67

1.9K 139 12
                                    

انا العداله(وعليك التحدى)
67
كان يقود سيارته فى صمت كانت مساحات سيارته تبعد الثلوج عن زجاج سيارته ليتضح الطريق
لعينيه  ,,كان البرد قارس , قاسي , مثلج
كبرودة عينيه التى لا تحمل اى معنى للحياه بحدقت عينيه ,, كان يدور بسيارته لساعات دون هدف , ودون هدى
أبعد عينيه عن الطريق لينظر لصورة أبنه الوحيد المعلقه بسلسلة ذهبيه على المراه الاماميه ,,
يذكر ذاك السلاسال الذى جلبته لها اسيا فى اولى عيد زواجهما ,, كان ياسين وقتها رضيعا صغير
يضىء حياته بأبتسامته المذهله ,, أبتسم فريد بشحوب ليذكر اولى سنوات زواجه ,,كانت السنه الاولى مذهله
كحلم ساحر ,, كان مخلص لحبه لاسيا , لم ينكر انه احب اسيا الى حد الجنون
لكن هذه هى الحياه , ما ان نضمن بقاء شريك الحياه حتى نسارع بالهروب , أوقف سيارته جوار الطريق
تأمل حبيبات الثلج المتساقطه بوهن , ليعود براسه للخلف
كم يتمنى لو عاد الزمن لتلك السنه , سنة زواجهما الاولى حين كان يظن كل رجل يسهر بعيدا عن بيته وزوجته
رجلا مجنون , حين كان مخلصا ,, لم يشعر بالدمعه النافره من زاوية عينيه التى فرت بحراره على وجنته
كان هناك فاص وحيد بين الحياه السابقه له , والحياه التى يحياها الان
,, الحياه السابقه التى كانت مليئه بالحب و الامان دون حدود , امام الحياه التى يحياها الان
بارده قاسيه ,, سيحياها وحيدا بسبب انانيته و فرط سوء التفكير ,,
تأوه فريد ليغمض عينيه وهو يضغط الذر لينزل  زجاج النافذه ليلفح وجهه الثلوج البارده لعلها
تعادل دفىء قلبه المتوهج أشتعالا
كان جالسا فوق مقعده الوثير , أصابعه تتحرك بحركه روتينيه فوق حاسوبه , كان شاردا بذهن بعيد
كان يحدق بوجوه الموظفين بالاجتماع بجمود ,, يبحث عن ملامحها فيما بينهم
كان صدره متضخم , بملامح جامده صلبه لا تعطى اى تعبير قد يستنبط منه , كان مجهد القوى ليس جسديا بقدر
ارهاق قلبه اللعين , لم يلاحظ اصبعه الذى يستشعر خاتم زواجه ,, اجازتها مدتها ليومان , يومان كاملا ,,
ولاول مره يشعر بهذا الشعور ,, شعور تائهه , هو من كان دوما يعرف ماذا يريد , وكيف يتصرف بحكمه
امام متاعب العمل ,, لكن امام متاعب علاقته الشخصيه يقف مكتوف اليدين , لا يعرف ماذا تخبىء له الايام
ولا الى اين ستقوده ,,الايام السابقه كان يدفن نفسه بالعمل  ويتعمد الابتعاد عنها ليترك لها حرية التفكير
وحتى لا يضغط عليها ,,الا انها سرعان ما شعر بالاحباط وهو يطالع هاتفه دون اتصالها او سؤالها عنه
, أمسك هشام جبهته ليردد بالانجليزيه بنبره عمليه
_ لقد أنتهى الاجتماع اليوم , سنناقش باقي التقارير فيما بعد
أدار كرسيه لعكس الاتجاه ليتنهد تنهيدة طويله حملت الكثير من ارهاق صدره
أستدار بمقعده ليلتقط هاتفه من فوق الطاوله الاجتماعات , كانت انفاسه غير منتظمه ,,
لم يعتاد ان يفرض نفسه على أحد ,, الا انها سرعان ما هتف بخشونه
_ اللعنه انها ستكون زوجتى
لينصت لصوت الرنين البارد,,
صدره يعلو وينخفض بحشرجه ,انفاسه اللاهثه تجاهد بألتقاطها وهى تسرع بفراشة الالوان فوق لوحة الرسم
كانت تطالع ما رسمته بأعين خضراء فاتمه لا تحمل حياه ,حدقتها المتسعه ترتجف بينما لم تشعر بريشة الالوان
التى كانت بين يديها وهى تسقط على الارض ,, أعتادت كلما أنتابتها حالة الاجهاد النفسي
ان ترسم و تلون ,,حتى هوايتها الوحيده اصبحت لا تجد الراحه فيها ,,
طالعت الرسم التشكيلي الغير واضح والالوان المتداخله الغير مندمجه و ممتزجه ببعضها , بأنفاس متسارعه
مسحت بظاهر يدها وجهها المتعرق ,, الذى بالرغم من برودة الطقس لم تفلح بزحزحة أشتعال جسدها
دوما تمنت ان تكون مراه مرغوب فيها ,
تمنت دوما ان تبنى بيت سعيد , وان تكون صاحبة اسره سعيده ,, ولكنها أستفاقت على واقعها المرير القاسي
رجل لا يبالى و امراه متضاربه الشعور و المشاعر و فى المنتصف طفلا صغير مسكين
ورجل يذوب عشقا بها ولكنها مازالت عالقه بالماضي ,,
رنين الهاتف جذب انتباهها لتستدير للهاتف الموضوع فوق الاريكه , تناولته لتطالع اسمه المميز بشاشة هاتفها
زفرت بأحتراق , لينتابها التردد بالاجابه ,, الا انها حسمت امرها بالاجابه
صوت الاجش العميق وصل لها
_ أتمنى ان تكونى بخير فى أجازتك السعيده
بللت شفتيها تحاول أستعاد رباط جأشها بثبات , تحدثت اسيا بخفوت
_ انا أسفه ,, أعلم اننى مقصره بحق عملى ولكننى أعدك اننى سأعود قريبا انا,,
قاطعها صوته الرجولى هاتفا بنفاذ صبر
_ بحق الله يا اسيا , هل لا يوجد شىء اخر عير العمل للحديث فيه ,
تصلب جسدها لتتزايد خفقات قلبها وصوته الدافىء يتسرب لها لتشعر برصاصة تنفذ لصدرها لتستقر
بصميم قلبها
_ أين الحديث عن حياتنا نحن , اين الحديث عن مستقبلنا معا
أغمض عينيه ليبتلع غصه مسننه بحلقه وكأنه يهاتف حجرا خالى القلب
همس بيأس وعلى وجهه أبتسامه مستهزأ
_ هل تعلمين متى اخر مره تحدثنا فيها عنا يا اسيا ,, عباره واحده تحوينا معا انا وانت , انت لم تخبرينى كم
عدد الاطفال الذين تريدين انجابهم لم تخبرينى انك تريدين أضافة تغيرات للمنزل,,أين كل هذه الاشياء
كور قبضته ليشعر بثقل قلبه وهو يقول بحسره
_ أين انت من حياتى
أغمضت عينيها لتشعر بمرارة حلقها ,, بينما الدموع المكتومه ألتمعت ببريق خافت
كان الالم ينهش قلبها , ما أشعرها بالاحتقار اكثر انها تدرك مدى صدق حديثه
كان مصيبا بكل حرف قاله ,,أين هى من حياته ,,
أشاح وجهه لينظر لسماء الليل البارده المثلجه , ليتابع حديثه الذى أرهق قلبه لعله يهدأ ثورته
_ انا الاسبوع القادم سأعود لمصر , سنعود معا ونحن متزوجان
عم الصمت لدقيقه ليأتي صوته بعد صمت طال هاتفا بنبره فاتره تحمل شعور ميت
_ الا أذا كان لديك راى اخر
أتاه صمتها لتتزايد معه خفقات قلبها المتسارع ,, ليأتيها همسها
_ سأعود معك , سنعود معا
أعاد ظهره للخلف ليشعر بأنفاس الراحه تقتحم صدره المتضخم ,, أعادت خصلات شعرها خلف أذنيها 
قالت اسيا بصوت مختنق برجاء أدمى قلبه
_ انا فقط اريد ان أعيد حساباتى انا لا اريد ان أظلمك معى يا هشام ارجوك
حرر أذرار قميصه الاولى وهو ينظر لحبيبات الثلج البيضاء مردفا بشوق
_أنتظرك لاخر سنوات عمرى , فقط لتكونى لى يا اسيا
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
كان ينظر لها نادر بجمود خالى المشاعر ,, بعد ان أفاقها من غيبوبتها التى أستمرت وقت ليس بقليل
بعد ان أخذو سليم , وكأن عقلها أستسلم لغفوت غيبوبته خير ما ان يشهد تلك اللحظه
كانت تهزي بكلام لم يستطع أستنباط منه الكثير سوى بعض اسماء و هماهمات , كان اسم سليم هو اساسها
مقلتيها القاسيه كانت مرتكزه على اوراق الورد المنثوره ارضا , كأشلاء قلبها المحطم
كانت تشعر بخواء قلبها الفارغ  الا ان هذا لم يمنع بأن تشعر بأنقباضات قلبها المجروح المتألم 
,, وكأنها انفصلت عن العالم لتأسر بعالم اخر موازى اكثر ظلاما
و اشد سودا ,, كانت تجلس على الاريكه كطفلة صغيره تنتظروالدها بعد أنتهاء الدوام المدرسي , 
كان جسدها يرتجف برعب ,.نهض نادر ليسير لاحدى الغرف القريبه ليسحب غطاء ليخرج ليدثرها جيدا
كان يربت على راسها بهدوء هامس
_ لا بأس , لا بأس حبيبتى
كان نادر يجاهد بأخراج احرفه المختنقه , حتى انه أبتلع قرص دوائي بمحاولة منه لاهدأ خفقات قلبه المتوجسه
ربما لكونه يعلم ما هم مقبولون عليه ,, همس صوتها المتحشرج بهزيان و دموعها تسير في صمت
_ عيناه , عيناه يا نادر , لاول مره ارى تلك النظره فى حدقته الزرقاء
يده المجعده أرتعشت فوق راسها حتى انها رقعت مقلتيها لوجهه ,, تنتظر منه الاجابه المطمئنه لعل
صوت ضميرها يهدأ ,, الا ان صوته المختنق همس بخفوت
_ لقد فتحت علينا ابواب الجحيم , وحده الله يعلم ما يدور الان بعقله
وكأن احدهم سكب عليها دلو ماء بارد , لتزداد انقباضت صدرها وهى تردف بشفاه شاحبه
_ ماذا تعنى يا نادر , هو ايضا ظلمنى لقد كذب علي واوهمنى بحبه لى
حينها أنخفض نادر ليجلس ارضا ليستند بظهره على حافة الاريكه , رفع قدمه ليسند معصمه فوق ركبته
حينها لم يستطع كتم ضحكه بلا مرح ,, ليقول بين ضحكاته بيأس
_ حتى هذه ايضا خدعه ,
سقط قلبها ليزداد انعقاد حاجبيها  لتبتلع غصه بحلقها وهى تشعر بالرعب ,, للحظه ترددت بالسؤال فى المعرفه
ربما لو عرفت الحقيقه حينها حقا ,, قد تكون فتحت ابواب الجحيم بيدها 
الا انها همست بوجهه شاحب و صوت مرتعش يجاهد بتجميع احرفه
_ سليم , لما ,, لم يخونى
مقلتى نادر كانت تنظر لوجهها بشفقه , ليقول
_ كانت خدعه من كمال ليجعلك تساعديه و يضمن ولائك له , لا اعلم كيف فعلها لكن الاكيد انه هو خلفها
لم أكن اعلم ان الوضع سيسوء لهذا الحد لقد نفذتى دون ان تعودى لى ,,
كانت تنظر له بحدقت مصدومه و فمها مفغور بجنون ,,بينما كان نادر يتابع حديثه بأستفاضه 
_ حاولت لايام التواصل معك دون اجابه , ظننت سليم انه أختطفك لكن ما ان عرفت الحقيقه حتى سارعت للسفر
لعلى أنقذ ما يمكن انقاذه ولكن ,,
كتم عبارته امام وجهها الشاحب و مقلتيها التى تنذر بسقوط دموع مكتومه
ليدرك لحظتها الخطأ الذى ارتكبه  ,,أعتدلت بجلستها وهى تقاوم أنقباضت قلبها النابض , لتترك لدموعها العنان
_ كنتم جميعا تخدعونى , جميعكم تلاعبتم بى,, كان هو فقط الشخص الوحيد الصادق معى
نهض نادر ليقول وهو يقترب منها
_ جميله انا ايضا خدعت
قطع صوته صراخها وهى تهدر بوجهه بتوحش
_ ماذا تظن نفسك , هاه بحق الله ماذا تظن نفسك , عن اى خداع تتحدث انا خدعت زوجى , انا سلمت زوجى لهم
,, لقد عاونتهم على خداعه و الغدر به , عن اى خداع تتحدث بحق الله
تركها تفرغ ما بصدرها من شعور ,, كانت تقف امامه كالمهوسه بثوره حتى ان تشنج صوتها أقسم
انه سيفتك بأحبالها الصوتيه ,كان تهدر فى الحديث بين صراخ و توحش
صدرها يعلو و ينخفض بثوره , لتبتلع غصه قاسيه بحلقها لتبتسم وكأنها ذهب عقلها بعيدا عن الواقع
لتقول بنبره هادئه مختلفه تماما عما تحمله بداخلها
_ انت لم ترى عينيه,, وكأننى اطالع وجهه لارجل اخر
أغمضت عينيها لتشعر بحرارة دموعها النافره فوق وجنتها , لتهمس بنبره مثلجه
_ سليم سيعود ,, سيعود للانتقام منى
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
أحتمت بسترتها من الثلوج المنهمره وشعرها الطويل عقدته برباط مطاطى لم يمنع هذا من تطاير شعرها بجنون
, كجنون قلبها ,,عينيها البنيه لا تحد عن باب منزلها , تعلقت عينيها به وهى يتقدم منها بشموخ كان يرتدى
ردائه الرياضي الاسود رافعا غطاء سترته فوق راسه داسا يده بجيب سرواله  , ما ان تقدم منها ليلفح انفها
رائحته الرجوليه المختلطه بعطره حتى تبخر كل الحديث الذى ظلت طوال الطريق تجمع شتاته ,,
لا تعلم لحظتها ماذا شعرت , وكأنها لاول مره تراه بأعين جديده ,, كان وسيما وسامه مهلكه اضافت له
نظرت الحزن بعينيه طابعا خاصا
وظلال السواد حول عينيه كانت واضحه و كأنه لم يرى النوم لايام
,,وقف امامها ليشرف عليها من طوله ,, للحظه شملها بنظره متفحصه
لم تلاحظ بين الظلام فكه الذى تحرك بتأثر
ظل صامتا يطالع سترتها التى تبتلع قوامها النحيل , ليردد صوته قائلا بفجاجه لا تلائم ايام الفراق بينهما
_ أتمنى ان يستحق ما ستخبرينى به نزولى الساعه الواحده ليلا
أجفلت من حديثه الا انها ابتلعت شعورها لتعقد ايلين امامه بتحدى لتتحدث 
_ كيف تعقد خطوبتك من فريده دون ان تخبرنى ولماذا تتجاهلنى كل هذا الوقت
ألم يعلمك احدهم الذوق والتهذيب
تشنجت عضلات وجهه , ليقاوم رغبته الضاريه بلفظ لفظ نابي حقير على مسامعها الا تحضره غلبه
قال بجمود بارد بنفس ملامحه التى لم تلين
_ اولا انا لدى مطلق الحريه بالحديث عن خطبتى فأنا لا أذكر اننى عاهدتك عن الحديث عن حياتى الشخصيه
ثانيا بالنسبة لسؤالك الثانى نعم انا أتجاهلك
اما بالنسبة لامر التهذيب فأنت تحديدا يفضل ان لا تتحدثى عن مثل تلك الامور وانت تتجولين مع وجه الضفدع
صديقك ,,
لم يشعر بأنفعاله وصياحه وهو يردد الحديث الاخير امام وجهها , ملامحها أشتدت حزما الا انها سرعان
ما ضيقت عينيها بتفكير لتردف بغباء
_ وجه الضفدع , هل تقصد جونيور
أبتسم لها ابتسامة سمجه لا تحمل اى مرح
للحظه أنتبه لوجه والدته خلف زجاج النافذه , امسك ذراعها ليجرها لسيارته متحدثا
_ يالك من لامحه ذكيه , على كل حال لا يهم هيا لاوصلك
صاحت ايلين , وهى تدفع يده بعيدا عنها
_ وايا كان هذا لا يمنع ان تتجاهلنى بهذا الشكل المهين ,,
جز على اسنانه ليقرب وجهه منها حتى لم يفصلهما سوى بضع سنتيمترات ليتسرب رائحة شعرها اللعين
لصدره . الا انه قاوم ميوله الغريزى ليهمس امام شفتيها وهو يجز على احرفه بتهديد
  _ هيا لاوصلك لبيتك يا مهذبه فى هذا الوقت المتأخر وانت اسفل بيت شابا عازب
أبتلعت ريقها لتشعر ايلين بالحرج لتمط شفتيها
_ سيارتى لن اتركها هنا ,,
للحظه تحركت راسه تجاه سيارتها الحمراء الشبيها بقطعة الخرده المتحركه , لاحظت نظراته الساخره
لتردد بأصرار
_ لن اتركها هنا وحدها ,,
همس زين الدين بسخريه
_ المسكينه مكسورة الجناح ,,
أكتفت ايلين بنظره غاضبه ,, ليزفر زين ليرفع كفه لها بأستسلام ,, لتتسع ابتسامتها وهى تضع
مفتاح سيارتها البائسه براحة يده
سار لسيارتها فى صمت بينما هى ركضت خلفه تحاول الحاق بخطواته لتقول بود
_ هل تصالحنا ,,
حافظ على ملامحه البارده بينما بداخله كانت ابتسامه متسعه صاحبها صوت الضمير الذى اخرسته متعة اللحظه
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
كان يرتشف سيجاره الرفيع بشرود ,, يراقب ألسنة النيران المشتعله من حطب المدفأه ,,
كان يرتشف سيجاره بأصابعه مرتعشه , كان يطالع المطفأه الكريستاليه التى قبعت فيها اعواد السيجاره
ولاول مره يشعر بطول ساعات الليل المظلم البارد , فوق العاصمه المظلمه لندن ,,
كانت الشوارع خاليه من الحياه ,,تقبع بكل مكان كتل الثلج القاسي ,,
تعالى رنين الهاتف ليسارع مأمون بألتقاط الهاتف بلهفه ,, طالع الرقم الدولى بأنفاس مقبوضه
ضغط ذر الاجابه ليرفع الهاتف لاذنيه ,,ليأتيه صوت موظف الاستقبال
_ سيد سليم لقد أنزلنا حقائب كما أمرت بالموعد الذى حددته لكنك تأخرت , أتريدنا ارسالها للمطار ,,
سيد سليم ,,سيد سليم
خفقات قلب مأمون تدق كطبول الحرب  و حدقته السوداء المتسعه
,, بينما صوت الموظف على الطرف الاخر منادى بأسمه يقطع سكون الليل
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
تمتم طارق وهو يسير جوار اللواء مسعود بالممر الطويل
_ المتهم الان بغرفة التحقيقات سيادة اللواء
دخلا الغرفة السريه بالزجاج المعتم , لينظرا له من خلف الزجاج
كانت غرفة ضيقه كئيبه و مظلمه شعاع ضوء ضئيل يتسرب من مصباح فوق الطاوله الخشبيه التى تتوسط الغرفه
يقابلها مقعدان , كان هو يجلس على احداهم , بوجها ميت مظهر الحياه الوحيد لجسده
هو العرق النابض المميز بعنقه ,,
تحدث اللواء بغلاظه وهو يضيق عينيه يراقب وجهه البارد ,,
_ لا يبدو كمظهر مجرم خطير يحيرنا كل هذه الاشهر
ابتسامة مستهجنه لم تبرز على وجه طارق وهو ينصت لحديث اللواء ,,
تحدث مسعود بنبره رسميه وعينيه لا تتزحزح عن وجه هارون
_ تابع انت التحقيقات يا طارق وانا سأرسل لك ظابط لمساعدتك , لقد أنتهى دور المقدم كمال سيعود لجهازه
عم الصمت لدقيقه ليتنحنح طارق بحرج وهو يقترب من أذن اللواء ليتحدث همسا بعيدا عن أذان الباقيين بنبره عمليه
_ هناك أقتراح بسيط سيد مسعود ,,
نظر له اللواء من زاويه عينيه بتركيز ليقول طارق متابعا
_ سيد كمال يريد ان يتابع التحقيق بنفسه ,,
تنهد اللواء ليتحدث بعد صمت
_ لقد حددنا من البدايه مهام وظيفة المقدم يا طارق , انت تعلم , القاء القبض على المتهم و انهاء القضيه
, التحقيقات عملنا يجب ان يكون ظابط من جهاز الامن الوطنى
عاد اللواء لصمته وهو يطالع وجه هارون ,, نظر لطارق بتفهم ليقول
_ انت ما رايك
تحدث طارق بوضوح و بمتتهى الحياديه
_ من راى المقدم كمال هو انسب شخض لهذه المهمه , هو أكثرهم علما بشخصية المتهم و بعقله بالاضافه
اننا فى خلال الاشهر السابقه أستفدنا كثيرا بأنضمامه للفريق و مذاكرته لملف القضيه بشكلا كامل
و بصراحه لولاه لما أستطعنا ألقاء القبض علي هارون او سليم اى كان اسمه
أومأ مسعود براسه بتفهم ليردد بتأكيد
_ نعم , كمال حقا شخص مجتهد و ذكى الا انه عيبه الوحيد انه يرفض الالتحاق بجهاز الامن الوطنى بعد كل العروض
المغريه التى عرضناه عليه يقول انه يحب الاعمال الاداريه ,
زفر اللواء لينهى الجدال ليقول بأمر رسمى
_ ابعث المقدم كمال ليبدأ التحقيقات بسرعه واريد تقرير مبدأى عن القضيه بالكامل
كان يلتهم شطيرة اللحم بأشتهاء متلذذا بطعم اللحم ,,عادت شهيته المفتوحه بشكلا كبير منذ ان أتى لهذا المبنى
تحديدا منذ ان أعتقل سليم ,,, من المفترض ان ينهى تسليم مكتبه منذ ساعات الا انه ألتزم البقاء
بعد ان اوضي طارق برغبته بأستمرار التحقيق على يده ,,
من المفترض ان يكون كأى ظابط بأى قضيه معقده خاصة ان أستمرت لاشهر
طويله ارهقت العقل البشري ,, ان يتعجل بأنهاء القضيه دون حتى ان يتابع سير التحقيق ليعود لعمله القديم الروتينى
الا ان اصراره على المواجهه و التحدى كان لهما الاثر الاكبر على نفسه كظابط
و ربما ايضا رغبته الملاحه بالاقتراب من شخصية هارون الانسان أقرب من هارون المجرم
طرقات على الباب جعلت انظار كمال تتعلق على وجه طارق المستند بذراعه على حافة الباب بأبتسامه منتصره
أدرك منها ,, نيل مراده ,,,
ألتهم اخر قطع شطيرته ليستقيم ناهضا بحماس ليسير معا بخطوات متسعه
أستعاد كمال روح النشاط و الحس الامنى ليتحدث بأمر
_ هل أخذت منه كل متعلقاته
_ جميعها , ساعته , هاتفه و نظارته  و سبحته حتى معطفه لقد فصل عن العالم الخارجى بالكامل
رفع كمال حاجبيه هامسا بخفوت
_ سبحه , هذا الرجل لا يتوقف عن أدهاشي ابدا
ربت كمال على ظهر طارق بحماس مثير لدخلا الغرفه السريه ليطالع سليم للحظات
سرعان ما رفع نظارته الطبيه فوق عينيه بعمليه ليسحب دفتر اوراق و مسجل
العدو ليس من يقف امامك و السيف في يده , بل كان من يقف جانبك و خنجره قد أخفاه خلفه,,
كانت ملامحه الجامده , تخفى خلفها الكثير ,بعد عدة اجراءات طويله وضع بهذه الغرفه الضيقه
عينيه الزرقاء القاسيه أعتادت على ظلام الغرفه ,, لقد انفصل عن العالم الخارجى منذ ساعات,, لا يعلم التوقيت
حتى أذان المساجد بعيدا الى حد ما عن المكان لا يستطيع السماع ليسترشد منها على التوقيت
و فرق التوقيت كبير بين مصر ولندن , ساعته البيولوجيه أعتادت على توقيتات الساعه الانجليزيه
الشىء الوحيد الذى قد يعلم منه الوقت هو موعد أبرته على رأس الساعه ,,
أنفتح الباب ليتخلخله ضوء قوى , لم تهتز حدقته الزرقاء ,, ليتقدم كمال منه مغلقا الباب خلفه
وضع المسجل و الاوراق فوق الطاوله ,, ليجلس مقابله , عينيه الحاده لا تحد عن وجه كمال
بينما كمال كان بداخله يحسده على ثباته الانفعالى ,, لقد تصور عند علمه للحقيقه سينهار و سرعان
ما سيهزى بكلام عجيب الا ان الوجهه الثابت الذى امامه أشعره بالاحباط
تحدث كمال بنبرته الاجشه
_ أظنها نهاية الطريق و محطة الوصول ,, أنتهت اللعبه
ملامحه لم تبدو عليها التأثر , كان يبدو كتمثال جليدى خالى المشاعر ,,تابع كمال الحديث ليقول
_ نحن لا نوجد على هذه الارض لنعيش حياة مثاليه,
خرج صوته العميق من حنجرته
_ لكننى كنت أعيش حياة مثاليه ,, على الاقل قبل ان تدخلوا حياتى
عم الصمت لدقيقه لينحصر التركيز على , تدخلوا حياتى , بالتأكيد تلك العباره غير مقتصره عليه هو
ككمال , دس يده بجيب سرواله ليخرج علبة سجائره ليأخذ واحده يضعها بين شفتيه ليرفع العلبه لسليم مرددا
وهو يشعل سيجاره ,,
_ اعلم انك غير مدخن لكن الحديث سيطول ربما لا تكون فاخره كالسيجار الانجليزى لكنها تفي بالغرض
كان يحاول كسر الحائط الثلجى للحديث فيما بينهم  ,, الا انها اكتفى بأهتزاز راسه رافضا
تحدث كمال بنفس النبره الهادئه التى تحمل الكثير
_ اى حياة مثاليه  فى سرقة الخزائن و قتل زوجة القاضي و حرق مخازن , وما خفى كان أعظم
اى مثاليه فى ما تفعله يا سليم , بأى حق تتحدث بأسم العداله و القانون  من صنفك رب
تحاسب و تنتقم , لماذا لم تلجأ للقانون
أبتسم أبتسامه رجل فقد حبه للتو غلغلها الاستهزاء , و روح الاستاذ الجامعى تلبسته لوهله
ليردف بحكمه منطقيه
_ القانون لم يوضع لمنع الجريمه بل لاحتكارها اى للسماح بها لاناس معين, لماذا لا يكون هارون من هولاء
الناس المعين
هتف كمال
_ تتحدث عن هارون و كأنه شخصا غريب لا تعرفه بينما سليم وهارون اسما لنفس الشخصيه
وكأن مقلتيه الزرقاء سبحت فى الظلام ليتحدث
_ هارون بالفعل شخص غريب لا اعرفه يا سيادة المقدم , مات هو ومبادئه يوم ان ظلم
, يوم ان كان مدافعا على شىء يسمى القانون ليكون هو اول الاشياء التى ظلمته
انا فى نظر القانون مجرم ولكننى فى نظر العداله شخص صالح
كان كمال يتطلع له بأعين متسعه ,, وكأنه فى حوار مع شخصا يعانى من انفصال شخصيه بحاله مرضيه حرجه
,, وهذا اخر ما قد يصدقه عن سليم المفتى او هارون العسال ,,
لم يشعر برماد السيجار الذى حرق جانب يديه
تحامل كمال على نفسه ليعود للتفكير العملى ,, الا ان سؤاله صفع أذنيه
_هل سبق ورأيت الشيطان
تنهد كمال مستعينا بتمارين الثبات التى تدرب عليها بكلية الشرطه ليجيب
_ وهل هناك من يراه
تحدث سليم بنبره غامضه وعينيه بين الظلام تلتمع ببريق مريب
_ انا اراه كل يوم عندما انظر للمراه
,,

انا العداله (وعليك التحدي) .. للكاتبة لولا محمدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن