٣١)【مُؤمِنٌ بِي كَافِرٌ بِالكَوكَبِ】

215 24 1
                                    


"مؤمنٌ بي كافرٌ بالكوكب"

📚 عن زيد بن خالدٍ الجهني قال :
" صلى بنا رسول الله ﷺ صلاة الصبح بالحديبية في إثر السماء كانت من الليل فلما انصرف أقبل على الناس

فقال : ' هل تدرون ماذا قال ربكم؟ '

قالوا : ' الله و رسوله أعلم '

قال: ' قال : أصبح من عبادي مؤمنٌ بي وكافرٌ، فأما مَن قال: مُطِرْنا بفضل الله ورحمته، فذلك مؤمنٌ بي كافرٌ بالكوكب، وأما من قال: مطرنا بنَوْء كذا وكذا، فذلك كافرٌ بي مؤمنٌ بالكوكب ' "

و في رواية مسلم : فنزلت هذه الآية: ﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ﴾ [الواقعة: 75]، حتى بلغ: ﴿ وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ ﴾ [الواقعة: 82].

🌸 أولًا : ترجمة راوي الحديث :
زيد بن خالد الجهني - رضي الله عنه - سكن المدينة و شهد الحديبيَة و كان معه لواء جهينة يوم الفتح

🌸 ثانيًا : تخريج الحديث :
أخرجه مسلم و البخاري و أبو داود و النسائي

🌸 ثالثًا : شرح ألفاظ الحديث :

(بالحديبية): سميت بذلك نسبة إلى شجرة حدباء و قيل: إلى بئر هناك وعندها كانت بيعة الرضوان (سنة 6هـ) في ذي القعدة و الحديبية تقع غرب مكة

(في إثر السماء): (إثر) و هو ما يعقب الشيء والسماء هنا المراد بها المطر سمي بالسماء لكونه ينزل من جهة السماء
والمعنى: صلى بنا رسول الله ﷺ الصبح عقب مطرٍ نزل في الليل.

(فلما انصرف): أي : من صلاته

(هل تدرون ماذا قال ربكم؟): الاستفهام هنا للتنبيه و إلا فهو يعلم أنهم لا يعلمون ماذا قال .

(قالوا : ' الله و رسوله أعلم '): هذه عادة الصحابة إذا سئلوا عما لم يعلموا يقولون: الله و رسوله أعلم هذا هو الواجب على كل إنسان لا يعلم إذا سئل أن يقول: الله أعلم و في حياة النبي ﷺ يقول: الله و رسوله أعلم ؛ لأنه يأتيه الوحي من السماء أما بعد وفاته فيقال: الله أعلم لأنه ﷺ بعد وفاته لا يدري ماذا يحدث في الناس إلا ما أطلعه الله عليه كصلاتنا عليه فإنه قال: صلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم ؛ و لهذا يقال له يوم القيامة حين يؤخذ بعض الناس عن حوضه فيقول: أصحابي أصحابي فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك .

(مُطِرْنا بفضل الله ورحمته): الباء تفيد السببية أي: بسبب فضل الله و رحمته

(مُطِرْنا بنَوْء كذا وكذا): المراد بالنَّوء هو النجم والعرب في الجاهلية يعتقدون في هذه النجوم و ينسبون المطر إلى هذه الأنواء فيقولون: مُطِرنا بنَوء كذا وكذا فهذا من معتقداتهم التي كانت في الجاهلية

﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ﴾  (لا) زائدة للتأكيد و التنبيه فالآية على سبيل الإثبات لا النفي فأقسم الله تعالى بمنازل النجوم ومحل وقوعها

﴿ وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ ﴾ في الآية تقدير والمعنى: تجعلون شكر رزقكم أنكم تكذِّبون فتُضيفون الرزق - من مطرٍ وغيره - إلى غير الله .

🌸 رابعًا: من فوائد الحديث :

- الفائدة الأولى:
الحديث دليل على كفر من أضاف نسبة المطر والفضل للنجوم و نحوها و أنها هي المسببة لذلك و هذا ما كان يعتقده أهل الجاهلية

- الفائدة الثانية :
الحديث دليل على سُنِّية قول : (مُطِرنا بفضل الله ورحمته) بعد نزول المطر.

- الفائدة الثالثة :
الحديث دليل على حسن تعليم النبيﷺ لأصحابه حيث استخدم أسلوبًا يشد به انتباههم ويحرك أذهانهم

- الفائدة الرابعة :
الحديث فيه بيان سبب نزول قول الله تعالى: ﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ﴾  إلى قوله: ﴿ وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ ﴾

- الفائدة الخامسة :
الحديث دليل على أن إضافة المطر إلى النجوم والكواكب (كفر) و اختلف في معنى الكفر في الحديث:

١- فقيل: المراد به الكفر المخرج من الملة فمَن جعل الكواكب فاعلاً و مدبرًا و منشئًا للمطر فهذا لا شك في كفره و خروجه عن ملة الإسلام

٢- و أما من اعتقد أن الله هو المدبر و هو مع ذلك في لفظه فقط يضيف المطر إلى الكوكب فهذا كفر بنعمة الله تعالى؛ إذ إنه لم يُضِفِ المطر إلى الله تعالى أولاً واستدلوا برواية مسلم الأخرى: "أصبح فريق منهم بها كافرين" فقوله (بها) أي: بالنعمة

٣- و أما قول: (مطرنا بنوء كذا وكذا) أي جاءنا المطر في وقت كذا فهذه نسبة جائزة و من أهل العلم من كرهها لأنها من شِعار الجاهلية و لأن قائلها يُساءُ به الظن حتى يعرف اعتقاده

-💛
🌿 فالأولى ان يقال عند نزول المطر : *مطرنا بفضل الله و رحمته* و لا نعود ألستنا على كلمة النوء أو المنخفضات الجوية و الكتل البارده و الدافئة و غير ذلك من الألفاظ المستحدثة فتتعلق بها قلوبنا و تألفها من كثرة استخدامها و ننسى مع طول الأمد ان ننسب الفضل لله

【إِهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ.❀】حيث تعيش القصص. اكتشف الآن