استرخت ليلى في مقعدها الوثير بالشرفة تضع ساقاً فوق أخرى ورفعت فنجاناً من الشاي إلى شفتيها ترتشفه على مهل بينما تتطلع إلى الأفق الممتد أمامها دون أن ترى من معالمه شيئاً وعقلها شاردٌ في ذكرياتها البعيدة... وضعت الفنجان وقطبت وهي تستعيد حديثها الأخير مع منذر... ذلك الفتى صار مزعجًا ومخيفاً أكثر من قبل... باتت تشعر مؤخراً أنّه ولو كان في الظاهر يرضخ لكلمة والده فهو في الحقيقة ليس كذلك أبدا... ما الذي يفكر فيه يا تُرى؟... زفرت بحنق متذكرة تهديده الأخير لها عندما أبلغها بما فعله سامر... انقبضت يدها بغضب وكلماته تتردد في أذنيها
"لقد حذرتكِ سيدة ليلى .. هذه آخر مرة... أقسم لو ارتكب ابنكِ الأحمق ذاك خطأً آخراً فيسكون موته على يدي"
همست من بين أسنانها
"ذلك الوغد الملعون"
كيف يجرؤ على تهديدها؟... وتوفيق لم يفعل شيئاً ليوقفه عند حده... بدا راضياً بتصرفه بل أكد عليها أنّه لن يتهاون مع سامر لمجرد أنّه ابنها... وذلك الأحمق لا يرد على مكالماتها... ما الذي يفعله بالضبط؟... هي تعرف توفيق جيدًا، هو لا يلقي بتهديداته جزافا... توفيق الأغا ليس له عزيز... حتى ولديه نفسيهما يمكنه أن يضحي بهما لو لزم الأمر... حتى المرأة الوحيدة التي عشقها لم يرحمها... انتبهت على صوت خطوات تقترب تلاها صوت فهد يقول
"آه... هذه أنتِ عمتي... حمدًا لله على سلامتكِ"
رفعت عينيها إليه بينما تابع وهو يجلس على الكرسي المقابل
"متى عدتِ من السفر؟"
رمقته للحظات قبل أن تبتسم دون روح وتقول بلهجة ذات مغزى
"عدت صباح أمس لكنك كنت غائبًا عن المنزل وكما أرى عدت لتوك... سمعت أنك مشغولٌ كثيراً هذه الأيام"
قال وهو يتراجع في مقعده
"هناك الكثير من الأمور عليّ فعلها قبل أن أسافر من جديد"
رفعت أحد حاجبيها
"ممم... لم أتوقع عودتك إلى هنا وبقاءك كل هذه الأيام في هذا التوقيت... اعتقدت أن عماد يحتاجك هناك أكثر"
ابتسم باتساع وقال وعيناه ترقبان رد فعلها
"سيكون عليكِ تحمل وجودي قليلاً عمتي"
استمعت له بلا مبالة وهي تمد يدها للفنجان بينما يكمل
"كما تعرفين تصفية الأعمال هنا ستتطلب بعض الوقت"
تجمدت يدها قبل أن يصل الفنجان لشفتيها ورمقته بصدمة
"تصفية الأعمال؟"
همست بخشونة فابتسم مرددًا بهدوء
"أجل... ألم يخبركِ عماد بالأمر؟... لقد كلفني ببدء تصفية كل أعمالنا هنا... لقد تمكننا في العامين الماضيين من تثبيت أقدامنا في السوق، وعماد يرى أنّه حان الوقت لنستقر هناك"
أنت تقرأ
سديمُ عشق "ثلجٌ ونار"(الجزء الثاني من سلسلة حكايات الحب والقدر) (قيد المراجعة)
Lãng mạnنظرت في عينيه اللتين أخبرتاها بصدقه .. هي تعرف هذا .. تعرف أن ما فعلته قديماً قضى على كل أملٍ لديها لتحصل يوماً على مغفرته .. لكنّها لا تبحث عن المغفرة وحتماً لن تركع لتطلبها .. قاومت تأوهاً كاد يغادر شفتيها وأصابعه تنغرس في ذراعيها بقسوة، لكنّها فش...