1

420 17 0
                                    

أغمضت عيناي بعد ذاك الإرهاق الشديد الذي اعتراني، لم يكن الخوف سيد الموقف بل العجز من نال شرف ذلك، شعرت بجسدي يتهاوى، و رأيت الموت يمد يديه لي، لتسقط دمعة شديدة الحرارة على خدي، ربما لهيب الألم من أشعلها، أمسك بي رجلين و وضعاني أمام كرسي كبير جدا بدا كعرش، يعتليه رجل في مقتبل العمر فاتح البشرة، طويل القامة، و إلى جانبه يقف الشاب الذي صب المياه الباردة على جسدي، نظرت إليه و أحاسيسي منعدمة لا توحي بشيء، و قلت له :" سينال منك والدي إن عرف بالأمر "،
نظر في وجهي ليضحك بأعلى صوت :" إسمعيني يا هذه، تلك العائلة التي تتخيلين حبا عظيما يسيل منها ليحتظنك، لم و لن تكون عائلتك، لم يعودوا بحاجة إليك، و مهمتنا أن نمنح فرصة أخرى للمنبوذين "،
نظرت إليه و ابتسامة خبيثة علت وجهي ثم قلت :" لن تجعلني أصدقك "، ليستأنف كلامه :" لقد احتفظ بك طيلة تلك السنوات ظنا منه أنك ابنته، لكن ما أن تطلق من والدتك تلك و السبب طبعا أنت ... حيث عرف أنك ابنة من تشجعت أخيرا و تزوجت به ... لم يعد للاثنان حاجة إليك "،
نظرت إليه و صفقت :" يا لخيالك الواسع "، ليشغل تسجيلا لوالدي مع السائق الذي وصلني لآخر مكان أتذكر التواجد فيه يخبره أن يتخلص مني .
ربما إدراك الحقيقة كلها دفعة واحدة كالسكين الذي يخترق الصدر ليشق الفؤاد إلى نصفين، فك الرجال قيودي و فتحا ذاك الباب الكبير، لأرى الغابة المخيفة أمامي، أين المفر ؟!! استدرت لأجد الزعيم مبتسما :" مرحب بك في قبيلة المنبوذين ".
هل أنا فعلا منبوذة ؟!! ألم يعد أحد يرغب بوجودي ؟!! ربما البقاء هنا لبعض الوقت أفضل من مواجهة الواقع الذي لست مستعدة للامتثال أمامه .

الدفاتر القديمة [ مكتملة ]حيث تعيش القصص. اكتشف الآن