جُرحي أكثر عمقًا من أن أواجهه
وأكثر نزفًا من أن أجرؤ على فك الضمادات عنه.
***********
لم أقتل شيئًا برحيلي، كان كل شيء قد مات، فحررت به شهادة وفاة! أنا الصرخة لا القاتل، من القاتل؟ أنت؟ أنا؟ الآخرون؟... ما الفرق؟ جثة الحب ثقيلة، والرحيل ولادة.
"غادة السمان"
****************
تحسست سيلين جرحها، تتذكر برجفة كل ما عاشته لحظتها، زفرت بأسى وهي تغطيه بضمادة طبية ثم نهضت لتقف أمام المرآة تنظر لنفسها، ما زال وجهها شاحبًا وعيناها تحملان آثار تعبها وسهرها الليالي الماضية. أمر سفرها بات محسومًا، عليها رؤية كارل قبل أن يموت، فلتُنحي مشاعرها جانبًا وتمنحه على الأقل أمنيته الأخيرة، ستراه مجددًا بعد كل هذه السنين، ولا تعرف كيف سيكون اللقاء.
تنهدت وعقلها ينتقل للسبب الآخر لعذابها، لن يتوقف عن البحث عنها ولو أرادت الهرب منه فهي تخاطر الآن بمغادرتها لشقة بيير، لكنّها سئمت من جبنها وترددها. بيير كان محقًا، لن تتجاوزه ما دامت تكرر أخطاء الماضي. لن تسافر حتى تقابله، ستخبره بكل شيء وستسمع منه، سيكشفان كل أوراقهما وبعدها تودعه للأبد، حان الوقت ليضعا حدًا للدوامة التي يدوران فيها منذ سنوات.
مسّدت بلوزتها الرقيقة وبنطالها الجينز ورفعت شعرها في كعكة ثم التقطت نظارة شمسية لتخفي عينيها الذابلتين. توقفت في الصالة عندما وجدت بيير ما زال جالسًا حيث تركته بعد مناقشتهما الحامية، كانت تعرف أنه لن يتقبل قرارها بعد أن رفضت حتى مرافقته لها، لكن يجب أن تأخذ هذه الخطوة وحدها، لن تعتمد عليه طيلة حياتها لينقذها. تحركت لتقف أمامه فرفع رأسه يتأملها مليًا ثم زفر بمرارة
"ما زلتِ مصرة على قراركِ؟"
جلست قربه وقالت بهدوء
"بيير، أنت نفسك قلت أنني لن أتجاوز الماضي إن كررت نفس الخطأ"
التفت نحوها مقطبًا بضيق
"لم أقل لكِ اذهبي لتقابليه وخاطري بوقوعكِ في فخه مجددًا، قصدت أن تنسيه وتتابعي حياتكِ كأنه لم يكن"
"تعرف أن هذا غير ممكن، لا يمكنني النسيان وبيننا كل هذه الأمور العالقة والجراح وسوء الفهم، أحتاج لأفهم كل شيء قبل أن أمزق هذه الصفحة"
ضاقت عيناه بنظرات ألم، يخشى أن تتراجع عن قرار تمزيقها لصفحتهما بعد أن تقابله ويتصارحان، يخشى أن يكتشفا أن ما فرقهما كان مجرد سوء فهم لا أكثر. هل هو أناني ليفكر هكذا؟ يتمنى أن يكون حبيبها وغدًا بالفعل وألا تعود إليه، ما الذي يفكر فيه؟ هذه سيلينا صديقة عمره وحبيبته، سيلينا التي فعل كل شيء ليتأكد من أنها سعيدة. هي المرأة الوحيدة التي عشقها ومن بعدها صارت كل النساء لا شيء، كيف يتخلى عن حلمه وأمله في الحصول على قلبها خالصًا؟
أنت تقرأ
سديمُ عشق "ثلجٌ ونار"(الجزء الثاني من سلسلة حكايات الحب والقدر) (قيد المراجعة)
Romansaنظرت في عينيه اللتين أخبرتاها بصدقه .. هي تعرف هذا .. تعرف أن ما فعلته قديماً قضى على كل أملٍ لديها لتحصل يوماً على مغفرته .. لكنّها لا تبحث عن المغفرة وحتماً لن تركع لتطلبها .. قاومت تأوهاً كاد يغادر شفتيها وأصابعه تنغرس في ذراعيها بقسوة، لكنّها فش...