51

2.6K 165 7
                                    

انا العداله (وعليك التحدى)
51
ارتشف قدح الشاي الدافىء,حدق لخيوط الامطار المنهمره على الزجاج  ليتأمل الماره الشتاء اصبح متزايدا بشكلا كبير الاونه
الاخيره,,كانت اصابعه تدور حول حافة القدح بشرود وصوت نشرة الاخبار الانجليزيه متعاليا بالارجاء
تنبأ بحالة الطقس الغير مستقره مع ضرورة البقاء بالمنزل الى انتهاء السيول بالمدن المجاوره,
_يالها من صدفة سعيده
الصوت النسائي جعل مقلتيه البنيه ترتفع لها لترمقاها للحظه بدهشه الا ان سرعان ما تصلبت ملامحه لتعاود للجديه,ارتسمت
ابتسامه خفيفه على ثغره ,ليقول بنبره حاول اخراجها مرحبه
_اهلا يا فريده ,
أغلقت مظلتها الصفراء,لتجلس بمقابلته لتشير للنادل بطلبها لمشروبها ,جز على زاوية شفتيه بعدم رضا كان اخر ما يريده للتو
هو رؤية فريده ,فى بعض الاحيان يفضل الجلوس وحيدا مع حديث النفس هذا لعله يصفي لنفسه
اختار خصيصا هذا المقهى البعيد على اطراف المدينه حتى لا يقطع احدهم خلوته الخاصه
نزعت وشاحها البنفسجى لتضعه على الطاولة لتتمتم بحرج
_أتمنى ان لا اكون قد ازعجتك بحضورى يا زين
اجاب مجاملا و الاحرف تخرج ثقيله من حنجرته
_لا داعى لمثل هذا الحديث,كيف حالك
اتى النادل ليضع امامها قهوتها والكعك ,تمتمت بنعومه مرحه
_لا تنتظر منى ان اخبرك اننى بخير لاننى لست كذلك منذ ان عدت من سفرى وايلين ارهقتنى من تسوقها
شبك اصابعه فوق الطاوله ليضيف بتفهم وعلى شفتيه بسمة متزنه
_تفاصيل الفتيات كثيره ومرهقه ,,الا اننى اراها مستمتعه وهذا اهم ما فى الامر كله
للحظه برقت مقلتيها السوداء وهى ترمقه للحظات فى صمت,الى ان اتاه صوتها بتأثر
_انت صديقا رائع بحق لقد اخبرتنى انك ساعدتها بمعظم اشيائها الخاصه
للحظه نظر لقدحه ليعاود بعد لحظات برفع عينيه لها ليقول لها ممازحا
_تستطيعين انت ايضا اعتبارى صديقك ان احتاجتى شيئا لزفافك ,ادعينى
_لكننى لا اريدك صديقا انا اريد منك اكثر من ذلك
كانت تقولها بثقه تنظر لعمق عينيه البنيه,,للحظه فغر شفتيه لا يكاد يدارك جرائتها بالحديث او لم يتوقع ان تسير المحادثه العابره
الى تلك النقطه,,رفع يداه ليمسح على طول رقبته بتوتر,وكأن الامر يزداد تعقيدا وكأنها كالاغلال تأبي ظفره بحريته
ألتقت نفسا طويلا ليخرجه ببطء,,يحاول اختيار العبارات المناسبه لمثل هذا الموقف الى ان قال
_لن استطيع يا فريده ان ابادلك نفس الشعور
نغزات بارده شعرتها تشق صدرها ,,الى ان عاد لها صوته الاجش من جديد
_انت حقا فتاة رائعه وجميله ,لكننى لا اظن اننا مناسبين ,قد يكون شعورك نحوى مجرد اعجاب عابر انت بالكاد رايتنى بضع مرات
صدقينى ما تشعرينه نحوى ما هو الا محض شعورا عابر ,,ليس حبا
كانت اظافرها خلف الطاوله  تنغرز بلحم فخدها دون شعورا منها,,همست بصوت فارغ
_انت لا تملك الحق بتحديد مشاعرى تجاهك يا زين الدين
أحنى راسه بذنب,,لا يعرف ايهما اسواء ,ان يجرح قلبا تعلق به ام يمنى نفسه بحب مستحيل لفتاة قارب موعد زواجها
_هل هناك فتاة اخرى ,هل تحبك كما انا احببتك
أبتلع غصه بحلقه ,ليردف بنبرة بارده
_هل سيضيف هذا للامر شيئا
هتفت بحسم وهى تتجرع خيبتها
_على الاقل سأرتاح
لوهله تردد بالاجابه,,ليشيح راسه بالنفي,ليقول بمراره
_صدقينى انا لا اعلم الاجابه على هذا السؤال
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
وضع حقائب التسوق بالاريكه الخلفيه,هتف ياسين بحماس غريب وهو يروى لوالده احداث يومه الدراسي
_لن تصدق,لقد اعطانى بيتر كل الحلوى التى معه والغذاء ,أعطانى حصته بالغذاء,انه شىء جنونى
رفع فريد حاجبيه متظاهرا بالدهشه,وعينيه لا تتزحزح عن الطريق,ليقول بأمر
_اربط حزام مقعدك جيدا
اعاد ياسين احكام حزام الامان حوله,قائلا
_انه جنون يا ابي,,كيف تغير بهذه السرعه لقد كان يضربنى بشكل يومى الان اصبح يخاف منى وكأننى وحش كاسر
صمت ياسين للحظه,لينظر لسيارته التى لا يتركها,ليتمتم قائلا
_لقد كان يتحدث عن شىء له علاقه بجنى المراحيض,,هل تظنه سيأتى الى لينتقم منى انا ايضا
نظر لها فريد من زاوية عينيه,ليحك راسه الاصلع,ليجيب ببساطه
_جنى المراحيض لن يأتى اليك لا تقلق,,ولكن لا تأكل الحلوى
أومأ ياسين براسه بتفهم,,لينظر للطريق بسعاده بينما والده بجواره برزت منه ابتسامه مميزه 
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
اوقفت سيارتها بموقع العمل الصحراوى,,اخبروها بعودته من زفاف ابنت عمته ,وحين عودته اتى لمخازن الشركه,
لم تستطيع الانتظار لعودته ولذلك اصرت على ذهابها اليه,,بحثت نيلي عنه حتى علمت بمكانه
_ادهم
كان واقفا امام لوحة التشغيل الكهربائيه للمخازن كان يضع معطفه ارضا بينما ظلت مقلتيه ترمقان الاذرار الكهربائيه بتفكير
,,تنحنحت نيلي وهى تراه فى قمة تركيزه
_كنت اريد ان اشكرك عما
صوته الاجش الخشن قطع حديثها
_هناك احدهم تعمد فصل الكهرباء بالكامل عن المخازن ليكلفنا خسائر المخزون
عقدت نيلي حاجبيها بعدم فهم,استدار لها لتصطدم بملامحه الحاده,,بالرغم من ارهاق وجهه وشحوبه الا ان ملامحه الحاده كانت مخيفه,
همست بتسائل بقلق
_ماذا حدث
أمسك احدى المناشف المجاوره ليمسح يده المتسخه,وهو ينظر للوحة التشغيل بخبره قائلا
_ ,تعمد احراق لوحة التشغيل الكهربائيه لنخسر البضاعه بثلاجات المخزن
جحظت عينيها المكحله بأدراك,اللعنه ,اللعنه,,هذا يفسر هيئته الرثه,خرج صوتها بتردد
_هل اتيت من المطار لهنا
للحظه شعرت بغباء السؤال,هو يرمقها بأستنكار لم يخفيه,,جلس على الارض الخشنه وهو يمسح وجهه المتعرق من حرارة الشمس
الحارقه بالموقع الصحراوى
_هل اتصلوا بي صباحا للحضور لحل المشكله,هناك خبران,الخبر السعيد اننا لم نخسر المخزون بالكامل الخبر الثانى وهو السىء اننا
ان لم نسرع بتوصيل الكهرباء للمخزن سنخسر البضاعه بالكامل والامر يحتاج عاملا فنىا لتشغيله
هتفت به ببساطه
_أذن لنتصل بالعامل الفنى,,
هتف صوته بأعتراض ليبدد كل البساطه التى تتحدث بها
_مستحيل,الطريق وحده للمجىء لهنا يأخذ خمس ساعات وامامنا ساعه واحده لتوصيل الكهرباء للثلاجات حتى نستطيع تدارك الخسائر
قبل اتلاف الادويه بالكامل,,
مررت اصابعها بخصلات شعرها بخذى,,وهى تهتف بحده وهى تنظر لانحاء الصحراء القاحله وشمس تقترب من المغيب
_اللعنه,اللعنه,ماذا سنفعل الان
أغمض عينيه ليردف بهدوء مقلق,
_بحق الله,اتركينى افكر قليلا,
أستقام بوقفته ليعاود النظر للوحه التشغيل مجددا,وهى خلفه منكمشه الا انه ترمقه بترقب,كان ذهنه يحاول ربط التوصيلات الكهربائيه
ربتت نيلي على كتفه,هامسا
_لا بأس يا ادهم لقد فعلنا الكثير للشركه  وانت مجتهد ستعوض الامر هيا لنذهب قبل الليل,,
ضيق عينيه السوداء,يحاول التذكر يكاد يعتصر ذهنه
المزرعه,غلال القمح,المخزن بالمزرعه
_اتملكين ادوات 
هتف صوته لها بثقه,رفعت كتفيها له مرددا
_من اين سأتى بالادوات انا لم اكن اعلم بالمشكله
_السياره,ادوات تصليح السيارات تملكيها ,
صاح صوتها بحماس مدرك,,
_نعم,,نعم لدى بصندوق السياره
سارع ادهم راكضا لسيارتها,ليبدأ بالتقاط لادوات اللازمه,,لينظر لساعة معصمه لم يتبقي سوى ثلاثون دقيقه
عاد مسرعا امام لوحة التشغيل,ليبدأ بالعمل كان يقوم بتوصيل بعض الاسلاك ببعضها البعض
تحدث لها وحبيبات العرق تجمعت على جبهته
_ادخلى المخازن واخبرينى حين تصل الكهرباء,,
_انا لا
_اذهبي يا نيلي الان
سارعت خطواته للمخازن ,كان الليل قد بدى بينما المخازن غارقا بالظلام ,تقدمت بخطوات متردده
كان صوت عقارب الساعه يتعالى بأذنيه,,كان في سباق مع الزمن,,
موجب والسالب,امسك طرف السلك النحاسي,ليلتقط نفسا طويلا
أضاءت الانوار المكان لتدير محركات الثلاجات شهقت نيلي لتقفز بفرح عامر صائحا
_لقد أضئت المكان,لقد اصلحت العطل
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
ارتشف من زجاجة النبيذ وهو ينظر لوجه رفيقه,رفع مأمون زجاجة النبيذ بنخب ليسخر بالانجليزيه
_تهانيا على ليلة الزفاف يا هارون
كان ينظر لشاشة التلفاز لا يدرك اى كلمة تقال بالفيلم الحديث,ادار راسه ببطء له ,ليردف بنبره مثلجه
_اخبرتك سابقا ان لا تقول هذا الاسم
أبتلع مأمون غصه مره بحلقه وهو يرمق صديقه بحسره يقاوم غمامات الدموع التى تكونت بباطن عينيه
همس بثماله
_أليست الحقيقه ام نكذب ,أليس هذا اسمك
أغمض عينيه ليردف سليم بأمتعاض
_ها قد بدأنا في فقرة الاستعراض البائس
_لقد تركتنى لاجلها,تركت صديقك الوفى لاجل امراه يا هارون بحق الله اى حقير انت
أشتعلت عيناه الزرقاء ببريق نارى ,,ليقترب منه بحذر ليهمس لملم وجهه بتهديد
_عذرى الوحيد لك,اننى اعلم انك ثمل يا فيليب
خرج صوته مبحوحا من حنجرته,
_لقد اتى كمال الى,,
أتسعت حدقته الزرقاء ليندفع ليمسكه من مقدمة قميصه ليدفع للحائط,,خرج صوت فيليب مضيفا بثقل
_لقد كانت لدى الفرصه لخيانتك ولكننى رفضت,,لقد طردته من هنا,,لاننى لم اعتاد خيانة صديقا لى
حتى وان كان حقيرا
أبتسم مأمون بهزيان ليهمس بأستهجان
_يا سليم,,يا صاحب الشهادات والتعليم علمتك درسا ,,انا من لا املك شهادة واحده
ثقلت عيناه لترتخى ليشعر بجسده يفقد الوعى,كاد ان يلامس الارض البارده لولا ذراعه التى أبت الذل والهوان ,,لرفيق دربه
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
اعاد حقنه بأبرة الانسولين ليدون مواعيد الابره لابنه على احدى الاوراق المععله على باب الثلاجه,,
عاد فريد ليمكث امام الفيلم وهو يدس الفشار بفمه,وابنه ياسين مستمتعا باللعب بالسياره السوداء
لاحت انظار فريد للسياره التى يمسكها بيد صغيره,هتف فريد وهو يردد لابنه
_هاه ,يا فتى تعجبنى سيارتك من اشتراها لك,
اجاب ياسين وهو يعاود تحريك السياره فوق البساط الحريرى
_انت من جلبتها لى فعيد ميلادى السابق أنسيت,
تجمد جسده ليشعر بأنقباض صدره,,أنحنى لابنه ليعاود السؤال
_انا لا اذكر اننى اعطيتها لك
اسرع ياسين بالتصحيح الامر بنبرته الطفوليه
_نعم,لقد كنت يومها فى سفرك لقد اعطتها امى لى واخبرتنى انك جلبتها لى لعيد مولدى
سارعت ابتسامه طفوليه صادقه على وجه ياسين ليسارع لعناق والده وهو يقبل وجنته
_شكرا لك يا ابي على الهديه
كانت يداه متوقفه بالهواء,,بصدمه,,عيد مولد ابنه لم يحضره من الاساس ,لم يجلب هديه لانه كان,,
سحقا,,لقد كانت اسيا,,سارع فريد مندفعا لاحتضانه ابنه ,حمل ابنه لفراشه ليدسره اسفل الغطاء الثقيل,ليخرج صوته الاجش بشرود
_هيا للنوم,
ظلل لدقائق يحاول استيعاب ما حدث,,تأكد من نوم ياسين ليسارع بسحب مفاتيح سيارته
ليججلس امام مقود سيارته الرياضيه,,
هتف صوته النشاز بأغنية طربيه وهو يعاود تقليب كوب شايه الثقيل,بالكاد غفي رشيد بعد حديث طويل معظمه كان سبابا
تجاهه,,الا انه لم يأبي,فلقد اعتاد رشيد,اصبح يراه هو ايضا كجد له,رشيد لا يخض زين فقط,
اصبحا يمضيان معا وقت ليس بقليل,
يحب هذا الكهل المنحرف,,ابتسم نزار تلقائيا لتلك العباره,طرقات عنيفه اتت على الباب ليسارع نزار بفتح الباب قبل استيقاظ الكهل
المنحرف,,اصطدم بوجهه بفريد,,
هدر صوته الرجولى
_انا احب اسيا يا نزار,,انا احبها وسأعود لها
سقط الكوب من يده متهشما لتتناثر جزيئاته,كتناثر تفكير من بين ذعره بتلك اللحظه
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,

انا العداله (وعليك التحدي) .. للكاتبة لولا محمدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن