الفصل السابع والعشرون

10.2K 255 33
                                    


نفث عاصي دخان سيجارته وهو يقف في شرفة غرفته... لا يتوقف عن اجترار ذكرياته ويأخذه عقله لساكنة قلبه العصية... لا يعرف ماذا يفعل معها... هي حتى لا تسمح له بمجرد اقتراب فكيف يمكنه أن يطمع في نيل غفرانها يوما... هل يحق له لومها من الأساس؟... هو الأحمق الذي أفسد كل شيء وأضاعها من يده... زفر بحرقة وهو يضرب على قلبه... ليته يهدأ قليلا... ليت النار داخله تخمد ليفكر بتعقل في خطوته القادمة... أغمض عينيه يستعيد مواجهتهما الأخيرة، وكان خطأ فادحًا لأن النار بقلبه استعرت أكثر... هل اعتقد أنّ كلمة آسف ستمحو كل شيء؟... أحمق مغرور... أنت أكبر أحمق ومغرور في العالم عاصي رضوان... كانت أمامك... قدمت لك حبها خالصاً فماذا فعلت؟... تأوه وطيفها لا يتوقف عن تعذيبه بكل لحظات قربها... حبها الطاهر يزيد عينيها ألقا... عسليته التي أطفأ نور عينيها بجريمته.

"عاصي"

همسة رقيقة قاطعت أفكاره وتوقف قلبه وهو يلتفت ليجدها قربه بابتسامة أرق من ورودها... اقربت دون أن تخبو ابتسامتها أو نظرة العشق في عينيها... هو يهذي... لوت شفتيها بحزن ورمقته بلوم قائلة

"كم مرة سأقول لك لا تدخن عاصي؟... ألا تريد حتى أن تفعل هذا الشيء الصغير من أجلي؟"

ارتفع حاجباه وهو يهمس اسمها، لتنتزع السيجارة تلقيها بعيدًا ورفعت ذراعيها تلفهما حول عنقه واقتربت حتى لامست أنفاسها شفتيه ليتخبط قلبه بجنون

"إن لم يكن من أجلي فمن أجل صحتك... من أجل أطفالنا... هل هذا مثال جيد ليحتذوا به؟"

همس بصوتٍ مرتجف

"أطفالنا؟"

اقتربت أكثر ليغمض عينيه بعذاب

"نعم أطفالنا حبيبي... ألا تريد أن يكون لنا أطفال؟"

خفق قلبه أكثر... أطفالاً من عسليته؟... أتسأله؟... هل هو مجنون ألا يفعل؟... أطفالاً يشبهونها... حبيبته العصية... حبيبته التي تكاد توقف قلبه بقربها وهمساتها و..

تأوه بألم وفتح عينيه ملقياً عقب السيجارة التي أحرقت أصابعه وانتزعته من أحلام يقظته... تحسس قلبه زافراً بحرارة... كان يهذي حقا... سيفقد عقله بسبب خيالاته عنها... دهس عقب السيجارة واندفع ليغادر غرفته... لن يحتمل طويلا... يجب أن يجد حلا... لو ظل هكذا سيُجن... تطلع بحذر وهو يتسلل بهدوء إلى غرفتها... تبا... لماذا عليه أن يتسلل كاللصوص إلى غرفة زوجته؟... حسنا... قريبًا جدًا سيستعيدها ولن يقف بينهما شيء... كل عزمه تبخر فور توقفه أمام بابها وعاوده التوتر وهو يمد يده ليفتحه بحذر... من الأفضل أن تكون قد غرقت في النوم وإلا لن ترحمه وستتسبب له في فضيحة... تنفس بعمق وأطل عبر فتحة صغيرة لتتوقف عيناه على وجهها الغارق بالنوم... تسلل على أطراف أصابعه مغلقاً الباب برفق واتجه نحو فراشها... جلس بهدوء محاولاً ألا يصدر صوتًا وتأمل وجهها مبتسماً وهمس

سديمُ عشق "ثلجٌ ونار"(الجزء الثاني من سلسلة حكايات الحب والقدر)  (قيد المراجعة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن