبا عبد الله أما ترك ذلك الجمل الشراد بعد "
فقلت : " والذي بعثك بالحق ما شرد منذ أسلمت "
فقال: " الله أكبر الله أكبر اللهم اهد أبا عبد الله "
فحسن إسلامه وهداه الله

فانظر إلى تفقد رسول الله ﷺ لتخليص كل من أسلم من رواسب الجاهلية بينما يظل أبناء المسلمين في زماننا يتشربون من مستنقعات الجاهلية و لا يوجد من يذكرهم و يقول لهم :

" أما ترك ذلك الكشكول الذهاب و الإياب بعد؟! "

-💗
نسأل الله -تعالى- أن يهدينا و يهدي بنا و أن يهدي شباب و فتيات المسلمين

【إِهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ.❀】حيث تعيش القصص. اكتشف الآن