2

253 14 0
                                    

بعد قرار المكوث في ذاك المستودع، مع قبيلة المنبوذين تلك، استدعى الزعيم شابة طويلة القامة، بشعر أحمر و الكحل قد طغى على بساطة عينيها، إبتسمت بذاك الفم الذي صبغته بأحمر شفاه صارخ، نظرت إلي و طلبت مني الإذن لتطرح بضعة أسئلة سريعة .

-" كم سنك ؟" قالت الشابة
-" ١٦ ربيعا " أجبت بهدوء ممزوج بخوف
-" من أي طبقة انحدرت ؟"
-" الغنية "
-" ما هو عمل عائلتك ؟"
- " شركة إنتاج أحذية "
- " عدد الأفراد "
- " والداي ... بالأحرى من كانا كذلك قد انفصلا، لذا هناك عائلتين ..."

فقاطعتني الشابة قائلة :" جيد لا جدوى من التفاصيل "

-" غريب لم تسأليني عن إسمي !!" قلت و علامة تعجب كبيرة تطغى على ملامحي
-" لا بأس، لأنه سيتغير ... الزعيم سيختار اسما جديدا لك في الغد، عليك الخلود للنوم لكي نجهزك للحفلة غدا "

أرشدتني الشابة لخيمة في مقدمة الغابة، و قالت أنه علي النوم فيها لليلة بغرض مواجهة المخاوف، و هي العادة الأولى للانتماء لتلك القبيلة، كانت مسألة النوم بمفردي في الغابة أمر صعب جدا، لم يغمض لي جفن طيلة الليلة، جلست أفكر في كل ما يحدث، أيعقل أنني أستحق كل هذا !، ألم أعتصر صدري و الظلام يمد يديه المخيفتين ليخنقني، ظللت أتخيل ظلال الوحوش فأختبأ في تلك البطانية القذرة، لم تفارقني تلك الكلمة المرعبة حروفها " منبوذة "، كيف حدث كل ذلك و لا علم لي بشيء ؟!، أدركت حينها أن هنالك أمور أشد سوءا من الظلام و العتمة، خرجت من الخيمة ليس لشد ضيقها بل لضيق صدري من كل ما حدث، و جلست تحت شجرة و أنا أصرخ بأعلى صوتي بكلمات أنا بذاتي لم أفهمها، صرخت حتى كدت أنفجر، تراكم الحزن في داخلي، تقدم الزعيم بخطواته الثابثة نحوي، رفعت رأسي من بين رجلاي و قد امتزج الوحل و الدموع في وجهي، قال لي :" ستواجهين كل مخاوفك، ستكونين على ما يرام بدون أولئك المنافقين "، نظرت إليه ثم ابتسمت، و كررت بصوت أشبه بالهمس " نعم سأكون بخير ".

الدفاتر القديمة [ مكتملة ]حيث تعيش القصص. اكتشف الآن