استندت إلى عارضة السرير، فكرت في كل الخطوات التي أريد الإقبال على فعلها، أغمضت عيناي بقوة ثم فتحتهما، أغلقت ظرف الرسالة ثم ابتسمت لنفسي في المرآة و همست
-" حظا موفقا "
وضعت الظرف أمام مخفر الشرطة بعد أن تأكدت أن لا أحد رآني، ثم اتجهت نحو منزل آدم، طرقته لثلاث مرات على ما أذكر ليفتحه بعد الطرقة الثالثة، بدا متفاجئا جدا، و ما أن تأكد أنني بالفعل واقفة أمامه حتى عانقني بقوة ثم ابتسم باتساع، كانت وجنتاه كحبتي طماطم، قلت له بلطف
-" ما رأيك بمرافقتي لتناول الغذاء ؟ "
لم يكن ذلك سؤالا فعلا، فمن الواضح أنه سيوافق، ارتدى معطفه ثم رافقني إلى أحد المطاعم التي أحبها، مطعم هادئ، و بعد تناول الغذاء بدأنا جولة طويلة، انطلقت من مدينة الملاهي و انتهت أعلى التلة، و بعد صمت طويل أثناء مراقبة الغروب، همس
-" آمل أن تخلد هذه اللحظة "
ثم التفت إلي و قال
" أحبك آنج "
لم أتفاجأ من جملته، فلطالما عرفت أنه يحبني، لكنني اكتفيت بالنظر للشمس التي تودعنا، ليردف
-" لم يكن لقاؤنا صدفة ... أعرف جايكوب "
لم أنظر إليه، بل لم أصدر أي ردة فعل، ليردف
-" أعرف كل شيء عنك، كانت وصية جايكوب الأخيرة أن أساعدك، أن أكون إلى جانبك، أن أبعدك عن ذلك العالم المظلم، لكنني وقعت بحبك، لم يكن الأمر في الحسبان، لم أخطط للوقوع في حبك، لكنك نلت فؤادي دون سابق إنذار، بتت مهوسا بمراقبتك، اللحاق بك، وكلت تشاد ليعيش معك، كنت أعرف أدق تفاصيلك، نجحتي، نجحتي بالابتعاد عن ذاك العالم الأسود، لكنك لم تفلحي بنسيان الماضي "
التفتت إليه لأبتسم و أقول بهدوء
-" بقيت خطوة أخيرة لأنجح "
لم يفهم كلامي، ذاتا توقعت ألا يفهم، ثم استقمت و استقام أيضا، لأقول
-" سنلتقي يوما ما، لو لم يكن هنا فبمكان أفضل "
وضعت سماعات أذني لأتأكد من المقطع الصوتي للمرة الأخيرة
-" مرحباا أنا أبريل، المعروفة بآنجل، زعيمة البافياه كابال السابقة، تلك المجرمة التي سيرتها كانت تثير القشعريرة و الرعب، أنا التي قتلت عشرات الأفراد في أكبر حرب عصابات شهده البلد، أعترف بذنوبي، و أعلم أنه لا يحق لي أن أنال شرف سماعكم لصوتي، لا أستحق شيئا، دفعت ثمن الخطيئة التي ارتكبها والداي لإنجابي، تألمت كثيرا، و ما زلت كذلك، حين ظننت أن قنديلا قد أشرق في عالمي المظلم اتضح أنها يراعة، و ماتت ما أن أمسكتها بين أناملي، مات جايكوب الشخص الوحيد الذي اهتم لأمري آنذاك، مد يديه لي كلما تعثرت، لكنهم قتلوه بذات الطريقة البشعة التي صرت بها مجرمة، كان غارقا وسط الدماء، مع ذلك كان يبتسم، جعلني أعده أن أخرج من ذلك العالم، هو لم يبكي، لم يقل أنه يتألم، لكنني شعرت بألمه، شعرت به في أعماقي، هو كان يرتجف بين يداي، هو رحل حينها للأبد، الحياة عاقبتني حينها، عاقبتني بقسوة، و ما زالت تفعل، لقد كان الشخص الوحيد الذي أحببته بذلك القدر، لكن حتى من أذنبت في حقهم لديهم من يحبهم مثل حبي لجايكوب، رحل الجميع، منهم من مات، من جرح، و من فر، أماي فقد سرت بين تلك المستودعات القذرة مطأطأةالرأس، و صورة جثة ملاكي محفورة في ذهني، لطالما حكت لي أوليفيا زوجة الزعيم حكاية الملاك الحارس، لكن لم يسبق أن أخبرتني بأن الملاك سيموت، أوليفيا كذبت، في هذه الحياة لا مجال لشيء غير الواقع و مرارته، لم أكن تلك الشريرة التي تستمتع برؤية الخوف في عيون ضحاياها، كنت مجرد غبية أساءت الاختيار، و لو عاد بي الزمن للخلف لخرجت حين فتحت البوابة، أن أصبح طعاما للذئاب أفضل من أن أصبح ذئبا مخيفا، بعد طول معاناة قررت العمل بوصية جايك، أن أصبح أفضل، لكن ذلك لم يكن سهلا أبدا، قد يجهل الآخرين ما حدث، لكنني أعلم كل شيء، و لن أسامح نفسي، قررت أن أتعاقب، أن أدع العدالة تختار لي ما أستحق، ليس لدي المزيد لقوله، فكل شيء واضح أشد الوضوح، لن أعتذر لأنني لا أستحق المغفرة، فقد كنت أقسى من أن أغفر لأحد، فمن أنا ليغفروا لي ؟! الحياة سيئة بوجود أمثالي، أمثالي الذين يحقدون دون سبب، و يتشبثون بأوهام قد تسعدهم لثواني حتى و لو على حساب الغير، لكن لا أحد يفلت من العقاب، فعين الله ساهرة لا تغفل و لا تنام "
____________
يتبع ...
أنت تقرأ
الدفاتر القديمة [ مكتملة ]
Teen Fictionكتاب يضم مجموعة من الروايات القصيرة ١) اللبؤة ٢) سلسبيل ٣) مهد الجريمة ٤) جينيفر قراءة ممتعة 😍❤ __________________ الغلاف من تصميم DawshetKottab