الفصل الرابع

21.3K 1.1K 74
                                    

#صرخات_أنثى....(#الطبقة_الآرستقراطية..)
                      #الفصل_الرابع.
(إهداء الفصل للقارئات الغاليات "هدى خميس"،"ليلى جمعة"،"هدى إبراهيم"،"منال البشبيشي"، شكرًا جزيلًا على دعمكم المتواصل لي، وبتمنى أكون دائمًا عند حسن ظنكم..بحبكم في الله...قراءة ممتعة 💙)

اليوم خاص باحتماع رؤساء مجلس الادارة، وبالرغم من أهمية الإجتماع الا أنه كان شاردًا، عينيه مسلطة على المهندس الذي يتابع شرحه باستفاضة على شاشة الانجازات المطروحة من أمامهم، بينما يستكين عمران على ذراعه الساند على حافة المقعد المتحرك، يسحب عينيه تارة عن المهندس الذي يشير له بإعجاب لما يبديه بالمشروع القادم وفي الحقيقة لم يستمع لأي حرفًا قاله من الأساس، وتارة أخرى يسحب عينيه لمن تجلس على يمينه تتابع العمل بجديةٍ تامةٍ.

خيمتها نظرة عميقة من رماديته، لم تنتبه لها مايسان لانشغالها بتدوين بعض الملاحظات الهامة المتعلقة بالمشروع الجديد التابع للشركة، انتبهت لصوت المهندس المنادي:
_عمران باشا حضرتك معايا؟
انتبه الجميع لعمران وكذلك مايسان، استدارت إليه فاندهشت حينما وجدته يتطلع لها بشرودٍ، لعقت شفتيها بارتباكٍ من نظرات الموظفين حولها، وضحكات الموظفات الحالمة بتفاصيل قصة حب نابعة بينهما، على عكس ما يحدث، فنادته على استحياءٍ وهي تعدل حجابها:
_عمران!
لم ينتبه إليه، فمررت قدميها من أسفل الطاولة لتلكزه بقوةٍ، جعلته يرتد بجلسته متأوهًا بألمًا ليس كإفاقته على ما يحدث حوله، اعتدل بجلسته وتنحنح بخشونة، اتبعت أوامره الصارمة:
_كمل يا بشمهندس سامعك.
ابتسم وهو يخبره مازحًا:
_أنا خلصت يا فندم!
التقطت عينيه الهمسات الجانبية بين موظفينه، فنهض عن مقعده الرئيسي وهو يشير لهم بحزمٍ:
_ولما أنت خلصت لسه قاعدين هنا ليه، كل واحد يروح يشوف شغله!
جمعوا أوراقهم وغادر الجميع والابتسامة تشق الوجوه، فحك عمران لحيته بحرجٍ مما فعل، وخاصة حينما وجدها مازالت تجلس محلها وتطالعه بدهشةٍ، سحب جاكيته عن مقدمة المقعد وغادر من الباب الجانبي لمكتبه، فجلس على مقعده وهو يمرر يده على جبينه هامسًا بضيقٍ:
_ناقصة هي!
وجذب أحد الملفات الموضوعة جواره ليجبر ذاته على التركيز بالعمل دون التفكير بليلة أمس، فاستقبل هاتفه رسالة نصية جعلته ينصب اهتمامه فور رؤيتها تخص ألكس، فتح الرسالة ليجدها تدون له
«ألم تمل من الحديث عن زواجنا!  حسنًا عمران سأثبت لك حبي الشديد لك، أنا موافقة على الزواج بك ولكن شرطي الوحيد أن تتخلص من زواجك الأول، فإن كنت تحترم دينك أنا أيضًا أحترم ديني، وديني يمنعني بالزواج من شخص متزوج، ولأعلمك بالأمر لا ينبغي لك الزواج إن قبلت أنا زواجك».
استفزته رسالتها، فعبث بأزرر هاتفه يجيب
«بربك ألكس، ألا تريني أحاول فعل ذلك منذ أشهر!  فريدة هانم ترفض طلاقي من مايسان، والإ حينها سأخسر المال وكل ما أملك!»
ليته كان لجوارها ليتمكن من رؤية فزعها وخوفها على المال السبب الوحيد لتعلقها به، فوصلت رسالتها إليه بعد خمسة عشر دقيقة، بعد تفكيرها الميمون بالأمر
«إترك لي الأمر، أعدك بأنني سأجعل والدتك تتوسل لك لتطلقها.»
تجعد جبينه بدهشةٍ وراح يتساءل
«كيف ذلك؟!»
وصلته رسالتها ففتحها بلهفة
«لا تهتم عزيزي، أريدك أن تترك لي أمر تلك المعتوهة سأهتم بها..»
اغتظم غيظه لسماع لفظها البذيء، فترك هاتفه ورفع يديه لوجهه بتعبٍ من تلك الحلقة الدائرية التي يدور بها، انطلق رنين هاتف مكتبه، فتفحصه وهو يردد بسخطٍ:
_مش وقتك يا فريدة هانم!
ولكنه اضطر يحمل السماعة ليجيب بامتعاضٍ:
_صباح الخير.
أتاه صوتها مفزوعًا، مقبضًا، يستمع له عمران للمرة الأولى:
_عمران.
انتفضت حواسه فتساءل بقلقٍ:
_ماما إنتِ كويسة؟
رددت بارتباكٍ وتخبط بكلماتها الغير مرتبة والغير مسبق لها :
_مايسان مش في أوضتها، في شنطة على سريرها لمة فيها هدومها.. باينها سابت البيت..مايسان سابتني، مش عارفة هتكون راحت فين، دور عليها وشوفها فين أنا عايزة بنتي يا عمران!
أجابها سريعًا وملامح الخوف مرسومة على معالمه تأثرًا بسماع والدته بتلك الحالة:
_متقلقيش يا حبيبتي مايا هنا معايا في الشركة.
وصل إليه أنفاسها التي عادت تنتظم بعد عناءٍ، وبصوتٍ مهزوز قالت:
_بجد يا عمران ولا بتضحك عليا.. طيب سمعني صوتها.
شفق عليها، يعلم جيدًا ماذا تعنى مايسان لوالدته، فحمل سماعة الهاتف اللاسلكي، وأجابه بهدوءٍ:
_حاضر خليكِ معايا.
ودلف من الباب الجانبي لغرفة الاجتماعات، فوجدها مازالت تجلس محلها تراجع أوراقها، قدم لها عمران الهاتف قائلًا بثباتٍ:
_فريدة هانم.
التقطت منه الهاتف تجيب ببسمة ساحرة:
_صباح الخير يا ديدا.
انكمشت تعابيرها وهي تستمع إليها، وخاصة من مراقبة عمران لها، وكأنه يحاول تحليل تلك الاحداث، فقالت بتلعثم:
_لأ، أنا بس كنت بجمع الهدوم اللي مش محتاجاها وزاحمة الدولاب عندي، لكن أنا هسيبك وأروح فين، ده أنا حتى كنت هرجع بدري النهاردة عشان أروح معاكِ الجمعية.
أتاها صوته المتلهف يخبرها:
_سيبي اللي في إيدك وتعالي حالًا، أنا من الخضة مش قادرة أتلم على أعصابي وشكلي كده هعاقبك على اللي عملتيه ده.
رددت بمزحٍ رغم تجمع الدمعات بمقلتيها:
_عقاب أيه بس، لا أنا جاية مسافة الطريق بإذن الله.
وأغلقت الهاتف ثم قدمته لعمران، وانحنت تجمع متعلقاتها تحت نظراته المتفرسة، فقطع صمته حينما قال:
_إمبارح كان معاكِ جواز سفرك وفريدة هانم بتقول إنك كنتِ محضرة شنطتك.
رتبت الأوراق بمجلد واحد قائلة ببرود:
_وده يخصك في أيه؟
مال بجسده ليستند على جسد الطاولة الزجاجية:
_يعني أيه يخصني في أيه؟  انتي ناسية إنك مراتي؟
ضحكت ساخرةٍ وتجاهلت التطلع إليه:
_لا مش ناسية، بس اللي فاكراه إنك مش معترف بجوازنا وبتحاول بكافة الطرق تنهي العلاقة دي.
ابتلع ريقه بارتباكٍ وبقى يتابعها بجمودٍ مصطنع، حملت مايسان حقيبتها واستدارت لتكون قبالته، فقالت بألمٍ:
_أنا حياتي مش هتتوقف على العلاقة السامة دي يا عمران، أنا عايزة أكمل حياتي مع الشخص اللي يقدرني ويحبني من قلبه.
وفتحت الباب الزجاجي وقبل أن تغادر منحته ابتسامة رقيقة وهي تخبره:
_متقلقش لما أرتبط بانسان تاني مش هنسى إنك كنت صديق طفولتي وهكونلك الصديقة دايمًا حتى لو أنت كنت رافض الاعتراف بده.
واستكملت بتسليةٍ:
_المواقف اللي بنتعرضلها في حياتنا هي اللي بتورينا احتياجنا بيكون لمين؟
وودعته بنفس البسمة الواثقة:
_مع السلامة يا عمران  .
وتركته مقيدًا محله، يتطلع للباب الذي يتراقص من خلفها لشدة دفعها له، شعر بالاختناق يجوبه من حديثها الذي أيقظ غضبه وحنقه الشديد، مجرد تخيله أنها برفقة رجلًا أخرًا غيره جعلت الدماء تتصاعد بأوردته بشراسةٍ.

الطبقة الآرستقراطية (صرخات انثى) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن