الفصل الثامن والخمسون (الجزء الثاني)

5.9K 247 34
                                    

رمت سديم فحوصاتها الجديدة جانبًا وتنهدت وهي تسترخي في مقعدها أمام الشرفة تتطلع بعينين غائمتين للخارج وعقلها يسترجع كلمات الطبيب الإنجليزي الذي راجعته لتطمئن... لامست بطنها بخوف.... تخشى أن يصيب جنينها أي مكروه إن خضعت للعلاج بأي شكل... خانتها دمعتان أسرعت تمسحهما وهمست وهي تمسح على بطنها

"لا تخافي حبيبتي... لن يصيبكِ شيء... ماما ستحميكِ بحياتها"

التقطت هاتفها تقلب فيه بعينين دامعتين، ولامست بأصابع مرتجفة صورة آدم وهمست وهي ترفعها لفمها تقبله باشتياق

"اشتقت لك... لا تعرف كم يقتلني فراقك... أعرف أنّك لن تسامحني لكنني أحبك لدرجة أن أحتمل غضبك على أن تتعذب بسببي"

قلبت في باقي الصور وارتجف قلبها وعيناها تعانقان صور رفيف على هاتفها... صور كثيرة معها... تعانقها بحب... صور أخرى متعلقة في رقبتها بسعادة تتألق في وجهها الصغير... بعض الصور القليلة مع رامي الذي يتصرف بنضج غريب لولا لحظات تخونه فيها طفولته... تركت دموعها تسيل في ألم... كم تشتاقهما... لا بد أنّهما هما الآخران غاضبان منها... لقد خانتهما... بكت في حرقة وهي تقبل وجهيهما

"سامحاني صغيراي... أنا آسفة"

وضعت يدها على بطنها هامسة بحرارة

"هذان أخواكِ حبيبتي... هذه الشقية رفيف... ستكون أختكِ الكبيرة وستحبكِ كثيراً وتعتني بكِ عندما تذهبين إليها... وهذا رامي... إنّه كوالدكِ تماماً حتى في غضبه وخصامه"

ضحكت من بين دموعها وأكملت

"سيكون رجلاً رائعاً مثله... سيكون أخًا قوياً ومحبًا، سيحميكِ ويضعكِ في عينيه... تماماً مثل خالكِ هشام"

اهتز قلبها مع ذكره.... لا بد أنّه يبحث عنها بجنون الآن... بكت أكثر وعقلها يؤنبها للمرة الألف على تصرفها الغبي.... الذنب والندم يقتلانها كل لحظة لكن فات الأوان... خفضت الهاتف واستسلمت لدموعها لدقائق، حتى بدأ بكاؤها يهدأ وأنّبت نفسها تتذكر نصيحة الطبيب بالابتعاد عن الضغوط النفسية حتى لا يتأثر حملها أكثر... مسحت على بطنها برفق

"أنا آسفة يا روحي... لن أتعبكِ معي... سنكون بخير نحن الاثنتين"

بقيت في مقعدها لوقتٍ لم تحسبه مغمضة تحاول الشعور بسكينة تعرف أنّها لن تجدها ما دامت تركت أمان عائلتها وهربت... أيقظها رنين الهاتف فأسرعت تلتقطه... أخيراً اتصل بعد الانتظار المرير الذي عاشته منذ كلّمته وأرسلت له كل بيانات الوغد الذي تريده... ردت على المكالمة بلهفة

"مرحبًا فيليب... هه ما الأخبار عندك؟... أحضرته؟"

وصلها صوته بثقة

"هل تشكين فيّ سيلينا؟"

ضحكت بارتجاف مترقبة

"بالتأكيد لا... لكن أنت تعلم أهمية الأمر لي"

سديمُ عشق "ثلجٌ ونار"(الجزء الثاني من سلسلة حكايات الحب والقدر)  (قيد المراجعة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن