6

4K 107 0
                                    

ورغما عنه تذكر جمال ورقة حنين, عيونها بلون العشب 
النديّ وهي تناظره بوداعة قطة صغيرة, شعرها الأشقر 
كسلاسل الذهب والذي ينسدل على ظهرها برقة تطيح 
بالعقول والذي منعها من تقصيره وقد احتجب عنه 
منذ ارتدائها الحجاب, بشرتها البيضاء الناعمة كبشرة
الأطفال حتى أن عبير كانت تغار منها لنعومتها وصفائها..
وجسدها الغض الذي تنافسها عليه عارضات الأزياء والذي 
كان السبب في ضربه لكثير من الشباب بالحي الذي
يسكنون فيه .
نفض رأسه بقوة واستغفر.. ما الذي يفكر فيه؟!
أجل إنها ابنة عمته الصغيرة ولكنها ملك لرجل آخر ولا 
يصح تفكيره بها بتلك الطريقة..
حتى لو لم يستسغ ذاك الرجل ولكنه أيضا ليس من حقه
التفكير بها بهذا الشكل!
ماذا حدث له حتى يرتكب ذلك الإثم ويفكر بها بطريقة
لم يفعلها وهي أمام بصره طوال سنوات؟!
هل حياته المثيرة للملل هي من جعلته يفكر فيمن رفضها 
قبل ذلك؟
هو لم يرفضها لعيب بها بل لأنه لم يرها بذلك الوقت سوى
صغيرته التي كانت تلتصق به في كل مكان يذهب إليه..
ورفض الاستماع لوالدته أن يأخذ فترة ليفكر بها بطريقة
مختلفة وإن لم يستطع فلن يخسر شيئا.
ولكنه كان جبانا.. نعم, ها هو يعترف لنفسه بجبنه..
فهو لم يُرِد أن يراها بطريقة مختلفة خشية أن يفقد مكانته
لديها لو رفضته وإصرار والدته عليه للزواج بها كان يثير
التساؤلات لديه..
هل حنين أحبته بالفعل؟!
أم أنها كانت أوهاما بداخل رأس سمر وسمية والدته؟!
والدته التي لم تستطع أن تتقبل سمر حتى الوقت الحالي
خاصة بتأخر حملها والذي جعل والدته موقف والدته لا 
يتغير..
وهو يعطيها كل العذر بذلك فهو نفسه لم يعد يطيقها ولولا
أنه باقٍ على العشرة بينهما لطلقها منذ فترة..
وها هو يفكر بالطلاق بجدية ولأول مرة سيأخذ القرار 
ويفاتح سمر والذي يشك برفضها..
فهي منذ فترة تنعته بالممل الكئيب..
حتى أنه لم يعد يقربها منذ ما يقارب الثلاثة أشهر..
فها هو سيخلصها من الملل والكآبة خاصته مع تعويض مادي 
كبير هو ما ستهتم به أكثر بكل تأكيد.
***
ملل هو ما يسكن حياته منذ انتقل لتلك الشقة مع والدته
حتى يجدد منزل والده رحمه الله.. حياة رتيبة فارغة يعيشها
على الرغم أنه تخيّل بانتقالهما المؤقت ستتغير حياته ولو
قليلا ولكن للأسف لم يحدث..
حسنا لقد حدث ولكن انتقاله لم يكن له دخل بالأمر,
فقد حدث عندما شاهد ذلك الوجه الملائكي البريء منذ
عدة أشهر, عينان بلون العشب سحرتاه على الرغم من غضّه
لبصره آنذاك إلا أنه لم يستطع إلا أن يُفتَن بهما!
هي ليست فتنة بالمعنى الحرفيّ بل هو محض شعور بداخله
أنها هي من كان يبحث عنها طوال حياته,
هي من تنتمي إليه, هي من أحيت نبضا لم ينبض يوما سوى
لها.. حبيبته المجهولة التي جعلته يعيد تجديد منزل والده
من أجل أن يتزوّج بها ولكن أين هي؟!
أين السبيل لوصالها؟! لا يعلم!
زفر بحنق وهو يدلف إلى المبنى الذي كان مستقرا له 
ووالدته منذ فترة ليسمع كالعادة صوت ذلك الرجل وصوت
صرخات زوجته كما علم فيما بعد ليشمئز وجهه من ذاك
الشبيه بالرجال وهو ليس منهم بكل تأكيد..
(فالرجل الحقيقي لا يمس امرأة بسوء أبدا)
هكذا نشأ وهكذا علّمته والدته.. زفر بحنق وهو يراه خارجا
من تلك الشقة فنظر له بازدراء وجّهه لنفسه أيضا..
فهو لم يحرّك ساكنا من أجلها, ولكن رغما عنه..
فكيف يتدخل والأمر كما قال الجميع بين
(رجل وزوجته)! 
أغمض عينيه بقوة وهو يدلف إلى الشقة التي يقطنها مع 
والدته وألقى لها بالتحية ليفاجأ بدموعها التي تذرفها
ولا يحتاج لأن يكون عبقريا حتى يعلم سببها!

يتبع

بين مخالب الشيطانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن