1

18.5K 224 6
                                    

الكاتبة - حنين احمد

"طلقني"
لم تكد تنطق تلك الكلمة حتى فُتِحَت عليها أبواب 
الجحيم..
أجابها سخرا:"وإلى أين ستذهبي لو فعلت حنين؟! 
إلى خالٍ لم يسأل عنكِ منذ أن أثقل كاهلي بكِ؟
أم إلى ابن الخال حبيب المراهقة الذي حلمتِ به مرارا؟!
هل تظنين أني لم أرَ نظراتك له؟! هل تظنين أنكِ أخفيتِ
حبك جيدا بعيدا عن الأعين؟! حتى هو ملّ منكِ وتركك
لي بكل بساطة.. أفيقي حنين ليس لديكِ سواي, فانزعي 
عنكِ رداء الجنون وظلّي كما عهدتك دوما.. هادئة, عاقلة, 
جبانة"
هل آلمها؟! تعترف بأن نعم وجدّا ولكن أيهما يؤلم أكثر؟!
حديثه اللاذع أم صحة ذاك الحديث؟!
حاولت النطق, الاعتراض بوهن لتتلقّى نصيبها شبه اليومي من
الصفعات واللكمات حتى انهارت على الأرض غير قادرة على 
الشعور بأطرافها من الألم.
كانت تلك المرة ال..... لم تعد تعرف كم عدد المرات التي 
ضربها فيها أو حتى الأسباب لذلك الضرب وتلك الإهانة ..
فزوجها عماد كان يستمتع بضربها وإهانتها كلما تواجد معها
بسبب وبدون سبب وكأنه يرى بها تنفسيا عن غضبه المستمر
منها منذ علمت بسرّه وفضحت أمره..
وهي كعادتها استسلمت لضربه تحاول التفكير
بأشياء بعيدة حتى ينتهي.. تحاول صنع حاجز بينها وبين
الألم الذي تشعر به حتى تكون بمفردها ..
جبانة هي وتعترف بذلك ولكن حينما تفكر ما الذي
بيدها لتفعله والكل تخلّى عنها وكأنهم شعروا بالراحة
لتخلّصهم منها بالزواج!
انتهى أخيرا من مهمته الممتعة لديه ثم خرج وتركها تعاني 
ويلات ما فعله بها من أضرار جسدية ونفسية..
عادت بذاكرتها إلى ذلك اليوم الذي جاء به خالها وجدي
ليخبرها عن الشاب الذي تقدّم لها وهي التي لم تفكر يوما 
أنها ستغادر بيت خالها وطلب منها ألا ترفضه كعادتها دون 
رؤيته والتحدث معه .
ووافقت تحت ضغط مشاعرها وشعورها بالإهانة ذلك اليوم ..
فقد رفضت الكثيرين في الفترة السابقة ولم يعد لديها 
أعذار أخرى تسوقها لخالها رفضا للمزيد !
وأما شعورها بالإهانة فيعود إلى تلك الحيّة التي يطيب لها 
أذيّتها كلما قابلتها وإسماعها كلماتها المهينة عن كونها
عالة بمنزل لا يرحب بوجودها فيه أحد ..
وحضر عماد وجلست معه مرتبكة فهي دوما كانت ترتبك
من التعامل مع أي رجل خارج نطاق أسرتها والتي تقتصر على
خالها وجدي وابنه حسام وابن خالتها كريم والذي كان أخا 
لها بالرضاعة ..
حتى حياتها بالجامعة كانت منطوية ولا تعرف إلا القليل من
الفتيات ولا تعامل لها على الإطلاق بالشباب, فكانت كَغِر
ساذج أمام شاب ظنّته يوما بريئا مثلها لتكتشف أنه ..
شيطان!
أخبرها عن حياته, عن أسرته التي عاد يوما من الجامعة 
ليجدها تحت أنقاض المبنى الذي يسكنونه ولم يتبقَ منهم
سوى رفات تم دفنه بمقابر الصدقة ليذوق هو بعدهم ويلات
الفقر والوحدة حتى أكرمه الله والتحق بوظيفة في شركة 
صغيرة نسبيا وارتقى الدرجات حتى وصل لأن يكون
اليد اليمنى لصاحب الشركة وأصبح لديه دخل أكثر من
كافِ حتى يُكَوِّن الأسرة التي حلم بها طويلا ووقع اختياره 
عليها لتكون شريكة لحياته وأم لأطفاله..
وبكل سذاجة وقتها أعجبت بكفاحه وطريقته اللبقة في
الحديث وشخصيته التي أَسَرَتها فوافقت بدون تفكير ..
واتخذته مهربا من الحيرة التي كانت تعيش بها وقتها..
ولِمَ تفكر وقد وجدت خالها مرحبا به بل ومادحا له أمامها
بكل وقت فوافقت لتخط بيدها أسوأ فصول حياتها مع
الشيطان!

يتبع

بين مخالب الشيطانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن