الفصل الخامس عشر

7.8K 221 16
                                    


"لعلنا خُلِقنا لنظل هكذا... خطيّن متوازيين يعجزان عن الفراق وعن التواصل، ولن يلتقيا إلا إذا انكسر أحدهما"

*********

"لم يعد الفراق مخيفًا... يوم صار اللقاء موجعًا هكذا"

********

كان عليّ أن أغادرك...

كي أغادر موتي بك

"غادة السمان"

*********

تحسست الوشاح الرقيق فوق شعرها الناري بأصابع مرتجفة وعدّلت النظارة السوداء التي أخفت معظم وجهها وهي تغادر سيارة الأجرة. رفعت عينيها للفندق الشهير ثم أعادتهما لهاتفها الذي أشارت شاشته إلى وجوده بالقرب. تقدمت للداخل وقلبها لا يتوقف عن ارتجافه، يخبرها أنّها على وشك رؤية شيءٍ لن يسرها أبدًا. أدركت كم كان قلبها محقًا عندما رأت آدم يجلس على مقربة يتحدث مع فتاة لم تتبين ملامحها.

راقبته بتدقيق، ولم يغب عنها حركة أصابعه فوق المائدة، تحفظه جيدًا لتدرك كم هو متوتر. دقائق قليلة وانضمت لهما فتاة سوداء الشعر، جلست بجواره ملتصقة به بطريقة أكدت لها أنها شقيقته، إذن تلك الأخرى هي رُبى. لم تعرف كيف احتملت مراقبتهم حتى نهض آدم ليغادر بعد أن احتضن شقيقته ثم ابتسم للأخرى مودعًا. كانت تعرف أن عليها العودة للبيت حتى لا يكتشف غيابها ولكنّها لم تستطع، لم تكن لترحل دون أن تتأكد وتعرف ما علاقته بها.

نهضت بسرعة عندما رأتهما تغادران، لن تجد فرصة أنسب من هذه. أسرعت بخفة لتلحق بهما عند أحد المنعطفات، وتوقفت عندما رأتهما تتوقفان فجأة وارتفع صوت شقيقته تهتف بحدة

"رُبى ماذا تقولين؟ لا بد أنكِ فقدتِ عقلكِ"

أسرعت تتوارى خلف أحد الأعمدة الرخامية، وأطلت برأسها بحذر محاولة رؤيتهما. كانت راندا تعطيها ظهرها فلم تر سوى شعرها الأسود الطويل، وواجهتها صورة جانبية لوجه رُبى الذي ارتسم الألم عليه

"اخفضي صوتكِ يا راندا، لا تجعليني أندم أنني أخبرتكِ بما أشعر"

هتفت بحنق

"وأنا أقول أنكِ فقدتِ عقلك، كيف تفكرين في آدم هكذا؟"

تراجعت عندما تحركت رُبى لتكون في مواجهتها ولمحت لثانية واحدة عينيها الغارقتين بالدموع وهي تردد بصوتٍ مختنق

"وبماذا تفسرين رد فعله، هه؟ أنا لن أعرفه الآن يا راندا، أنا أحفظه كراحة يدي ومتأكدة أنه يخفي شيئًا. هل رأيتِ كيف انفعل عندما أخبرتِه أننا كنا سنذهب لشقته وكيف رفض بعنف فكرة مبيتنا عنده رغم أنكِ كنتِ تمزحين بشأنها؟"

"بالله عليكِ، أنتِ أسأتِ فهم الأمر. نحن قدمنا دون أن نخبره كما أن صديقه يقيم في شقته ولن نطرده من أجل ليلة واحدة"

سديمُ عشق "ثلجٌ ونار"(الجزء الثاني من سلسلة حكايات الحب والقدر)  (قيد المراجعة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن