لن تستطيع سنينُ العمرِ تمنعنا..
إنّ القلوب برغمِ البعدِ تتصلُ..
لا القلبُ ينسى حبيبًا كان يعشقه..
ولا النجومِ عن الأفلاكِ تنفصلُ..
*************
«سديم صغيرتي، استيقظي هيا»
تململت في نومها متمتمة بنعاس
«أمي، اتركيني أنام قليلًا، اليوم عطلة»
شعرت بابتسامتها في صوتها وهي تقترب لتهزها برفق
«انهضي يا كسولة، هل نسيتِ موعد اليوم؟»
طار النوم من عينيها واعتدلت بسرعة، تنظر لأمها بعينين غادرهما النعاس وزمردهما يلمع بحماس
«لا، كيف نسيت؟»
ضحكت أمها وربتت بحنان فوق خصلاتها الحمراء
«إذن هيا بسرعة لتستعدي، قبل أن يتراجع السيد بابا في كلامه»
أزاحت الغطاء بسرعة ونهضت بنشاط واندفعت لتحتضنها ضاحكة
«وماذا تفعل السيدة ماما إذن؟ هل يستطيع أن يقول لا لهذه السيدة الرائعة؟»
اتسعت ابتسامتها وذراعا أمها تحيطانها بحب، دفنت نفسها في أحضانها الدافئة وأغمضت مستمتعة قبل أن تبتعد ضاحكة عندما شعرت بركلة صغيرة ببطن أمها
«أرأيتِ؟ الآنسة تغار من أختها الكبيرة قبل أن تخرج، لا تريدني أن أقترب منكِ»
ضحكت أمها فرفعت كفيها تضعهما على بطنها ومالت تهمس بشغف
«أسرعي وأخرجي يا دميتي، أختكِ الكبيرة مشتاقة لرؤيتكِ كثيرًا»
ركلة صغيرة أخرى جاوبتها لتضحك بسعادة ولمعت عيناها بحب
«وأنا أحبكِ يا صغيرتي»
رفعت كفيها لتموت ضحكتها مع رؤيتها للدم يغطي يديها، فعادت تنظر لبطن أمها وتراجعت شاهقة برعب وهي ترى الدم يسيل مغرقًا ثوبها وانساب كنهر ليسقط فوق أرض غرفتها، يقترب منها بسرعة حتى لامس قدميها. رفعت عينيها لوجه أمها لتراها تنظر لها بعينين ذبحهما الألم الرهيب. تراجعت بصرخة محبوسة، تهز رأسها رفضًا بينما ترفع أمها يدها ببطء تغطي جرح رقبتها النازف، وتهمس بصوت متقطع
«اهربي... اهربي يا سديم... اهربي»
هزت رأسها بعنف، هذا كابوس، يجب أن تستيقظ... إنه كابوس. عاد صوت أمها يهتف بها أن تهرب قبل فوات الأوان، فتراجعت باكية لتتعثر بجسد ما وتسقط أرضًا. التفتت بخوف لتتحرر صرختها وهي تتعرف على صاحب الجسد الغارق بدمه واندفعت تهزه بقوة
«لا... أبي... أبي انهض أرجوك، لا تتركني»
انفجرت بالبكاء وهي تلمسه وتتوسله بينما صوت أمها يتوسلها لتهرب. لم تتحرك إلا بعد أن أحست بوجودهم، فالتفتت بخوف لتراهم، كانت تعرف قبل أن تلتفت ماذا سيقابلها، تلك الذئاب التي قتلت أسرتها. لقد حاصروها ويريدون النيل منها هي الأخرى، لا يجب أن تسمح لهم، يجب أن تهرب. ذلك الكابوس لا يريد أن ينتهي، يجب أن تنجو. أطلقت ساقيها للريح تكاد تلحقها تلك الوحوش الضارية. استيقظي سديم، غادري هذا الكابوس، لا تنتظري نهايته. كانت تلهث بعنف وقلبها يكاد يتوقف حتى وصلت لذلك الجُرف، صارت محاصرة بين مطارديها وبين الماء. لا مفر إذن... أغمضت عينيها وتركت جسدها يتراجع لتسقط وتستسلم للغرق. شعرت بالموج يغمرها وصدرها بدأ يضيق خاليًا من الأنفاس، ستموت، ستلحق بأسرتها. لن تبقى في هذا العالم القاسي، لم يعد لها أحد. استسلمت للموت الذي يقترب بسرعة، قبل أن تمتد يدٌ وتقبض على كفها لتشدها نحو صدرٍ قوي وصاحبه يهتف فيها بعنف
أنت تقرأ
سديمُ عشق "ثلجٌ ونار"(الجزء الثاني من سلسلة حكايات الحب والقدر) (قيد المراجعة)
Romanceنظرت في عينيه اللتين أخبرتاها بصدقه .. هي تعرف هذا .. تعرف أن ما فعلته قديماً قضى على كل أملٍ لديها لتحصل يوماً على مغفرته .. لكنّها لا تبحث عن المغفرة وحتماً لن تركع لتطلبها .. قاومت تأوهاً كاد يغادر شفتيها وأصابعه تنغرس في ذراعيها بقسوة، لكنّها فش...