"التعلق بغير الله"
أحيانًا تكمن المشكلة في التعلق ، التعلق بالأماكن بالأشخاص بالذكريات بالمناصب أو بأي شئٍ كان ، فهو في النهاية تعلق .
إحساس مُرهقٌ للقلب ، كاسرٌ للخواطر ، مُتلفٌ للمشاعر ، يُصيب الإنسان فيحول بياض أيامه الى سواد ، يغزو القلب فيدنيه من حافة الموت البارد موت القلب و تجمد المشاعر"قُل لي هل تحب الحياة؟"
عند البعض ، الحياة ليست معشوقة لذاتِها ، بل قلوبهم مُعلّقة ببعض أماكِنها ، شَغِفةٌ ببعضِ أهلها ، مغمورةٌ بمناصبها و سُلطانها ، ألا ترى حينما تدغدغ مشاعرُ الحب (لشخص أو مكان أو ...) فتبذُل له كُل غالٍ و نفيس حتى إذا بلغ التراقي و قيل من راق ، و كان بينكما الفراق ، حَسِبتَ أنّ كل الموجوداتِ أضحت عدمًا ، بيد أن الكُل ينبض و الكل موجودو صدق الفرنسي جيرودو حينما قال : "قد يكتظ حولك الناس و هم منكَ مدَّ البصر و أنت تتفَقّد واحدا ، تبحث فيهم و تشتاقُ إليه"
هُنا ، تُختصرُ الدُنيا في ذلك المذكور (شخص او مكان او منصب) و يضحي هو المحورُ و المركز و ما غيرُه في حكم العدم ، زائدون بغير فائدة ، فقط يُضَببون الرؤى ... حينها
ربما تهرعُ إلى الوِحدة و تنشد فيها خلاصك ، و ما أنت ببالِغِه!و في تعاملك مع البشر تيقن أنك ربما تكون معدوداً لديهم في أولئك الذين يُعتمون المنظر و تكتظ بهم الأماكن ، بيد أن وجودهم و العدم سواء ، فكن فطنًا ذكيًا مُشفقًا على أولاء المتعلقون بغير الله
إن أنكد العيش عيش قلبٍ مُشتت و فؤاد مُمزق تشعبت به الطرق و تكاثرت أمامه السُبل ، و لو تنقل ما تنقل لن يحصل لقلبه قرار و لا تقر عينه حتى يطمئن إلى إلهه و سيده و مولاه
نقِّل القلب حيث شئت من الهوى
ما الحب إلا للحبيب الأولِ
كم منزل في الأرض يألفه الفتى
و حنينه أبداً لأول منزلِيقول الشافعي رحمه الله : "كلما تعلقت بشخصٍ تعلقًا أذاقك الله مُر التعلق ، لتعلم أن الله يغار على قلب تعلّق بغيره فيصدك عن ذاك ليردّك إليه"
قال ابن القيم : "من تعلق بغير الله وكله الله إلى ما تعلق به و خذله من جهة ما تعلق به و فاته تحصيل مقصوده من الله بتعلقه بغيره ،
فلا على نصيبه من الله حصل و لا إلى ما أمله ممن تعلق به وصل"قال تعالى: {وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِّيَكُونُوا لَهُمْ عِزًا كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَ يَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً}
فأعظم الناس خذلانًا من تعلق بغير اللهو اعلم أنه لن يستمر معك أحد في هذه الدنيا ، كل الذين ضربوا جذورهم في أرضك و تظنهنم لن يرحلوا يوماً ... سوف يرحلون ،،،،،
حتى أعظم علاقاتك التي لله
و في الله (اجتمعا عليه و تفرقا عليه) فلا بُد يوماً من فراق
*فعلّق قلبك بالله وحده ،،،*و لمَّا كان أكثر ما يؤلمُ الإنسان في سفره مفارقةُ الأهل والأحباب و هم أُناس يتعلق القلب بهم ، أتىٰ دعاء النبي ﷺ في السفر : "اللهم أنت الصاحب في السفر و الخليفة في الأهل" بردًا و سلامًا على القلب و كأنَّ نَسَمَات معيّة الله الخاصة لعباده و حفظه لهم تتنزل كي تُبدِّدُ نيران المخاوف و تُحيلها طمأنينةً و أمنًا و سلامًا فلا ينشغل العبد إلا بالله.
فإن الذي يحفظ أهلك و يرعاهم ليس ملكًا من ملوك الدنيا بل الله خالق السماوات و الأرض ، فخذ بالأسباب و لا تخشَ شيئًا فقد تركتهم في حِمَىٰ ملكٍ قويٍّ عزيزٍ لا يُضيِّعُ من دخل حِماهُ.
قيل للشافعي : مالك تُدمن إمساك العصا و لستَ بضعيف ؟ فقال : لأُذكر نفسي أني مُسافر (يعني من الدنيا)
في الحديث :
كن في الدنيا كأنك غريب💗
اللهم أنت الصَّاحبُ في السفر و الخليفة في الأهل ، اللهم هوّن علينا سفرنا هذا ، اللهم لا تُعلّق قلوبنا إلا بك
أنت تقرأ
【إِهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ.❀】
Spiritual- قُلْتُ لِشَجَرَةِ اللَّوْزِ حَدِّثِينِي عَنْ اللهِ؛ - فَأَثْمَرْتَ. !!