١٠٨)【فِقهُ النَتَائِجُ وَالمَآلَاتُ】

68 11 5
                                    


كان عبدالرحمن بن الأشعث قائدًا عسكريًا محنكًا من تلاميذ الحجاج بن يوسف الثقفي أرسله الأخير للحرب على الحدود التركية،

وبعد أن حقق انتصارات مدوية خشي على جنوده من التوغل في هذه البلاد، فأجّل استكمال الهجوم للعام المقبل و لكن ذلك لم يعجب الحجاج واتهمه بالجبن و هدده بالعزل.

• غضب ابن الأشعث لذلك وشعر بالإهانة، وعزم على جمع الناس للثورة على الحجاج الذي كان الجميع يكرهه، لأنه كان معروفًا بالظلم والبغي وسفك الدماء

• جمع ابن الأشعث آلاف الجنود، فضلًا عن عشرات الآلاف من الناس لخلع الحجاج و انضم الفقهاء والعلماء وأهل القرآن إلى الثورة لخلع الحجاج الذي أراهم الويلات و كون الفقهاء كتيبة كاملة

• عرض الخليفة عبدالملك بن مروان على أهل العراق عزل الحجاج و أن يختار ابن الأشعث أي بلد يكون حاكمًا لها.

• كان العرض جيدًا و يحقق مطالبهم و لكن الحماسة والاغترار بالقوة والعوام غرّهم و رفعوا من سقف مطالبهم بعزل الخليفة نفسه و التخلص من حكم بني أمية

• استعد الجيشان للحرب، تقاتلا في ٨٠ معركة كان أشهرها معركة «دير الجماجم» التى استمرت مائة يوم استهدف الحجاج بلؤمه في المعارك كتيبة العلماء غير المحترفين عسكريًا و الذين يحمسون الناس، قتل آلاف العلماء والفقهاء والدعاة و حفظة القرآن.

• عندما شعر ابن الأشعث بالهزيمة فر إلى رتبيل عدوه السابق الذى يحكم بلاد الترك، لكن الحجاج هدّد الأخير بالغزو فسلم له ابن الأشعث ،

في كل العصور اللاجئ السياسي سلعة تباع و تُشترى بين الدول.

• قبض الحجاج على مئات العلماء والفقهاء و قتل أكثرهم و قبض على إمامهم سعيد بن جبير و قتله

• انتهت الثورة بقي الحجاج و ازداد ظلمه، بقي عبدالملك بن مروان ازدادت سلطتهم وسطوتهم مات الحجاج بعد ذلك تاركًا قرابة ثلاثين ألف سجينًا

• كان من أعظم حسنات عمر بن عبدالعزيز أنه عزل كل مسئول في الدولة عمل من قبل مع الحجاج مُطلِقًا صيحته الرائعة:
«كفى به سوءًا أنه عمل مع الحجاج»
لأن الحجاج كان بينه و بين إبليس نسبًا كما وصفه عبدالملك بن مروان نفسه.

• فشلت الثورة بعد أن سالت أنهار من الدماء لم تنصف هذه الثورة مظلومًا و لا رفعت ظلمًا ولا أقامت عدلًا ولا حقنت الدماء ولكنها أسالتها بغزارة وأولها دماء العلماء والفقهاء

• دخول العلماء والفقهاء في هذه الثورة كان خطئًا جسيمًا فقد مات أمثال سعيد بن جبر وأشباهه في وقت كانت الدنيا كلها أحوج ما تكون إلى علمهم و فقههم

كان يمكن للثورة أن تنجح لو أنها اكتفت بخلع الحجاج وحده، ولكنها أرادت كل شيء فضاع منها كل شيء،

لم تتعلم أن من زايد على المستحيل أضاع الممكن من بين يديه

•  مآلات الأمور لا تقل أهمية عن أسبابها و دوافعها فقه النتائج والمآلات فقه عظيم نغفل عنه جميعًا يلحقه مباشرة «فقه المصالح والمفاسد»،

فكل أمور السياسة والحكم والثورات وغيرها من الأمور الحياتية يضبطها هذان الفقهان.

• الثورات تبدأ نظيفة شريفة ثم تتلوث يصنعها الأبطال والشهداء و يركبها الأفاقون، ويجني ثمرتها الانتهازيون.

• الثورات تبدأ سلمية ثم مولوتوفية ثم يركبها المسلحون، تبدأ بالهتاف الصادق المكلوم وتنتهي بالدماء والسجون

• تبدأ الثورات عادةً بغلق السجون و تنتهي عادةً بفتحها على مصراعيها

• بعد سنوات من موت الحجاج و عبدالملك بن مروان حدث التغيير من داخل منظومة الحكم و أتى معجزة الإسلام عمر بن عبدالعزيز

الذي استطاع في عامين و بدون ثورات و لا دماء ما لم يستطعه أعظم الحكام في سنوات طوال

💙
ما أروع العدل و ما أقسى الظلم
اللهم ارزق أمتنا العدل

【إِهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ.❀】حيث تعيش القصص. اكتشف الآن