وَإِنّي لَأَستَغشي وَما بِيَ نَعسَةٌ
لَعَلَّ خَيالاً مِنكِ يَلقى خَيالِيا
هِيَ السِحرُ إِلّا أَنَّ لِلسِحرِ رُقيَةً
وَأَنِّيَ لا أُلفي لَها الدَهرَ راقَيا
"قيس بن الملوح"
**********************
تحركت سديم بخطوات مرتجفة متخبطة تكاد تتعثر في كل خطوة وتحرك صدرها بشهقات عنيفة... تكاد تختنق... نظرت للأفق أمامها وتوقفت وهي تراه محمراً كلون الدم ليزداد اختناقها ورفعت يديها إلى كفيها... توقفت عيناها بارتياع على الدم الذي أغرقهما وسال منهما على ثيابها وعلى الأرض... راقبت الأرض تذوب وتذوب حتى انفتح أسفلها لتهوي من عل وصرخت دون صوت وهي تهوي... كادت تصطدم بالأرض لولا أن شهقت بقوة واستيقظت بعينين مفتوحتين على وسعهما وأنفاس متسارعة مرتعبة... خفضت عينيها بسرعة تنظر لكفيها المرتجفتين ولم تلبث دموعها أن سالت وهي تسترجع في لحظة تلك الدقائق التي عاشتها هناك في المخزن... هل كانت تحلم؟... لا... كانت هناك فعلاً؟... وهو كان هناك تحت رحمتها... صوبت مسدسها إليه وهي تقتل داخلها كل صوت يأمرها بالتردد... كيف فعلتها؟... لقد كادت ترتكب أكبر خطأ في حياتها... كادت تقتل شخصا... كادت تفقد آخر فرصة لها لتحتفظ بإنسانيتها... كيف استسلمت لضعفها وتركت سيلين تعود لتسيطر عليها؟... انهمرت دموعها أكثر وهي تغرس أصابعها في شعرها... ماذا لو لم يصل آدم وهشام ويمنعانها من ارتكاب هذه الجريمة؟... كانت ستخسر نفسها للأبد... اختنقت ببكائها وهي تهمس
"سامحني يا ربي... سامحني"
لقد ضعفت... تركت يأسها وصدمتها يسحبانها عن الطريق... هل تستغرب هذه النتيجة؟... كان يجب أن تتوقع منذ تركت أمانها وقوتها وراءها بتخليها عن مصدرهما... عن أحبائها... سديم ليست سيلينا أبدا... تلك الأخيرة لم تعرف معنى العائلة ولا القوة التي يمنحها لنا من يحبونها... حتى وبيير يمنحها حبه ودعمه كانت تصر على البقاء وحيدة... تؤمن بقوتها وحدها لكن سديم... سديم ولدت بعائلة... ولدت بالحب... ماتت مع رحيل العائلة وعادت للحياة بعودتها لعائلتها من جديد... لهذا لا يمكن لسديم أن تنجو بمفردها... رفعت رأسها في اللحظة التي طُرق فيها الباب وانفتح ليدلف منه آدم وانتفض قلبها بعنف مع رؤيته... تنفست بصعوبة وهي تنظر له بذهول بينما يقترب قائلاً بحنان
"هل استيقظتِ حبيبتي؟... كيف تشعرين الآن؟"
لم تنطق بحرف وعيناها تتبعانه في حركته حتى جلس بجوارها ومد يده يلامس شعرها برقة
"لقد أقلقتِنا عليكِ كثيراً سديمي... لولا أنّ الطبيب طمأننا عليكِ لمتنا قلقا... لقد نمتِ لوقتٍ طويل... لا بد أنّ جسدكِ كان مرهقاً"
سالت دموعها وهي لا تزال تنظر له في صمت فمد يده يمسح دموعها ومال يقبل جبينها بحب
"لا تفكري في أي شيء الآن ولا ترهقي نفسك... سنتحدث لاحقاً في..."
أنت تقرأ
سديمُ عشق "ثلجٌ ونار"(الجزء الثاني من سلسلة حكايات الحب والقدر) (قيد المراجعة)
Romanceنظرت في عينيه اللتين أخبرتاها بصدقه .. هي تعرف هذا .. تعرف أن ما فعلته قديماً قضى على كل أملٍ لديها لتحصل يوماً على مغفرته .. لكنّها لا تبحث عن المغفرة وحتماً لن تركع لتطلبها .. قاومت تأوهاً كاد يغادر شفتيها وأصابعه تنغرس في ذراعيها بقسوة، لكنّها فش...