نظرت للهاتف لترى رقم عبير ابنة خالها, فكرّت أن تتجاهل
الرد ولكنها لن تمل.. فتقريبا عبير هي الوحيدة التي ظلّت
متواصلة معها بعد الزواج وهي تتحفها بالتعليقات المخجلة
من حينٍ لآخر ولكن تخيّلاتها لحياتها كانت تثير
داخلها الضحكات بجانب الدموع!
الضحكات لتفكيرها الرومانسيّ الذي لم يتغير رغم مرور
فترة على زواجها..
والدموع على حالها الذي لا تعلم متى سيتغيّر وهل سيتغيّر
من الأساس أم ستظل طوال حياتها بهذا الوضع الغريب؟!
بالنهاية قرّرت الرد وحاولت الاختصار بالحديث متعللة بنوبة
انفلونزا لا تنتهي!
أجابتها وهي تحاول ألا يظهر ألمها في نبرة صوتها.. ولكن
رغما عنها جاءت نبرة صوتها ضعيفة فأثارت قلق عبير
لتسألها عن عماد:"حنين, إن صوتك لا يوحي بالخير أبدا!
هل أنتِ بخير حقا؟! هل أنتِ مريضة حبيبتي؟!"
أجابتها بضعف وهي تتحامل على نفسها لتنهض من الأرض:
"أجل بخير عبير لا تقلقي, فقط الانفلونزا وأنتِ تعلمين
أنها ترهقني كثيرا وتكاد لا تنتهي"
"وأين عماد زوجك؟! ألا يعتني بكِ؟"
همّت بالرد لتتابع عبير بخبث:"أم أنه هو السبب بمرضك؟!
هيّا اعترفي حنين أن عبثكما هو السبب بمرضك؟!
فأنتِ طوال فصل الشتاء ترتدين الخزانة بأكملها فمن أين
جاءتك الانفلونزا؟!"
كادت تطلق ضحكة ساخرة من تفكير ابنة خالها وفكّرت
تُرَى لو أخبرتها عن طبيعة حياتها ماذا سيكون رد فعلها؟!
"عبير أنا مريضة حقا ولا أستطيع الرد عليك الآن, عندما
أُشفَى سأرد عليكِ الرد اللائق"
قالتها حنين بمرح مصطنع فضحكت عبير قبل أن تودّعها
قائلة:"حسنا حنّون سأغلق الخط وأنا مطمئنة أن عماد يعتني
بكِ جيّدا فهو يطمئننا عليكِ على الدوام.. أراكِ قريبا"
همست مودّعة ثم انهارت أرضا مرة أخرى وهي تبكي حالها..
من بَقِيَ لها حتى تخبره عمّا يحدث لها؟!
هي اليتمية التي نشأت بمنزل خالها, اليتيمة التي بعد أن
كانت مدللة والديها أصبحت لا تجرؤ أن تجهر برغبتها بأي
شيء لأن ليس لها والدين!
أغمضت عينيها بألم ودموعها تسيل على وجنتيها أنهارا مالحة,
فاسدة لا تصلح لري ظمأ أحدهم سوى وجنتيها اللتين ارتوتا
طويلا بتلك الأنهار!
كم تشعر بمرارة اليتم الآن أكثر مما شعرته طوال حياتها!
هل تستطيع أن تخبر خالها بما يحدث معها؟!
وهل سيقف بجانبها أم سيفكر بحديث العالم من حوله
خاصة بمركزه الذي يحافظ على مسّه بأي كلمة خوفا
عليه؟!
أنت تقرأ
بين مخالب الشيطان
Mystery / Thrillerالكاتبه .. حنين احمد قلب فطرته الهموم والأوجاع..كُسِرَ على يد الزمان.. تهشّم على باب حجرة الذكريات.. فتدنس على يد الزمان..قلب كان الأمان..أصبح الأمان له طي النسيان.. قلب طفل غدا وحشا..قلب مات من الآلام.. قلب رأى نورا فظلام أضحى على أمل..أمل لقلب غرق...