12

144 11 0
                                    

جلست أدخن السيجارة الثالثة على التوالي، أردت تخطي الماضي، شيئا يجعله ينمحي من ذاكرتي، لكن لا شيء استطاع أن ينزع ذاك الماضي اللعين من ذهني، دخل تشاد و بدأ يسعل، نسيت أمره تماماً، بدأ بفتح النوافذ و بدا كأنه يعاني من مشاكل في التنفس، صدره كان يعلو و يهبط بغير انتظام، لابد أن دخان السجائر هو السبب، أخرجته من الشقة و أمسكت بمعصمه متجهة نحو السطح، بدأ تنفسه ينتظم شيئا فشيئا، لأقول له بنبرة منكسرة

-" آسفة "

ثم التفتت متجهة نحو الشقة ليلحق بي بعد لحظات، دخل إلى غرفته، أما أنا فقد كنت على وشك الدخول إلى المطبخ إلا أن صوت جرس الباب جعلني أعود أدراجي لفتحه، تسمرت مكاني أنظر للطارق، حتى بعد مرور كل هذه السنوات لم تتغير، ما زالت مهتمة بمظهرها كما لطالما كانت، و ما زالت تبدو كشابة في العشرين من عمرها، كارولاين أو " أمي " كما فرض القدر عليها أن تكون، تشكلت قبضتي و انتشر الغضب بداخلي حتى برزت شراييني، لتقول هي بصوت مغلف بنبرة عميقة

-" إغفري لي "

ربما لو ظلت تنظر إلي فحسب ثم غادرت ما كان الأمر ليؤلمني كحين نطقت بتلك الكلمتين، لأجيبها ببرود

-" في ماذا سيفيدني ندمك ؟ أسيعيد شرفي ؟ هل سيطهر يداي من دماء الأبرياء ؟ أسيمحي أصوات صرخاتهم من مسامعي ؟ هل سيمحي كوابيس ذاك الجحيم الذي عشت فيه ؟ في ماذا سيفيدني ندمك سيدتي ؟! ندمك لن يصحح شيئا مما حدث، نعم أنا خطيئتك كما أخبرتني، أنا خطيئتك التي لن تُغفر، أنا نتيجة ذنوبك، و أنا من دفعت ثمن أغلاطك، فاغربي فحسب، إغربي عن وجهي و لا تدعيني أراك مجددا، ندمك لن يغير شيئا "

و همست

-" ندمك لن يعيده "

كانت عينيها تنبع بالدموع، أما أنا فقد كنت باردة للحد الذي شعرت فيه أنني جثة بلا روح، صفعت الباب في وجهها، ثم التفتت متجهة نحو الأريكة لأرتمي عليها، أغمضت عيناي بقوة ممسكة رأسي بين يداي، لأفتحهما بعد أن استشعرت أخيرا تلك العينان اللتان تثقبان ملامحي، نظرت إليه مطولا، باحثة عن أي ردة فعل، إلا أنه كان هادئا جدا، ليقول تلك الجملة التي عجزت عن فهم محلها من الإعراب

-" لا أؤمن بالصدف "

الدفاتر القديمة [ مكتملة ]حيث تعيش القصص. اكتشف الآن