خطى خطوتين خلفها، ثم انحنى يزحف بذراعيه خلفها، وكلاهما يتجه لوجهتهما المحددة، حيث يجلس "علي" يقرأ كتابًا، ولجواره كوب قهوته، عدل من نظارته الطبية وهو يتابع قراءته، حتى شعر بلمساتٍ لطيفة تستحوذ على قدميه، أبعد الكتاب عنه مبتسمًا لرؤية هذا الوجه الملائكي، التقفه إليه، يُجلسه على ساقيه ويده تعبث بخصلات شعره البني الطويل، قائلًا بحبٍ:
_علي باشا، أيه اللي مصحي جنابك في الوقت ده.
ضحك ابن أخيه، فطلت أسنانه العلوية التي لم تكتمل بعد، ويديه تزحف لنظارته، ضحك وهو يبعدها عنه قائلًا بمشاكسةٍ:
_شكلك هتبقى مثقف!
تسلل لأذنيه صوتًا خافتًا يأتي من خلفه:
_ألي (علي)
استدار "علي" خلفه؛ فتفاجئ بمن تعقد ذراعيها أمامها وهي تتابعه يحمل الصغير بحزنٍ، استدار خلفه يشير لها بحبٍ:
_فيروزة حبيبة قلبي، تعالي!
خطت إليه ومازالت تحمل البيبرون بين يدها، تركته جانبًا وتسللت على ذراع أخيها الأكبر، حتى جلست قبالة الصغير، بينما يغمرهما "علي" بالقبلات، حتى نزع أحدهما مرأه، هاتفًا:
_اللي جابلك يخليك يا دكتور!
قالها ذلك الذي هبط من الأعلى للتو، يضع حقيبته السوداء على الطاولة القريبة منهم، ثم نزع نظارته السوداء الحاملة لماركة "دولتشي آند جابانا"، ثم حرر زر جاكيته البني ليتمكن من الجلوس على حافة المقعد، يمنح أخيه بنظرة ساخرة، وهو يتابع:
_شايفك مريح بقالك كام يوم إنت اعتزلت وقلبتها babysitter ولا أيه!
تركهما أرضًا، وإتجه إليه يتفحصه باستغرابٍ:
_على فين؟
رد عليه عُمران بينما يلتقط مشروبه الدافئ من الخادم:
_عندي اجتماع مهم، وبعده ههرب على شقة الشباب، مستحيل أرجع هنا أقعد بالعفاريت دول.
ارتشف من كوبه، فاذا به ينتبه لابنه الذي جلس قبالة أخته الصغيرة يلعبان بأحد الالعاب الصغيرة، وصوت ضحكاتهما جعلوه يبتسم تلقائيًا، فمال الصغير يطبع قبلة على وجنة" فيروزة"، استدار علي تجاه الدرج يراقب الطابق الاول بينما يهتف:
_لو فريدة هانم أو مايا قفشت ابنك هيسبقك على الmeeting بتاعك.
تعالت ضحكاته ومال يضع الكوب جانبًا واتجه ينحني تجاههما وهو يخبره بجدية تامة:
_أنا بريء صدقني بحاول أعلمه يكون جنتل مان بس هو لقطها غلط!!
_عُمران!
لحق صوت النداء الرقيق صوت دعسات حذاء نسائي، فاستدار للخلق ليجدها زوجته، راقبهما علي بملل، فتسلل يحمل فنجان قهوته وكتابه وتسلل لغرفة مكتبه، تاركًا لهما ساحة القتال، دنت
إليه حتى وقفت قبالته، فنهض يتفحص المكان من حوله وحينما تأكد بانعزالهما عن الجميع ردد بهيامٍ:
_روح قلبه إنتِ!
هاجمته بنظراتٍ شرسة لحقها عصبية مندفعه:
_إنت عملت للولد أيه كل ما يقعد مع حد يعمل اللي عمله من شوية ده.
زوى حاجبيه بدهشةٍ مصطنعة، واستدار لابنه يتساءل ببراءة:
_عملت أيه يالا؟؟؟!
ربعت يديها أمام صدرها ونظراتها تحتد بشكلٍ جعله يتفحص ساعته وقال:
_اتاخرت جدًا بليل نشوف موضوعك يا بيبي، يلا باي.
اتجه للمقعد ليحمل حقيبته، فصعق حينما لم يجدها محلها، عاد ينزع نظارته من جديد وردد بدهشةٍ:
_شنطتي كانت هنا!!!!
هزت كتفيها وهي تجيبه:
_أنا لسه نازلة!
استدار محل جلوس الصغار، فلم يجد أي منهما، ركض عُمران يسارًا ويمينًا كالذي مسه عفريت من الجانٍ، وهو يصيح بانفعالٍ:
_عملــــــوها.
رؤيته غاضبًا هكذا أثلجت صدرها تجاه ما أصاب ابنها الصغير من وقاحة ورثها من هذا الطاووس الوقح، التقط عُمران صوتًا قادم من أسفل الطاولة، انحنى للأسفل، فأصابته صاعقة حينما وجد حاسوبه بين يد ابنه، واليد الاخرى تحمل إحدى أزراره، بينما صاعقة أخرى أصابته، من تلك التي تقف أعلى السفرة تحمل هاتفه وسماعته.
ترك صدمة ما فعله ابنه جانبًا، واتجه إليها يجاهد في رسم ابتسامة مصطنعة:
_فيري حياتي إنتِ، هاتي الموبيل ده حالًا عشان منخسرناش بعض!
تعالت ضحكاتها، وألقت بالسماعة تجاه مكان وقوفه، سقط قلب عُمران خلفها، كادت أسنانه أن تدمي شفتيه السفلى، ليتحرر صوته بعصبيةٍ بالغة:
_فيروووز الموبيل لو مجاش في ايدي حالًا تصرفي مش هيـ...
لم يستكمل باقي كلماته ولحق الهاتف سماعته الحبيبة.
***"
_عُمــــــــران إنت اتجننت نزل الاولاد!!
قالتها مايا بصدمة وهي تراه يحمل "فيروزة" ويضعها بالأعلى جوار ابنها على باب المنزل الداخلي، أشار لها بالاقتراب، فاقتربت لتجده يحرك رقبته يسارًا ويمينًا كأنه على وشك أن يتحول، بينما بنبرة هادئة قال:
_أنا وانتِ دايبين في بعض، وبينا مشروع عفريت أقصد طفل تاني، فعشان أيه نخسر بعض يا بيبي؟
ورفع اصبعه للاعلى مشيرًا:
_الحيوان ده هو والبطريق اللي جنبه أتلفوا لاب وموبيل بنص ثروتي تقريبًا، وأنا سبق وحذرته مش حذرته انا قبل كده قدامك مرة لما دخل أوضة مستلزماتي!!!
هزت رأسها بخوف، فقبل جبينها وقال:
_ادخلي افطري وحضري نفسك للحفلة بليل، أنا اختارتلك dress شيك جدًا، وسبيني أنا أربي الكائنات دي عشان متتعقديش، أنا عايزك تركزي في المشروع اللي جاي بحيث ميجيش كائن مشابه للكانتلوب ده ولا شبهي نهائي.عاد يتطلع للاعلى بحنقٍ، ثم استدار لها يستطرد:
_انا سميته علي عشان يطلع محترم وابن ناس زي دكتور علي الغرباوي، فبما إن مفيش أمل يبقى أربيه أنا قبل ما يجبلي التهزيق على كبر!ضمها إليه وهو يتطلع للاعلى تجاه الصغير الذي انطلق بنوبة من الضحك ظنًا من أن عمران يمازحه، فقال من بين اصطكاك أسنانه:
_مستفز الواد ده أوي!!!همست له بارتباك:
_نزلهم يا عُمران.
ربت على كتفها وقال بتأثرٍ:
_قلب الأم ده مثالي بجد.
وتركها واتجه لغرفة الحرس الجانبية، فلحقت به تتساءل:
_رايح فين؟
رد عليها ببساطةٍ:
_هشوف حبل كبيرة شوية عشان متقعيش وتنكسر رقبتك الحلوة دي يا بيبي، مهو أنا مكنش ينفع أفرقك عن فلذة كبدك بردو!هرولت مايا للداخل تصرخ دون توقف:
_علـــــــــــــي!!!فُتحت البوابة الرئيسية استقبالًا لسيارة "أحمد الغرباوي"، طل من الشرفة الخلفية يتمعن بصدمة مما رآه، فصاح لسائقه بجنون:
_نزلني.صف السائق السيارة جانبًا، فهبط الاخير يركض تجاه البوابة، وهو يتساءل بصدمة:
_أيه اللي بتعمله ده يا عُمران؟!وتابع وهو يهزه بعنف:
_نزل البنت بدل ما اعلقك مكانها.جلس على المقعد البلاستيكي، واضعًا ساقًا فوق الاخرى، وبعنجهية الطاووس الوقح قال:
_لو لياقتك البدنية قدرت لده مش هعارضك!زفر بضجرٍ واتجه إليه يقول:
_بطل البرود ده وقولي عملوا أيه؟أجابه بحدة:
_اتسببوا في اتلافات ومصايب تقدر ب750 ألف دولار،، لو عايز تنزل بنتك أو حفيدك تجبلي موبيل ولاب نفس النوع، نفس اللون، من نفس المكان، غير كده مفيش مجال للتفاوض.يعلم كم هو عنيدًا، شرسًا، فقال بضجر:
_هكتبلك شيك بيهم ونزلهم.
هز رأسه معترضًا بغرورٍ:
_مقبلش أنا بالكلام ده، طلباتي قولتلها، وياريت من نفس الدول اللي جبتها منهم، وخد بالك انا بعت موظف من عندي يجبهم بنفسه عشان ميتخدشوش، يعني شغل الاون لاين والكلام ده مش هيحل معايا!!#صرخات_أأنثى.
اقتباس فرفوش اهو عشان وحشتوني ووحشني الرواية، هانت واختم الرواية الورقية وأسلمها ونرجع على طول، اعذروني فترة تعبي عطلتني عن رواية المعرض وعن ختام صرخات بس اللهم لا اعتراض، الحمد لله على كل شيء، دعواتكم، خلاص هانت ونرجع نداوم بشكل مستمر لحد الختام بإذن الله، بحبكم في الله ♥
أنت تقرأ
الطبقة الآرستقراطية (صرخات انثى)
Mystery / Thrillerالجروح أدمت قلوبهن ومازالت كلًا منهن تحارب للبقاء، مذاق الألم لا يفارق حلقهن، جروحهن متشابهة ولكن لكلًا منهن حكاية خاصة هي ضحيتها، الأولى نهشتها الذئاب البشرية وتركتها كالخرقة البالية تعاني بمفردها، والثانية واجهت إنسان مريض نفسي يريد أن يُجحمها دا...